د. حسن الشقطي(*)
أغلق سوق الأسهم هذا الأسبوع رابحاً 164 نقطة، وحدث ذلك رغم حالة الإحمرار التي اكتست به شاشة التداول ساعات عديدة من جلسات التداول خلال الأسبوع، وخاصة أيام الثلاثاء والأربعاء.. واتسمت حركة التداول بالتذبذب داخل نطاق واسع بلغ 326 نقطة ما بين 10062 إلى 10388 نقطة.. بشكل افتقد معه المؤشر لهوية مسار واضح.. ورغم الإغلاق الإيجابي يوم الأربعاء، إلا أن عدد الأسهم المنخفضة جاء أعلى من عدد الأسهم المرتفعة بشكل واضح، ولولا تماسك سابك القوي ولولا الطلب الكثيف الذي ظهر عليها في نهاية الجلسة لما أغلق السوق على إخضرار.. فما السبب؟ هل فعلاً هناك من يحرص على الإغلاق الشهري الإيجابي؟ أم أن مسارنا الصاعد الجديد هو لسهم سابك والمؤشر فقط؟ بل ما هي دلالات صعود سابك في ضوء تراجع الراجحي؟ بل إن التساؤل الذي يثير نفسه.. هل تلك الموجة الصاعدة المحمولة بسابك هي لغرض انطلاقة قوية جديدة في مسار صاعد حقيقي أم لغرض التجميل الشهري لربحية السوق وبعض أسهمه؟.. ومن جانب ثان، فقد سادت هذا الأسبوع بعض الروح التشاؤمية نتيجة توالي الانخفاضات بالنسبة الدنيا لسهم إنعام، ذلك السهم المشهود له بإشعال المضاربات على مدى زمن طويل بالسوق.. فهل السبب يرجع لأمور سوقية أم نتيجة مخاوف المتداولين من الضوابط الجديدة على السهم؟
إغلاق إيجابي رغم تراجع 52 سهماً
افتتح السوق حركة التداول هذا الأسبوع على صعود قوي أربح المؤشر 209 نقاط يوم السبت، تلاه هبوط عنيف أفقده كافة أرباحه، حيث خسر 215 نقطة، تلاه صعود جديد يوم الاثنين ربح خلاله 230 نقطة، ثم خسارة طفيفة يوم الثلاثاء بنحو 73 نقطة، وأخيراً تمكن المؤشر من الإغلاق على صعود ليربح 13 نقطة. ومن الملفت للنظر أن هذا الصعود جاء خلال الساعة الأخيرة من جلسة الأربعاء، تلك الجلسة التي سجل فيها المؤشر هبوطاً بلغ في أقصاه 1.2% تقريباً. إن وجه الغرابة في هذه الجلسة هو أن المؤشر أغلق على صعود متعمد بفعل سابك، حيث إنه خلال معظم الجلسة ربما كانت غالبية الأسهم متراجعة، ولم يكن من بينها سوى سابك وأخريات بدون تغير، ثم مع اقتراب الإغلاق، ظهر طلب على سابك صعد بالسهم بنسبة بلغت إلى 1.5%، مما أثر إيجاباً على صعود حوالي 40 سهماً أخرى. هذا الصعود المتعمد هل فعلاً هدفه تجميل الإغلاق الشهري؟.
السوق يربح 616 نقطة خلال فبراير
رغم حالة التذبذب التي انتابت المؤشر خلال الأسبوع الأخير من هذا الشهر، إلا إنه سجل صعوداً ملحوظاً خلال فبراير، حيث ربح حوالي 616 نقطة أي ما يعادل 6.4%. وقد سجل 70 سهماً ارتفاعاً خلال هذا الشهر، في حين لم يطرأ أي تغيير علي نحو 13 سهماً. أما عن الأسهم الأعلى ربحية خلال هذا الشهر، فقد سيطرت أسهم التأمين عليها، وجاء سهم سلامة على قائمتها بنسبة ربحية 81%. ورافق أسهم التأمين سهما نادك بريحية 29%، والأسماك بربحية 21%. تلاها مجموعة أسهم صناعية، على رأسها أميانتيت بنسبة 19% وأنابيب بنسبة 18%، ثم سابك التي ربحت خلال هذا الشهر 14% تقريباً.
