سعدت في الست سنوات الماضية أن أكون رئيساً لمجلس إدارة الجمعية السعودية للإعلام والاتصال، حيث كانت مرحلة تأسيس حقيقية، واحتاجت الفترة الماضية إلى جهد كبير على كافة المستويات
الجامعية والمحلية والدولية حتى تصبح الجمعية السعودية للإعلام والاتصال مؤسسة إعلامية أكاديمية لها حضورها ومكانتها الكبيرة والمهمة في الوسط الإعلامي المحلي والعربي والدولي.
وقد تشرفت بخدمة هذه الجمعية خلال الفترة الماضية بكل إخلاص وحب لها، وبذلت مع كافة زملائي في مجلس الإدارة وفي الجمعية العمومية ما استطعنا من أجل أن نحقق أهداف الجمعية.
وهناك منعطفات إيجابية ومنعطفات سلبية واجهتها الجمعية خلال الفترة الماضية، وربما للتاريخ وللحقيقة أريد أوضحها في هذا المقال وباختصار شديد:
أولاً: المنعطفات الإيجابية:
1- المنعطف الأول المهم الذي ساعد على استمرار الجمعية هو الدعم الذي تلقته الجمعية من صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبدالعزيز ولي العهد الأمين، الذي أكرم الجمعية بحسن استقباله وبجوده المعهود وبرؤيته البعيدة في أن دعم مثل هذه الجمعية هو دعم للإعلام والدراسات الإعلامية وللجهود الإعلامية في تحسين صورة المملكة في العالم.. وهنا لا بد أن أشير إلى أن سموه قد تبرع يحفظه الله بمليوني ريال لصالح أحد منتديات الجمعية، وهو أهم منتدى نظمته الجمعية تحت عنوان (صورة المملكة العربية السعودية في العالم). واستشعاراً من سموه بأهمية هذا الموضوع قدم سموه هذا الدعم الذي مكن الجمعية من استقطاب باحثين ومتخصصين إعلاميين من مختلف دول العالم، من نيوزيلندا لأمريكا، لروسيا وكوريا وأوروبا وغيرها من الدول الإسلامية والعربية. كما أن سموه عندما أبلغناه عن حاجتنا لبناء مقر دائم للجمعية، فقد تفضل سموه بالتبرع بمبلغ مليوني ريال أخرى لصالح بناء هذا المقر، وهذا إسهام أساسي في بناء مقر الجمعية.
2 - المنعطف الثاني: كانت موافقة صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبدالعزيز وزير الداخلية على طلب الجمعية أن يكون سموه الرئيس الفخري لها، هو أهم حدث أثر إيجابياً على النجاحات التي حققتها الجمعية في السنوات الماضية. فقد كان سموه هو المظلة التي استظلت بها الجمعية في كثير من أعمالها، كما أن رعاية سموه لمنتديات الجمعية حقق لنا نجاحات كبيرة وانتشاراً واسعاً لنشاطات الجمعية وبنى لها زخماً قوياً في وسائل الإعلام. كما أن سموه يحفظه الله قدم دعماً مادياً كبيراً بتبرع سموه بقطعة أرض كبيرة استثمارية من حسابه الخاص، وتقدر بعدة ملايين ريال، كما أبدى سموه استعداده للمساهمة في بناء مقر دائم للجمعية.. وهنا أقول وبكل صراحة، لولا فضل الله، ثم مظلة الأمير نايف للجمعية كانت جمعيتنا في وضع صعب جداً، وكانت جهات مختلفة من هنا وهناك قد وأدت هذه الجمعية إلى الأبد.
3- صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز استقبل أعضاء مجلس إدارة الجمعية أكثر من مرة، وعبر عن استعداد سموه لمساندة الجمعية فيما تحتاجه.. وحينما سعت الجمعية إلى الحصول على منحة ملكية في فترة ماضية، تفضل سموه بدعم طلب الجمعية لمقام خادم الحرمين الشريفين، وفعلاً استطاعت الجمعية أن تحصل على منحة مقر للجمعية في حي العقيق، وبمتابعة من سمو أمين منطقة الرياض الدكتور عبدالعزيز بن عياف، تسلمت الجمعية وثيقة المقر في موقع متميز..
