موسكو- د. تيسير كمناكش(*)
تشكل انتخابات الرئاسة الروسية القادمة والمقررة بتاريخ 2 مارس 2008م، أهمية بالغة للكثير من دول العالم بوجه عام، والشعب الروسي على وجه التحديد، حيث يتوقع لها أن تكون واضحة المعالم بحسب الصورة المبدئية للمرشحين، وخصوصا في ظل وجود أحد مرشحي الرئيس الروسي الحالي فلاديمير بوتين، والذي ستنتهي فترة رئاسته الأخيرة خلال العام الجاري، مع أن التوقعات تنصب حول بقائه في دائرة القرار السياسي الروسي، وذلك من خلال قبوله لمنصب رئيس الوزراء في حال نجاح خليفته المتوقع دميتري ميدفيديف نائب رئيس الحكومة الحالية وبقاء السلطة بشقيها التشريعي والتنفيذي تحت سيطرة مؤسس روسيا الجديدة - الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، والذي ينظر إليه الكثير من الروس على أنه الرجل الذي صنع لروسيا مكاناً بين أمم العالم القوية بعد انهيار الاتحاد السوفيتي.
وتشير نتائج الاستطلاع إلى أن النائب الأول لرئيس الوزراء الروسي دميتري ميدفيديف قد يحصل على 67.8 أو 70 بالمائة من أصوات الناخبين، يليه زعيم الحزب الشيوعي الروسي غينادي زيوغانوف بنسبة 16.3 بالمائة ثم زعيم الحزب الليبرالي الديمقراطي الروسي فلاديمير جيرينوفسكي بـ13.7 بالمائة، وأخيرا رئيس الحزب الديمقراطي الروسي أندري بوغدانوف بنسبة 1.3 بالمائة.
كما تدل نتائج الاستطلاع على أن نسبة المشاركة في عملية التصويت ستبلغ 69 بالمائة.
وهناك مركز آخر مهتم باستطلاع آراء المواطنين الروس حول الانتخابات، وهو المركز الروسي لدراسة الرأي العام.
وتشير توقعات هذا المركز إلى أن ميدفيديف قد يحصل في الانتخابات الرئاسية على 72.9 بالمائة من أصوات الناخبين. وتشير تلك النتائج أيضاً إلى احتمال حصول زيوغانوف على 15 بالمائة يليه جيرينوفسكي بنسبة 10.9 بالمائة ثم بوغدانوف ب1 بالمائة فقط.
ويتوقع المركز أن تصل نسبة المشاركة في عملية التصويت إلى 69 بالمائة أيضا.
وذكر رئيس المركز الروسي لدراسة الرأي العام فاليري فيودوروف إلى أن هذا التوقع يستند إلى نتائج الاستطلاعات الأسبوعية التي يجريها المركز. وكان المرشح الأساسي للرئاسة الروسية - النائب الأول لرئيس الوزراء دميتري ميدفيديف قد قدم في 15 فبراير الجاري تقريرا في منتدى كراسنويارسك الاقتصادي تضمن برنامج التنمية الاقتصادية للبلاد للسنوات الأربع المقبلة.
وجاء في تقرير ميدفيديف انه في حال فوزه في الانتخابات الرئاسية التي ستشهدها روسيا في 2 مارس المقبل فإنه سيتولى حل أهم المشاكل الاقتصادية في البلاد من خلال سيره في أربعة اتجاهات. والمقصود بها مؤسسات الدولة والمجتمع المدني، البنى التحتية، الابتكارات، والاستثمارات.
ومن بين المسائل الأساسية التي سيتوجب على روسيا حلها في غضون السنوات الأربع المقبلة حسب رأي ميدفيديف:
- التوعية القانونية والتأكيد على احترام القوانين.
- خفض الحواجز الإدارية بشكل كبير.
- تخفيف العبء الضريبي لحفيز تطبيق الابتكارات وتشجيع الاستثمارات في الموارد البشرية.
- بناء نظام مالي مستقل وتحويل الروبل إلى إحدى العملات الاحتياطية الإقليمية.
- تحديث البنى التحتية.
- تطبيق الابتكارات العلمية والمستحدثات التكنولوجية.
- تنفيذ برنامج التنمية الاجتماعية في البلاد.
ويعد اقتراح ميدفيديف فيما يتعلق بخفض الضرائب من أجل التوصل إلى النمو التحديثي للاقتصاد (على حساب إدخال الابتكارات العلمية التقنية الحديثة) هو الهدف الأساسي للبرنامج من وجهة النظر الاقتصادية.