استمرار الموجة الصاعدة المحمولة بسابك
خلال شهر فبراير وعلى مدى 20 يوم تداول.. سجل سهم سابك انخفاضاً خلال 7 جلسات مقابل صعود خلال 12 جلسة. وخرج السهم رابحاً 14% خلال هذا الشهر.. بل إن السهم سجل صعوداً على كافة المستويات سواء اليومية أو الأسبوعية أو الشهرية.. وبما لا يدع مجالاً للشك بأن المؤشر رغم كل ما واجه هذا الأسبوع من تذبذب، فإنه لا يزال في مسار صاعد.. وحتى رغم تباطؤ هذا المسار الصاعد فإن التماسك القوي لسابك ومسارها الصعودي يهيئ المؤشر لانطلاقه أقوى عن سابقته.
إنعام يخسر 49 ريالاً خلال ساعة ونصف
منذ بدء تداول سهم إنعام وكل يوم يسجل السهم هبوطاً بنسبة تقترب من النسبة الدنيا، فمن سعر 182 انحدر إلى 133 ريالاً أي خسر 49 ريالاً (بنسبة 27%) خلال فترة تداول لم تتجاوز ساعة ونصف. فبمجرد فتح باب التداول ينحدر السعر سريعاً بالنسبة الدنيا تقريباً، وذلك رغم أن الكمية المتداولة من السهم لم تتجاوز 30.6 ألف سهم.. ويلاحظ أن السعر ينحدر رغم تدني الكميات المتداولة، لدرجة أنه يتوقع أن ينحدر بالنسبة الدنيا حتى لو تم تداول سهم واحد بالسوق.. فما السبب وراء هذا التراجع الحاد والمستمر؟ هل انتظاراً لسعر محدد يعتبره المتداولون سعراً عادلاً للسهم أم أن الضوابط الجديدة لتداول السهم تتسبب في قلق المتداولين.. لسوء الحظ أن هذه التراجعات جاءت حتى رغم الحملات والتوجهات نحو التوحد بين مساهمي السهم لعدم التخلي عنه طلباً للحفاظ على مستوى سعره.. إن سعر السهم تحرك من 16.5 في يناير الماضي إلى 182 في الأربعاء قبل الماضي، ثم إلى 133 في الأربعاء الماضي.. أي أن المساهمين رغم موافقتهم على تخفيض رأس مال الشركة من 120 إلى 10.9 ملايين سهم، إلا إن السعر يتحرك تجاه مستوياته القديمة.
ظهور تحسنات في مكررات
الربحية ربما تكون الأعلى تاريخياً
رغم تعرض السوق لأزمة هبوط شديدة خلال يناير الماضي، إلا أن هذا الهبوط لم يكن سلبياً في كافة جوانبه، بل أحرز أمراً إيجابياً ملموساً اليوم، وهو التحسن الكبير في مكررات ربحية العديد من الأسهم. ففي نهاية العام الماضي كان السوق يعج بحوالي 15 سهماً ذي مكرر ربحية سالب (س)، فضلاً عن 8 أسهم تزيد مكرراتها عن 100 مكرر. الآن وحسب أحدث بيانات في نهاية الأسبوع الماضي، فقد خرج نحو 6 أسهم من حظيرة المكررات السلبية إلى مكررات إيجابية، تمثلت هذه الأسهم في صدق والأحساء للتنمية وثمار وشمس وفتيحي والشرقية الزراعية وإعمار. كما تحسنت مكررات العديد من الأسهم الأخرى مثل زجاج وفيبكو والمصافي ونماء وسدافكو وخدمات السيارات ومبرد وحائل الزراعية. في المقابل، فقد شهد الشهران الماضيان تحول أسهم أخرى من المكررات الإيجابية إلى السلبية، تمثلت في سيسكو وينساب والأهلى تكافل. أما أبرز ملامح التغيير من حيث خريطة مكررات الربحية، فهي أن غالبية الأسهم الاستثمارية قد ساء وضعها، وأصبحت ذات مكررات ربحية أعلى عما ذي قبل، حيث ارتفع مكرر ربحية سابك والراجحي وبقية البنوك الأخرى باستثناء الفرنسي والجزيرة. ورغم بدء دخول سهم الراجحي في مضمار الأسهم غير الجذابة من حيث مكرر الربحية الذي وصل إلى 23.5 مكرراً، إلا أن سابك لا يزال حتى الآن يمتلك هذه الجاذبية لأنه لم يتخط مستوى 17.3 مكرراً. أما الاتصالات، فلا تزال تحافظ على جاذبيتها كاملة عند مستوى 12.2 مكرراً. وأخيراً، فإن سهم الكهرباء ربما يكون هو الأكثر تضرراً خلال الشهرين الماضيين، عندما تحرك مكرر ربحيته من مستوى 16.9 مكرراً منذ شهرين إلى مستوى 41.9 مكرراً حسب إغلاق الأسبوع الماضي.
