الرياض - خاص ب(الجزيرة)
طالب داعية إسلامي جميع المسلمين من العرب والعجم بتعلُّم السنة والسيرة النبوية، وأن يلتزموا بها، وبأحكامها.. باعتبارها المصدر الثاني من مصادر التشريع الإسلامي، مقترحاً إنشاء معهد لإعداد وتأهيل المترجمين المتخصصين في العلوم الشرعية، تحت إشراف إحدى الجامعات الإسلامية، مثل جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالرياض، أو جامعة أم القرى بمكة المكرمة، أو الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة، من أجل الرقي بمستوى ترجمة السنة خصوصاً، والعلوم الشرعية عموماً.
جاء ذلك في لقاء مع فضيلة الشيخ عمر بن عبدالرحمن العمر مدير المكتب التعاوني للدعوة والإرشاد وتوعية الجاليات بالثمامة وعضو اللجنة التحضيرية لندوة ترجمة السنة والسيرة النبوية، التي ستنطلق فعالياتها يوم غدٍ السبت الثالث والعشرين من الشهر الجاري تحت رعاية صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبدالعزيز آل سعود وزير الداخلية.
* نرجو إلقاء الضوء على عناية المملكة العربية السعودية بالسنة النبوية؟
قامت بلادنا ولله الحمد على منهج واضح أصيل في الالتزام بالشريعة الإسلامية السمحة وتطبيقها بين الناس واعتمدت الكتاب والسنة مصدرين أساسيين للحكم حيث ورد في النظام الأساسي للحكم الصادر بالمرسوم الملكي رقم أ- 90 وتاريخ 27-8-1412هـ: (يستمد الحكم في المملكة العربية السعودية سلطته من كتاب الله وسنة رسول صلى الله عليه وسلم وهما الحاكمان على النظام وجميع الأنظمة في الدولة).
ومن الدلائل الواضحات على اعتماد الدولة على الكتاب والسنة وجود الشهادتين مسطرتين على العلم الرسمي وتركيز المناهج الدينية على تعليم الطلاب والطالبات كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم.
ومما يدل أيضاً على اهتمام ولاة الأمر - وفقهم الله - بالسنة والسيرة النبوية ما قام به صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبد العزيز رجل الأمن الأول وخادم السنة النبوية بتخصيص جائزة عالمية للسنة والسيرة النبوية وكذلك تخصيص جائزة محلية لحفظ الحديث النبوي لجميع الطلاب والطالبات في أنحاء المملكة، ومن أواخر مبادرات سموه الكريم إنشاء كرسي للبحث في مجال السنة النبوية في رحاب جامعة الملك سعود لدعم الأبحاث العلمية والبرامج المتخصصة.
* ما هي أهمية ترجمة السنة والسيرة النبوية ؟
- السنة الصحيحة وحي من الله كالقرآن تماماً، لقول الله تعالى {وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى (1) مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى (2) وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى (4)وفي الحديث الذي أخرجه الحاكم في مستدركه بإسناد صححه الألباني (ألا إني أوتيت القرآن ومثله معه) فالسنة توضح مجمل القرآن وتقيد مطلقه وتخصص عامه وقد تأتي بأحكام ليست في القرآن ولهذا كانت المصدر الثاني من مصادر التشريع الإسلامي بعد القرآن الكريم وإذا كانت السنة بهذه المثابة فلا بد لجميع المسلمين من العرب والعجم أن يتعلموها ويلتزموا بأحكامها ولتحقيق ذلك جاءت العناية بترجمة السنة وخصوصاً أمهات الكتب الحديثية إلى جميع اللغات الحيَّة ولا سيما في هذا العصر الذي تقاربت فيه الشعوب والحضارات وتطورت وتنوعت وسائل الاتصال الحديثة فأصبحت ترجمة السنة النبوية ضرورة ملحة للمسلمين غير الناطقين باللغة العربية حتى يعبدوا الله على بصيرة, وأيضاً لدعوة غير المسلمين ممن يريدون معرفة الإسلام على حقيقته خصوصاً في هذا الوقت الذي برز الأعداء فيه لتشويه صورة الإسلام وإخفاء محاسنه العظام والاستهزاء والتنقص من سيد الأنام - صلى الله عليه وسلم - وقد يقول قائل الأصل هو تعلم اللغة العربية لغير الناطقين بها من المسلمين لأن فهم القرآن الكريم واجب وقد نزل بلسان عربي مبين وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب، فيقال نعم هذا هو الأصل ولكن إذا تعذر عليهم ذلك ولم يجدوا من يعلمهم لغة العرب، فإننا لا نقف مكتوفي الأيدي بل علينا أن نساعدهم في ترجمة معاني القرآن والسنة الصحيحة إلى لغاتهم التي يتحدثون بها والواجب كما هو مقرر في الشريعة يسقط مع العجز ولا يكلف الله نفساً إلا وسعها.
