تتمثل العلاقة بين التعليم والتنمية (أو بما يعرف باقتصاديات التعليم) في أن كلاً منهما يهدف للإنسان، فكلاهما يعمل من أجل الإنسان وبالإنسان، فالعلاقة إذن بين التعليم والتنمية علاقة ارتباط وثيق وعلاقة ترابط، فالتعليم يعد عاملاً أساسياً في التنمية، لأنه يسهم فيها عن طريق إعداد القيادات والعمالة المتعلمة في مختلف الميادين، وعلى هذا الأساس فالتعليم يعد استثماراً رابحاً تستفيد منه التنمية، حيث إنه من غير المتوقع أن تنجح التنمية في مجتمع غير متعلم، فالتعليم يؤهل الفرد ليكون قادراً على التفكير والتخطيط والتنفيذ والتعامل مع متطلبات العصر، وهذا ما تحتاج إليه خطط وبرامج التنمية في أي بلد.
يعد التعليم العامل الأساسي للنماء والتقدم وهو استثمار بشري يمكن عن طريقة إعداد القوى البشرية المؤهلة والقادرة على الاضطلاع بمسؤوليات التنمية وتحقيق تطلعات المجتمع وطموحات أفراده.
لتحقيق المزيد من التقدم والرخاء والرفاهية لأفراد المجتمع، ينبغي الانتباه إلى ضرورة التخطيط وجعله الأساس للانطلاقة التنموية الشاملة، كتبني وضع السياسات التي تؤدي إلى دفع عجلة التقدم والتطور، كإعداد خطط خمسية متعاقبة شاملة تحمل في طياتها الكثير من السياسات والاستراتيجات للوصول إلى التنمية الشاملة في البلاد علماً ومعرفة وكفاءة إنتاجية لخدمة كل قطاعات المجتمع.
إن ارتباط التعليم كسياسة مقررة أمر ذو صلة وثيقة بالحاجة إلى إعادة النظر في المناهج التربوية والبرامج التعليمية التي تقوم بتقديمها المؤسسات التعليمية المشرفة على الخدمات التعليمية، وذلك على أسس وقواعد وأهداف، ووفق حاجات المجتمع المتقدم والمتطور، وذلك بما تحتاجه تلك المناهج والبرامج التعليمية من تطوير وتنقيح وتعديل يستهدف إلى حد كبير التلاؤم مع متطلبات وأهداف التنمية في إطار احتياجها لاستخدام التقنيات الحديثة التي أصبحت جزءاً لايتجزأ من حياة الناس اليومية في هذا الزمان.
إن من أولى اهتمامات التنمية العناية بالتخطيط التربوي والتعليمي، وإعادة النظر فيه من وقت لآخر وفقاً لأسس تتفق مع خطط التنمية الشاملة والمستقبلية بطريقة مؤثرة ومتفاعلة، والإدراك الكامل لمدى عمق ارتباط التربية والتخطيط التربوي بمختلف تطلعات المجتمع وأوجه نشاطه، كما أن عملية التطوير التربوي لا يمكن فهمها إلا باعتبارها وظيفة في بيئتها الاقتصادية والاجتماعية، ومن ثم فإن معرفة متعمقة للواقع التربوي ينبغي أن تأخذ في الحسبان التفاعل بين النظام المدرسي والنظام الاقتصادي والاجتماعي الأكبر.