التغيرات في مكررات الربحية
وإعادة توزيع مكاسب الأسهم
ببساطة يمكن أن يحقق أي سهم نوعين من المكاسب.. الأول: نتيجة ارتفاع السعر السوقي للسهم (نتيجة المضاربة فيه)، والثاني: نتيجة أرباح شركة السهم (من نتائج أعمالها).. ويمكن الاعتماد على مكرر الربحية في معرفة كيف سيتم توزيع هذين المكسبين.. يعني مكرر الربحية يمكن أن يعرفنا من سيستفيد أكثر من السهم هل المستثمر أم المضارب فيه؟.. بداية، فإنه ينبغي معرفة أن التحسن في مكرر ربحية السهم ينجم إما عن تحسن في أرباح السهم أو تدني سعره. ولما كانت نتائج أعمال غالبية الأسهم الاستثمارية (سابك والاتصالات والراجحي على سبيل المثال) طبيعية وكعادتها حققت نتائج مقبولة، فإن الزيادة في مكررات ربحيتها ناجم عن ارتفاع أسعارها السوقية، وبالتالي يمكن القول بأن هذه الأسهم بوجه عام بدأت تعطي المضاربين أو المتداولين أكثر مما تعطي المستثمرين. أما بالنسبة للأسهم غير الاستثمارية التي تحسنت مكررات ربحيتها، فإن الأمر يحتاج إلى مزيد من البحث لمعرفة هل هذا التحسن ناجم عن انخفاض أسعارها السوقية فقط أم أن هناك تحسناً حقيقياً في نتائج أعمالها؟.. وهنا نؤكد أنه إذا كان هذا التحسن ناجماً عن تحسن نتائج أعمالها، فإننا نكون على وشك تحرك هذه الأسهم من حظيرة الأسهم المضاربية إلى حديقة الأسهم الاستثمارية.
المستجدات العالمية تعزز
انطلاقة صعود المؤشر
سجلت العقود الآجلة للنفط الخام الأمريكي مستوى قياسياً هذا الأسبوع عندما حلقت فوق 102 دولار في معاملات ما بعد التسوية الأربعاء الماضي. ومن جانب آخر، تدور كافة التوقعات حول توقع تخفيض جديد لسعر الفائدة الأمريكي لدفع عملية التوسع في الاقتصاد الأمريكي. وحتى رغم الضعف المتوالي الذي يسجله الدولار، فإن كافة المؤشرات الاقتصادية تشير إلى تعزيز وضعية سوق الأسهم المحلي، بل وتعطي مزيداً من الزخم سواء على المستوى الفردي أو الحكومي. أي أن المعطيات الاقتصادية تهيئ مؤشر السوق نحو انطلاقة قوية في مساره الصاعد الحالي.
اختراق المقاومات الصعبة
رهن بتحركات كبار المستثمرين
رغم أن البعض يتحدث عن الدعوم القوية التي يمكن أن تحمي المؤشر من هبوط قوي، إلا إننا نتحدث على نحو عكسي عن المقاومات الصعبة التي يمكن أن تواجه المؤشر في صعوده المحتمل.. يبدو أن هناك مقاومة صعبة عند 10388، اختراقها يهيئ المجال إلى 10765 نقطة، ثم إلى قمم أعلى.. ورغم صدقية هذه الافتراضات، إلا أن الواقع يشير إلى أن هذه المقاومات ترتبط بتصرفات كبار المستثمرين الذين دوافعهم هي التي تخلق هذه المقاومات أو تلك الدعوم.. وبناء على سلوك سهم سابك، فإننا نتوقع أن اختراق كافة المقاومات إنما بهذه التصرفات والتي هي ذاتها تخضع لعنصر الوقت فقط.
(*) محلل اقتصادي
Hassan14369@hotmail.com