دفاع رئيس وزراء الدنمارك اندرس فوغ راسموسن عن الصحف التي نشرت الرسوم المسيئة للنبي محمد صلى الله عليه وسلم يصب الزيت على النار، لأنه بذلك يبرر للإساءة، ويدعو إلى مزيد منها دون مراعاة للأضرار التي تلحق بسمعة الدنمارك في العالم الإسلامي. وكان المنتظر من سياسيي الدنمارك أن يهدئوا من خواطر المسلمين ويعتذروا عن الإساءة لا أن يباركوها ويشجعوا على المزيد منها بحجة محاربة الإرهاب، أو الرد على محاولة اغتيال أحد الرسامين.
راسموسن يقول إنه (في الأنظمة الديموقراطية حيث الصحافة حرة، من الطبيعي أن يتمكن الناس من التعبير عن رأيهم). وإذا كانت حرية التعبير تسمح بالإساءة إلى معتقدات ومقدسات الآخرين، فلماذا لا تتحمل هذه الحرية إنكار المحرقة النازية ضد اليهود على سبيل المثال، ولماذا لا تستوعب هذه الحرية أي انتقاد لإسرائيل، وقد يحاكم من ينتقد إسرائيل باعتباره ضد السامية.
الدنمارك التي يسيء إعلامها للنبي عليه الصلاة والسلام بحجة حرية التعبير قامت قائمة بعض سياسييها غضبا عندما أعلنت الدنماركية المحجبة أسماء عبد الحميد نيتها دخول البرلمان بالحجاب. وكان أحد أعضاء حزب سياسي دنماركي شبه الحجاب بالصليب المعقوف رمز النازية. وفي هذا السياق قال رئيس وزراء الدنمارك (من الافضل بالنسبة إلى المجتمع الدنماركي ان تكون الاماكن العامة خالية من الرموز الدينية). إشارة إلى الحجاب. وكأن اللباس لا يدخل ضمن نطاق الحرية. فأي معيار للحرية يستخدمهالدنماركيون والذي يجعل الحرية مناسبة في ظرف وغير مناسبة في ظرف آخر؟!. هذا المعيار المزدوج يجعل الحرية سلاحا يوجه ضد كل ما هو إسلامي.
ومن الواضح أن إعادة نشر الرسوم الكاريكاتورية المسيئة تدخل ضمن نطاق حملة منظمة عدائية ضد الإسلام ورموزه. ليس الهدف منها سوى تأجيج الصراع بين العالم الإسلامي والغربي لأغراض مشبوهة. في الوقت الذي نحن بحاجة ماسة فيه إلى تغليب مفهوم الحوار بين الحضارات على مفهوم الصراع، لأن العالم اليوم مشبع بالأزمات والحروب، وليس بحاجة إلى مزيد منها. ولكن الحوار الحقيقي والبناء له شروط، وأهمها احترام الآخر، ومحاولة فهم دون أحكام مسبقة، تفرغ الحوار من مضمونه.
*****
لإبداء الرأي حول هذا المقال، أرسل رسالة قصيرة SMS تبدأ برقم الكاتب«9999» ثم أرسلها إلى الكود 82244