* ما هي الصفات والشروط التي ينبغي توافرها للمترجم في مجال ترجمة السنة النبوية؟
- قد يعتقد البعض من الناس أن الإنسان إذا كان مجيداً للغتين، فإنه يستطيع بسهولة أن يترجم من اللغة الأولى إلى اللغة الثانية أو العكس وهذا المفهوم غير صحيح خصوصاً في مجال ترجمة العلوم الشرعية والسنة النبوية، فإن الترجمة علم مهم يحتاج إلى من يجيده ويتقنه، ولهذا ينبغي للمترجم أن يتصف بصفات مهمة حتى يكون مترجماً ناجحاً في مجال السنة والسيرة النبوية. وهذه الصفات على النحو التالي:
أولاً: أن يكون لديه حصيلة علمية مناسبة ومعرفة دقيقة بالمصطلحات الشرعية في مجال السنة والسيرة النبوية.
ثانياً: أن تكون الترجمة مبنية على الأصول الصحيحة والقواعد السليمة في علم الترجمة.
ثالثاً: الأمانة والدقة في نقل المعلومات.
رابعاً: أن يكون لديه القدر الكافي بمعرفة اللغة العربية وقواعدها النحوية وخصائصها البلاغية والبيانية.
خامساً: الإتقان والتمكن من اللغة الهدف المترجم إليها.
سادساً: القدرة العالية على الكتابة الصحيحة واختيار المفردات والعبارات المناسبة.
سابعاً: تقدير مستوى القارئ المستهدف واختيار الأسلوب الذي يناسبه في الترجمة.
ثامناً: مراعاة اللهجات المتعددة لبعض اللغات والإلمام التام باختلافاتها والفروقات بينها.
* هل لديكم مقترحات وأفكار تساهم في الرقي بمستوى ترجمة السنة خصوصاً والعلوم الشرعية عموماً؟
- ترجمة السنة والسيرة النبوية مشروع عظيم وهو في بداياته ومراحله الأولى ولا شك أنه يحتاج إلى مزيد من العناية والتطوير كماً وكيفاً، ولأجل الرقي بمستوى ترجمة السنة والسيرة النبوية هناك بعض المقترحات في ظني أنها ستساهم في دفع عجلة هذا المشروع المبارك إلى الأمام، ومن تلك المقترحات:
أولاً: الاستفادة من جائزة خادم الحرمين الشريفين عبد الله بن عبد العزيز العالمية للترجمة وهي جائزة تقديرية عالمية تُمنح سنوياً للأعمال المتميزة والجهود البارزة في الترجمة وقد أعلن عنها قبل سنتين تقريباً ونتمنى أن تخصص الجائزة فرعاً لترجمة معاني القرآن والكتب الحديثية الستة والمراجع الشرعية المهمة التي لا يستغني عنها المسلمون.
ثانياً: دعوة القائمين على جائزة الأمير نايف العالمية للسنة والسيرة النبوية لتخصيص فرع دائم مستمر من فروع الجائزة لخدمة ترجمة سنة النبي صلى الله عليه وسلم.
ثالثاً: تفعيل مركز خدمة السنة والسيرة النبوية في مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف ليقوم بدور المطلوب في مجال ترجمة السنة والسيرة النبوية بالمستوى الذي يقارب ترجمة معاني القرآن الكريم.
رابعاً: إنشاء معهد لإعداد وتأهيل المترجمين المتخصصين في العلوم الشرعية تحت إشراف إحدى الجامعات الإسلامية كجامعة الإمام أو الجامعة الإسلامية أو جامعة أم القرى.
خامساً: إنشاء مركز إسلامي خيري للترجمة يقوم على دعم المحسنين من رجال الأعمال المخلصين.
سادساً: إنشاء كراسي للبحث في مجال ترجمة السنة النبوية والعلوم الشرعية المختلفة.