يتوافر في الأسواق حالياً العدد الرابع للسنة الثالثة والثلاثين لعام 1428هـ من مجلة (الدارة) الفصلية المحكمة التي تصدرها دارة الملك عبدالعزيز وتشرف على تحريرها ضمن نشاطها العلمي والإعلامي المتخصصين، واحتوى العدد الأخير في العام 1428هـ عدداً من الموضوعات التاريخية المتنوعة التي تتصف بالبحثية، تقدمها بحث الدكتور ناصر بن محمد الجهيمي الأمين العام المساعد للدارة ونائب رئيس الجمعية التاريخية السعودية الذي جاء تحت عنوان (عودة الأمير فيصل بن تركي من مصر (الأولى والثانية) من خلال المصادر المحلية والعثمانية) ودرس فيه وقارن الباحث الدكتور الجهيمي الروايات الواردة في صفة عودة الأمير فيصل إلى نجد التي عاد إليها عام 1243هـ - 1828م بعد أن مكث في مصر أكثر من تسع سنوات كما عاد إليها عام 1259هـ - 1843م بعد أن أقام بمصر ما يقارب خمس سنوات وذلك ضمن جهوده لاسترداد ملك أبائه في نجد، وأورد الباحث مدونات المؤرخ ابن بشر الذي يعد الوحيد الذي تطرق للعودة الأولى للأمير فيصل، والشيخ عبدالرحمن بن حسن والمؤرخ الجبرتي وسعود بن هذلول وأمين الريحاني وحافظ وهبة وعبدالله البسام والوثائق العثمانية ووثائق دار الوثائق المصرية وما أورده الرحالة وليم بلجريف ورواية الأمير محمد بن علي ولي عهد المملكة المصرية وغيرها من الروايات القديمة والنقولات الحديثة.
وفي بحث آخر في العدد الجديد تطرق الدكتور خالد بن حمود السعدون الأستاذ بقسم التاريخ بكلية العلوم والآداب بجامعة الشارقة إلى عناية الملك عبدالعزيز -طيب الله ثراه- المبكرة بالطب الحديث (1331 - 1340هـ - 1913 - 1921م) فيما يعد إضاءة مهمة على تاريخ المجال الصحي في المملكة العربية السعودية، ويذكر الباحث الدكتور السعدون أن الأوبئة والأمراض المعدية كانت منتشرة في البلاد بمؤازرة القحط والجفاف وكان الناس يستعينون بالوصفات الشعبية ومشورة الرحالة الأوروبيين وسفر المرضى إلى الخارج للمداواة والعلاج أو تناول أدوية طبية كان يستوردها بعض التجار دون وصفات طبية إلا أن حكمة الملك عبدالعزيز -طيب الله ثراه- وحنكته جعلته يفكر بواقعية في ظل ضآلة الموارد المالية للدولة آنذاك ويستفيد من الطب الحديث المتواجد في المنطقة ويستعين بالبريطانيين لإمداده بالأطباء والأدوية دون تعريض بلاده ومواطنيه لأي تأثيرات تبشيرية ووفق المعاهدة بين نجد وبريطانيا التي وقعت في دارين عام 1334هـ - 1915م التي جرى على هامشها المفاوضات حول إرسال بريطانيا طبيباً من الكويت للرياض لإدارة مستشفى هناك.وتطرق الباحث التونسي الدكتور التليلي العجيلي الأستاذ بقسم التاريخ بكلية الفنون والإنسانيات بجامعة منوبة بتونس عن موقف المستعمر الفرنسي في تونس من الملك عبدالعزيز بين عامي 1344-1355هـ - 1926-1936م الذي وصفه الباحث بالتوجس والريبة خوفاً على المصالح الفرنسية في المنطقة خصوصاً في ظل التآخي الإسلامي الذي يجمع الشعبين السعودي والتونسي والذي عززه إرسال حكومة الملك عبدالعزيز لمطوفين إلى الأراضي المغاربية لحث المسلمين على أداء فريضة الحج.
وفي مبحث آخر تطرق الدكتور محمد بن فهد الفعر الأستاذ بقسم التاريخ بجامعة أم القرى بالدراسة لشكل ومدلولات مرسوم خاص بالأمير جاني بك نائب السلطة المملوكية بثغر جدة نقش على عمود رخامي بالزيادة العثمانية بالمسجد الحرام ومؤرخ بسنة 863هـ وما أورده من أسماء وألقاب تقلدها الأمير جاني بك ودلالاتها الثقافية وأيضاً ما احتواه النقش من إصلاحات وأعمال خيرية قام بها في مكة المكرمة وجدة.
وفي بحث يربط بين القصيدة والموقع الجغرافي يقرأ الدكتور فضل بن عمار العماري أستاذ اللغة العربية بكلية آداب جامعة الملك سعود بالرياض نونيّة المثقب العبدي في ضوء النمط القديم والمواضع في شرق الجزيرة العربية مستكشفاً وقائع من خلال نونيّة الشاعر.
وكتب الأستاذ عبدالله بن سعد الدريس من إدارة التربية والتعليم بمحافظتي حوطة بني تميم والحريق عن (الأرضة.. آفة المخطوطات والبنايات) وجمع في بحثه تعريفاً لغوياً للأرضة وأسماءها الأخرى، وأخبارها مع بعض الأنبياء عليهم السلام والخرافات التي لحقت بها ضمن صراع الخطاطين وحفّاظ الوثائق والمخطوطات معها مثل كتابة عبارات غريبة مثل (ياكبيبح، وكمعمق، وزهزهوق وغيرها) مما اعتبره الشيخ الألباني تعاويذ محرمة واعتبره آخرون إشارة لنباتات حافظة للمخطوطات يضعه نساخ الكتب والمخطوطات.وتواصل المجلة نشر سلسلة ترجمات لتقارير الإرسالية الأمريكية التبشيرية في الخليج العربي في باب البحوث المترجمة والتي قام بها الباحث الأمير تركي بن فهد بن عبدالله بن عبدالرحمن آل سعود، حيث نشرت المجلة في هذا العدد التقرير الذي كتبه القس الأمريكي صموئيل م. زويمر عن زيارته للقطيف عام 1893م - 1310هـ.وفي باب (مراجعات كتب) يراجع الدكتور عبدالله بن ناصر السبيعي الأستاذ بقسم التاريخ بجامعة الملك سعود بالرياض كتاب (سنة الطبعة) لمؤلفه الأستاذ سعد بن عبدالعزيز السيف الذي وثق لحادثة الطبعة التي جرت عام 1344هـ - 1925م في الخليج العربي من خلال الرسائل المتبادلة والقصائد التي قيلت استشعاراً لخطورة ما حدث على الحياة في كافة المنطقة وما ذكره المؤرخون وسجل الدكتور السبيعي ملاحظاته على مادة الكتاب ومنهجه.
وجاءت بحوث العدد مدعومة بصور للوثائق والمخطوطات وبالصور الفوتوغرافية التي تصب في خدمة البحث والدراسة المنشورة.