موت العلماء الربانيين خسارة عظيمة للأمة التي تعرف قيمتهم وتدرك أهميتهم، وتعلم ما يترتب على فقدهم، وكان الناس ولا يزالون يبكون العلماء الربانيين.
لما مات زيد بن ثابت - رضي الله عنه- قال أبو هريرة رضي الله عنه: (مات اليوم حبر هذه الأمة ولعل الله يجعل في ابن عباس منه خلفاً). وبقي ابن عباس - رضي الله عنهما- عالماً للأمة وإماماً لها سنوات طويلة، فلما مات صفق جابر بن عبدالله -رضي الله عنهما- بإحدى يديه على الأخرى وقال: (مات أعلم الناس وأحلم الناس، ولقد أصيبت به هذه الأمة مصيبة لا ترتق).
وإنما كان موت العلماء الربانيين مصيبة عظيمة لأنه من نقص الأرض بنقص الدين والعلم فيها {أَوَلَمْ يَرَوْاْ أَنَّا نَأْتِي الأَرْضَ نَنقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَا} قال عطاء -رحمه الله تعالى- في معنى نقصها: هو ذهاب فقهائها وخيار أهلها.
وبتوافر العلماء الربانيين صلاح الدين والدنيا، وبفقدهم فسادهما، كما قال الزهري -رحمه الله تعالى- : (كان من مضى من علمائنا يقولون: الاعتصام بالسنة نجاة، والعلم يقبض قبضاً سريعاً، فبعث العلم ثبات الدين والدنيا وفي ذهاب العلم ذهاب ذلك كله).
ولقد رزئت الأمة في العقد الثالث من المائة الخامسة بعد الألف بكوكبة من العلماء الربانيين تلاحقوا في سنوات قلائل، ففتح على الناس باب من الشر عريض، وكثر الاختلاف ف{إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ} وجبر الله مصاب المسلمين في علمائهم وجعل في الخلف منهم عوضاً عن السلف.
* الرياض