نتحدث دائما عن خصوصية المرأة السعودية هذه الخصوصية التي تفرض على المرأة أن تسير وفق ضوابط الدين والعادات والتقاليد وهذا بالطبع شيء نفخر به وندعو إليه.

ولكن أن تتحول تلك الخصوصية إلى قانون يتم تطبيقه على المرأة في كل وقت وعند كل ظرف ومن دون وضع أي اعتبار لمصلحة المرأة وتطور الحياة فهذا أمر يحتاج إلى وقفة.

إن تلك الخصوصية - في ظل سلبيتنا في فهمها وتطبيقها - جلبت للمرأة الكثير من المشكلات، وذلك من خلال بحثنا عن الخصوصية فقط.

فمثلاً حينما لا يتيح المجتمع للمرأة فرصة قيادة السيارة سنجد أن هذا المجتمع لم ينظر في حال المرأة مع المواصلات ذلك الحال الذي وصل إلى حد المعاناة ومن دون أن يتم توفير البدائل المناسبة للمرأة.

فنحن بذلك نتعامل مع المرأة تماماً كمن يرمي إنسانا في البحر وهو مقيد اليدين ويطالبه بأن يسبح لينجو بنفسه من الغرق!!

فكم من سيدة موظفة اضطرت لأن تتغيب عن عملها ليس بسبب كونها مريضة أو لأنها لا ترغب في الذهاب إلى العمل؛ ولكن بسبب أنها لم تجد من يساعدها في الوصول إلى مقر عملها.

وكم من فتاة لم تستطع شراء حاجياتها الخاصة من السوق بسبب أنها لم تجد من يقلها إلى السوق، وهذا يعتبر من الأمور التي لا يجب أن تبوح بها الفتاة لأحد من خارج المنزل من منطلق مقولة (البيوت أسرار)!!.

ومن ينظر إلى حوادث المعلمات سيجد أن نسبة كبيرة منها كانت بسبب رداءة السيارة أو بسبب عدم كفاءة السائق، وهنا فإننا نظلم المرأة حينما نجبرها على الركوب مع أولئك السائقين غير المؤهلين لقيادة السيارة في ظل عدم وجود البدائل المناسبة للمرأة.

والحال ليس ببعيد عن موضوع عمل المرأة والذي هو الآخر تأثر من تلك الخصوصية حتى أصبحت مجالات عمل المرأة ضيقة ومحدودة جداً حتى تفشت البطالة بين بنات الوطن رغم أنه بالإمكان علاج تلك البطالة وتأمين فرص عمل كثيرة للفتيات لو أننا قمنا بمحاولة التوفيق بين تلك الخصوصية وبين متطلبات الحياة في هذا العصر الذي نعيشه.

كل ما أردت قوله هنا هو أننا حينما نضع أمام المرأة خطوطاً حمراء لا يجب عليها أن تتجاوزها بحجة أن للمرأة خصوصية وطبيعة اجتماعية تميزها عن غيرها من بقية نساء العالم فإنه يتوجب علينا هنا ألا نجعل من هذه الخصوصية سبباً في فقدان المرأة لكثير من حقوقها المشروعة!! وهنا يتوجب على المجتمع توفير البدائل الإيجابية التي تساعد المرأة وتحميها من انعكاسات تلك الخصوصية في زمن يتطور ويتغير ويفرض علينا مسايرته والتعايش معه.