هناك عباقرة وعظماء خدموا الدين والوطن والأمة بصدق وإخلاص.. فكانوا أمناء شرفاء وقادة أوفياء.. حتى أضحت أعمالهم منارات تضيء شعاعاً لا ينقطع، ونوراً يسطع في دجى الظلام.. ومن هؤلاء صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبدالعزيز آل سعود - حفظه الله - وزير الداخلية ورجل الأمن الأول في هذا الوطن المبارك الذي نرفع له أسمى آيات التهاني والتبريكات وخالص الود والاحترام والتقدير والتهنئة القلبية الصادقة، بمناسبة منح سموه الكريم شهادة الدكتوراه الفخرية في (خدمة السنة وعلومها) من جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية الذي وافق على ذلك مجلسها في جلسته الرابعة المعقودة يوم الأحد الماضي الموافق 17-2-1429هـ.
إن ذلك ليُعَدُّ في الحقيقة مفخرةً لهذه الجامعة، وشرفاً لها ولمنسوبيها.. حيث إن منحه إياها - وفقه الله - لم يأتِ من فراغ، فجهود سموه الكريم في خدمة السنة النبوية سلفاًَ وخلفاً أكثر من أن تُعد.. وأكبر من أن تُحصى.. فما من مناسبة لها علاقة بالسنة بخاصة إلا ونجد سموه الكريم سباقاً إلى ذلك (اهتماماً ودعماً ورعاية وتشجيعاً وتوجيهاً)، ومن ذلك على سبيل المثال لا الحصر:
- جهوده المحسوسة والمشاهدة في رعاية ودعم (جامعة نايف للعلوم الأمنية)، ومعلوم فضائلها في الاهتمام بالتشريع الجنائي الإسلامي ودراسته، الذي يستمد مادته العلمية من الكتاب والسنة.. وتكفله - رعاه الله - بتخصيص منح دراسية لهذه الجامعة للدول العربية من ماله الخاص.
- تخصيص جائزة قيمة نفيسة تحمل اسم سموه - رعاه الله - باسم (جائزة نايف بن عبدالعزيز آل سعود العالمية للسنة النبوية والدراسات الإسلامية المعاصرة)، هذه الجائزة التي تحمل اسمه والتي هي عبارة عن جائزة عالمية تقديرية تمنح بصفة دورية كل عامين في مجال من مجالات خدمة السنة النبوية تكريماً لأصحاب الجهود المتميزة في خدمة السنة النبوية، وتشجيعاً للباحثين وترغيباً لهم في خدمة السنة وعلومها.. هذه الجائزة المقدرة بـ(200000) مائتي ألف ريال تصرف قيمتها ونفقاتها من الحساب الخاص لسموه الكريم ابتغاء وجه الله، وطلباً لرضاه.. فضلاً عن الأثر المعنوي لهذه الجائزة..
كل ذلك وفق ضوابط علمية ومنهجية محددة منشورة ومعلومة للمهتمين وذوي الاختصاص..
- إقامة مسابقة سنوية في حفظ الحديث النبوي بعنوان (مسابقة الأمير نايف بن عبدالعزيز آل سعود لحفظ الحديث) تستهدف الناشئة من الشباب والفتيات في مراحل التعليم المختلفة بهذه الدولة المباركة.
- طباعة الأبحاث المختصة والمتميزة في مجال السنة وعلومها وتوزيعها مجاناً على نفقة سموه الكريم على الجمعيات والمراكز العلمية والمهتمين..
- إنشاء وقف خيري خاص يكون ريعه يصرف على خدمة السنة والدراسات الإسلامية المعاصرة..
فَمَن للسنة إذاً - عناية ورعاية واهتماماً - إلا سموه الكريم وأمثاله من الولاة والعلماء المخلصين..
حيث إن سموه - حفظه الله - ينتمي إلى هذه الدولة المباركة بل وأحد ولاة أمرها المخلصين، وابن مؤسس هذا الكيان العظيم وهذا الصرح الشامخ ألا وهو الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود - طيب الله ثراه..
هذه الدولة التي اتخذت من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم دستوراً لها ومصدراً للأحكام فيها..
فالسنة هي كما نعلم المصدر الثاني من مصادر الأحكام الشرعية وكفى بهذا شرفاً وفخراً لهذه الدولة تطبيقها لشريعة الله في كل شؤونها..
وسنة الرسول صلى الله عليه وسلم هي ما صدر عنه صلى الله عليه وسلم من قول أو فعل أو تقرير، وهي تبيان للقرآن وموضحة له، فالنبي صلى الله عليه وسلم أوتي القرآن ومثله معه، وذلك (سنته).. وقد اجتهد العلماء والولاة في حفظها والاعتناء بها وخدمتها شرحاً وتأليفاً ونشراً وعملاً وتطبيقاً..
والاعتصام بها ومعرفتها حق المعرفة بعد كتاب الله ضمان لأي انحراف خلقي أو سلوكي أو اعتقادي أو فكري.. فهي تقي - بعد توفيق الله - من الشبهات والشهوات..
وسموه الكريم قد اعتنى بأمر مهم ألا وهو تحقيق الأمن الفكري - المنطلق من الكتاب والسنة - ونشره وبيانه وتوضيحه والدعوة إليه ومحاربة كل فكر منحرف أو ضال أياً كان مصدره أو مكانه أو نوعه.. لما يؤدي إليه من إرهاب وإضلال وإفساد وخروج وبغي.. ومن ثم نجد أن سموه الكريم يحذر في كل مناسبة من الانحراف الفكري بشتى صوره وأشكاله.. ويوجه إلى تحقيق الأمن في المجتمع والدولة بل ولكل فرد.. بشقيه الأمن الفكري والجسدي.. الذي هو فرع من فروع الأمن الوطني الذي ننشده جميعاً.. كما يدعو - حفظه الله - إلى الوحدة والائتلاف ونبذ الفرقة والخلاف.. ولزوم الطاعة والجماعة.. وحفظ الأمن وأن يكون كل فرد ومواطن ومقيم ووافد إلى هذه البلاد رجل أمن.. فقد أتعب نفسه - حفظه الله - في حمل شجون وهموم الأمن وتوجيه الناشئة بخاصة إلى تحقيقه بشتى صوره وأشكاله.. وربطهم بكتاب ربهم وسنة نبيهم وسير أسلافهم الصالحين.. الذين عرفوا الحق وعملوا به.
أستاذ الفقه في كلية الشريعة بالرياض ومستشار معالي مدير الجامعة