مثّلتْ المكتباتُ العامة قيمةً ثقافية لجيلنا المكتهل، لكنها ليست كذلك للأجيال الشابة؛ فقد توافرت لهم وسائطُ معرفيةٌ أخرى، وانقادت المعلومات للمسة زر، وكنا نقضي أياماً من أجل قراءة شخصية ومعرفة قائل ومقارنة وقائع فبتنا على مسافة دقائق من التحصيل وإضافة التدليل والتعليل والتحليل.
** لم تؤذن شمسُ الكتاب بغياب وإنما اختلفت وسائطُه، ولم تعد حكاياتُنا حول الفقه الثقافي ورحلة القراءة المبكرة تعني شيئاً لأبنائنا، وباتت محركات البحث (حتى لنا) أهم من (الفهرست وكشف الظنون وتاج العروس وتاريخ التراث العربي).
** لا يُحسُّ الشباب بقصور إن لم يتصفحوا (صبح الأعشى والعقد الفريد)، ويظلون يبحثون عن معرفة مختلفة تلائم إيقاع حياتهم، ويبقى الكتابُ الدينيُّ كما الرواية وكتب الطبخ والتنجيم والعلاج بالأعشاب في قائمة أكثر المبيعات مثلما تشهد معارض الكتب، وربما إلى حين.
** انتهت المكتبات العامة بشكلها القديم، ولن تبعث فيها الروحَ ذكرياتٌ وحسرات؛ فالوقت لا يأبه لمن لا يسير معه، والأطلال لا تَرجع قصوراً، والكتاب لم يعد المطبوعَ فقط.
** يغادرُ جيلنا الواجهة لتحل مكانه أجيال أدمنت المعرفة الإلكترونية، وننبهر أمام طفل يتعاملُ مع التقنية مثلما يأكل (الهمبرغر) ونتفرج عليه -كتلاميذ- وهو يحرك أصابعه لحل ما يعترضنا من مشكلات، أفليست هذه ثقافة لم ينلْها الشيوخ ومريدوهم؟
* التطور سُلْطة مسالمة.
Ibrturkia@hotmail.com