4- وزارة التعليم العالي برئاسة وزيرها الدكتور خالد بن محمد العنقري يعتبر من أصدقاء الجمعية، فلم يتوان إطلاقاً أن يدعم الجمعية، وينافح عنها في مناسبات كثيرة.. وأهمية التعليم العالي بالنسبة للجمعيات مهم جداً باعتبارها المظلة الإدارية الأكبر التي تستظل بها جميع الجمعيات العلمية في المملكة.
5 - وجامعة الملك سعود هي التي احتضنت الجمعية ووجدنا الدعم من معالي مديرها السابق الدكتور عبدالله الفيصل ومديرها الحالي الدكتور عبدالله العثمان، إلى جانب كافة الإدارات المختلفة في الجامعة.
المنعطفات السلبية:
من أهم المنعطفات السلبية هو سوء الفهم في دور ومكانة الجمعية وبخاصة من قبل المؤسسات الإعلامية الرسمية، فقد تحول مفهوم الدعم المأمول من قبل وزارة الثقافة والإعلام إلى جهود تقويضية لنشاطات وأهداف الجمعية.. وهذا الاتجاه دام تقريباً الست سنوات الماضية من عمر الجمعية، بدون استثناءات تقريباً. والوزارة - وأرجو أن يتقبلوا عتب المحب لهم دائماً - تظن أن عمل الجمعية يتداخل مع عملها التنفيذي، حتى أن أحد التقارير المرفوعة إلينا من مقام الوزارة في فترة ماضية كانت ترغب منا إيقاف الدراسات والبحوث المختصة بالإعلام السعودي وإلغاء الاهتمام بالمؤسسات التنفيذية المختصة في مجال الإعلام لأن هذا تدخل في شؤونها.. وقلنا في نفس الاجتماع، إذا أوقفنا البحث والدراسة عن إعلامنا، فيجب أن نقوم بدراسة الإعلام في كوستاريكا أو نيكاراجوا بدلاً من استثمار الطاقات التي لدينا في خدمة إعلامنا السعودي. وقلنا كذلك إنه يجب أن تتحول جمعية الزراعة عن الاهتمام بالزراعة في المملكة، وجمعية العمران عن الاهتمام بالمدن السعودية، وجمعية الاقتصاد يجب أن تهتم بالاقتصاد في كندا وكوريا وبوركينا فاسو بدلاً من الاهتمام بالاقتصاد السعودي.. نعم هذه الرؤية التي حوربت بها الجمعية في السنوات الماضية.. وكلما حاولت الجمعية أن تتقرب من جهاتنا التنفيذية كلما ابتعدت تلك الجهات، وأعاقت أي تعاون مثمر بين الطرفين.. وهناك مواقف مأساوية جداً لا أستطيع أن أبوح بها من على صفحات الإعلام.
وعموماً، وعلى الرغم من هذه المصاعب التي واجهناها، إلا أن قوة الإرادة لدى أعضاء الجمعية هي التي حالت دون انهيارها، واستسلامها إلى الأبد.. كما أن قوة الجمعية جاء من سلطات أعلى من المؤسسات التنفيذية الإعلامية، وهذا هو ما ساعدنا على الاستمرار والمكوث إلى هذا اليوم.. وأخيراً، فقد سعدت أنني سلمت الراية لزميل آخر (الدكتور فهد الطياش) في رئاسة الجمعية بعد انتهاء فترتين رئاسية لي، من خلال الانتخابات التي جرت مساء الثلاثاء الماضي بجامعة الملك سعود، ومع الدكتور الطياش نخبة من الزملاء الأفاضل الذين سيواصلون مشوارنا المهم في هذه الجمعية بمشيئة الله.. فالأشخاص يغادرون، والمهم هو أن تظل المؤسسات تعمل على أفضل وجه.
المشرف على كرسي صحيفة الجزيرة للصحافة الدولية
أستاذ الإعلام المشارك بجامعة الملك سعود
alkarni@ksu.edu.sa