على الرغم من انتشار الفضائيات، وتعدد وسائل المعلومات والاتصالات، وأبرزها الإنترنت، إلا أنه لا يزال للإذاعة الصدى الواسع، والانتشار الكبير حتى الآن، ذلك أن المذياع يرافق السائق في سيارته، والمزارع في حقله، والراعي مع أغنامه، وربة البيت في منزلها، حتى في سرير النوم، هذه هي الإذاعة، يزاد على ذلك قلة تكاليفها، وسهولة حملها.

ولا شك أن مستمعي الإذاعة قد انخفض عددهم، ولا سيما مع الجيل الجديد الذي اتجه للوسائل الجديدة، إلا أن عشاق الإذاعة لا يزالون كما كانوا يتواصلون معها، وبخاصة البرامج القديمة التي استمرت عقودا من الزمن، وفي مختلف بلدان العالم هناك برامج تعدت الأربعة والخمسة عقود، وهي برامج يومية مستمرة.

ومن البرامج الجماهيرية ذات الشعبية الكبيرة في إذاعتنا المحلية التي حققت النجاح، والتواصل، والانتشار الكبير، البرنامج النافع الماتع والشيق المفيد (نور على الدرب)، وإذا ما أردنا أن نعرف مقياس هذا النجاح، فلنعرف أن عمر البرنامج تجاوز الثلاثين عاماً، وما زلت أتذكر صوت عبدالله بن خلفه الغامدي - حفظه الله -، وسليمان الشبانة - رحمه الله -، وهم الأوائل الذين قدموا البرنامج، وأتذكر وأترحم على المشايخ الأفاضل الذين مروا ضيوفا على البرنامج، كأمثال الشيخ عبدالله بن حميد، والشيخ صالح الناصر، والشيخ صالح بن غصون، والشيخ عبدالعزيز بن باز، والشيخ محمد بن عثيمين - رحمهم الله جميعا -، وقد أوردتهم على حسب أقدمية وفاتهم، وكأنهم اليوم بيننا.

والدليل الآخر على نجاح هذا البرنامج أن النسبة الكبيرة من المتصلين هم من خارج المملكة، على الرغم من الاختلافات الفقهية عن بلدانهم، ومشايخهم، وعلى الرغم من وجود وسائل اتصال حديثة، كالفتاوى المباشرة على القنوات الفضائية.

ولقد أحسنت إذاعة القرآن الكريم صنعا عندما أعادت بعض الحلقات القديمة من البرنامج على المستمعين، فالعلم الشرعي لا يتقادم مهما طال الزمن، وأثره النافع يمتد جيلا بعد جيل، إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها، ولكنني أتمنى بعد تطور التقنيات الحديثة أن تقوم الإذاعة بما يلي:

- إنشاء موقع لها على الإنترنت يسهم في وصول الإذاعة لجميع قارات العالم، دون الحاجة إلى تقوية للبث الإذاعي، ويقدم بثا مباشرا عبرها، وتسجيلا لأبرز البرامج، ومنها نور على الدرب.

- نسخ بعض البرامج المفيدة والناجحة على أقراص(CD) وبيعها عن طريق موزعين، أو بالمجان، المهم تحقيق الفائدة، والآن يمكن ل(CD) واحد أن يحوي ليس على عشرات بل على مئات الساعات.

- إهداء الإذاعات الإسلامية تسجيلات لبعض البرامج الناجحة والمهمة مثل برنامج نور على الدرب حتى تتحقق الفائدة الكاملة منه.

- إعادة بث البرنامج ثلاث مرات في الأسبوع، بدلاً من مرتين، على أن يكون إعادة البرنامج في فترات مناسبة صباحاً وعصراً وليلاً.

وفق الله القائمين على هذه الإذاعة المباركة، وسدد الله خطاهم لكل خير، وجعلها دائماً وأبداً مناراً للخير.