توني بلير رئيس وزراء بريطانيا السابق قبل أن يرحل بأيام قال في مقابلة له مع إحدى الصحف البريطانية: إن الصحافة تعمل كوحش كاسر في صيد الأخبار وتفضل الإثارة والفضيحة ولا تهتم بما تلحق من أذى بضحاياها. تأملت هذا الكلام وتساءلت هل ينطبق هذا الكلام على صحافتنا في تناولها لبعض ما يحدث من أخطاء من قبل بعض منسوبي الجهات الحكومية على سبيل المثال (الصحة، والتعليم، الأمن) (ثم هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وهي ما يهمني على الأقل في هذا المقال) وذلك من هجوم يصل في بعض الأحيان إلى التجريح ومع هذا يعتبره من كتبه نقدا وهو أبعد ما يكون عن النقد أم لا ينطبق وعلى هذا لابد من التفريق بين أمرين الأول عدم التعميم، فالتعميم كما يقال صفة الجهلاء والثاني التفريق بين الخبر كخبر تنشره الجريدة والرأي كرأي يكتبه الكاتب (ومن المؤسف أن بعض الكتاب هداهم الله أو القراء لا يفرقون بين الأمرين) أما الأمر الأول الذي هو نشر الخبر فلا أعلم أن الهيئة تعترض على نشر أخبارها وقضاياها وهي التي تؤمن بأهمية التواصل مع وسائل الإعلام بل وتطلب من وسائل الإعلام حضور الدورات والمؤتمرات الصحفية لمسؤوليها وتؤمن بأن الصحافة أداة وصل مهمة بينها وبين بقية أفراد المجتمع وأما الثاني وهو الرأي كرأي فهو الذي ترى الهيئة أن في بعضه تجني وتضخيم ولذلك أجد أن ما ذكره أحد الكتاب من أن بعض مسؤولي الهيئة يرددون مقولة (إن وسائل الإعلام تستهدف هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وتتصيد أخطاء رجالها وتضخمها) يحمل على الأمر الثاني لا الأول، ومن تتبع بتمعن وإنصاف ما تنشره بعض الصحف من آراء ومقالات لبعض الكتاب هداهم الله يرى ذلك جليا واضحا لا يخفى على عاقل حتى لكأنه يقال إن رجل الهيئة مدان قبل أن يرتكب (الخطأ) ولعل رجل الهيئة الشخص الوحيد الذي ينطبق عليه هذا الأمر، يا سادة يا كرام لا اعتراض على النقد كنقد ولا اعتراض على نقل الخبر كخبر ولا اعتراض على التوجيه كتوجيه ولا نقول بخلاف ذلك أبدا ولكن الاعتراض كل الاعتراض أن تعمل الصحافة كوحش كاسر في صيد الأخبار وتبحث عن الإثارة مهما كان الأثر المترتب على ذلك ولعل أكبر دليل على ذلك أن وصل الأمر ببعض الكتاب أن يطالب بإلغاء جهاز الهيئة بدلا من المطالبة بإصلاحه وتلافي الأخطاء، ومع هذا يعتبر أن ما يكتبه نقدا فإذا قيل له إن هذه المطالبة تخالف منهج هذه الدولة المباركة في حماية جناب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والتأكيد عليه من قبل ولاة الأمر في كل مناسبة قال إنما نطالب بإلغاء الجهاز لا الشعيرة فهل يمكن تطبيق هذه المطالبة على أي جهة أخرى كالتعليم أو الصحة أو الشرطة؟ لا يمكن هذا بطبيعة الحال ولكنه الهروب من هجوم إلى هجوم آخر أهذا هو النقد الذي يتحدثون عنه، لعله اتضح بعد هذا المقال إن شاء الله المقصود من القول إن الصحافة تتصيد أخطاء رجال الهيئة وتضخمها (مع تحفظي على أسلوب التعميم) والله أسأل للجميع التوفيق والهداية والرشد والله من وراء القصد.