وفي حال تمكن الرئيس الجديد من مشاركة الحكومة الجديدة في تحقيق هذه المهمة فسيكون ذلك (انقلابا) في السياسة الاقتصادية للحكومة الروسية والتحول من التفكر المالي إلى فلسفة النمو الاقتصادي. وقد أسفرت سياسة الاستقرار المالي التي أجريت في السنوات الأخيرة على حساب فائض الإيرادات من تصدير الخامات عن النتائج التالية:
- تخلصت البلاد من عبء الديون الخارجية الكبيرة.
- تشكل احتياطي المصرف المركزي الروسي وموارد صندوق الاستقرار وصندوق الرفاهية، أي (وسادة الأمان) التي ستحمي البلاد من أزمات دولية مالية.
وفي هذا السياق اقترح ميدفيديف تبنى قانون حول مواعيد التحول إلى نسبة مخفضة موحدة لضريبة القيمة المضافة. وبهذا الشكل أكد مجددا ما أعلنه الرئيس فلاديمير بوتين في كلمته التي ألقاها في اجتماع مجلس الدولة في 8 فبراير حول النية في فرض (نسبة موحدة ومخفضة لضريبة القيمة المضافة). بل وأكثر من ذلك، إذ اقترح ميدفيديف إلغاء ضريبة القيمة المضافة تماما.
وفيما يتعلق بضريبة الأرباح، يرى ميدفيديف أن من الضروري إدخال آليات من شأنها تشجيع الإنفاق على إجراء أبحاث علمية وأعمال تصميمات واختبارات أي ممارسة النشاط الابتكاري التطبيقي ذاته.
مدفيديف يؤكد أهمية الحرية
في بناء مستقبل روسيا
وأكد مرشحُ حزبِ روسيا الموحدة دميتري مدفيديف أن الحريةَ بكافةِ ألوانها وأشكالها ستكون المحورَ الأساسي في سياسةِ البلاد، مشيرا إلى أهميةِ انسجام هذه الحرية مع القانون.
وأفاد مدفيديف انه (يجب أن تكون الحرية المحور الوحيد في سياستنا، وأعتقد أن هذا هو أهم مبدأ لأي دولة معاصرة تسعى نحو أفضل المعايير المعيشية. هذا المبدأ هو لب خبرة الإنسانية كلها.. وأقصد هنا الحرية بكافة ألوانها وأشكالها من بينها الحرية الشخصية وحرية التعبير وحرية السوق. ونعتبر أن الانسجام بين الحرية والقانون هو أهم شيء في المرحلة الراهنة).
كما تطرق نائب رئيس الوزراء الروسي إلى الملفات الداخلية الساخنة، حيث اعتبر أن الفساد في الأروقة الإدارية من أهم المصاعب التي تواجه البلاد إضافة إلى مشاكل التعليم والرعاية الصحية والسكن.
وتعهد مدفيديف بالاستمرار على نهج الرئيس فلاديمير بوتين في خطته الاقتصادية للسنوات الأربع المقبلة وحدد أربعة اتجاهات رئيسية وسبع مهام يجب تنفيذها لمواصلة نمو الاقتصاد وتحصينه قدر الإمكان من تأثير الأزمات العالمية.
وقال مدفيديف: (من أجل متابعة تنفيذ المشروعات التي خططنا لها أو بدأنا العمل بها في العامين أو 3 أعوام الماضية، ويجب أن ننطلق في خطتنا للسنوات الأربع المقبلة من أربعة اتجاهات رئيسة هي تثبيت سلطة المؤسسات، وتطوير البنية التحتية، ودعم الابتكار، إضافة إلى تشجيع الاستثمار).
وجعل من فرض سيادة القانون، وتحديثه أولى المهام ليصبح أكثر فعالية، وليتمسك الجميع به. ثاني المهام، التي أشار إليها مدفيديف هو الحد الكبير من العراقيل والحواجز الإدارية التي تقف عثرة في طريق تطوير الاقتصاد، وعرض ميدفيديف إيلاء أهمية كبيرة لخفض الضرائب من أجل تشجيع الابتكار، وزيادة الاستثمار في رأس المال البشري.
ولضمان استقرار النظام المصرفي الروسي والحد من تأثير الأزمات العالمية عليه طالب مدفيديف بتأسيس نظام مصرفي مالي قوي، ربما يستطيع تشكيل ركيزة للاستقرار المالي العالمي، إضافة إلى جعل الروبل عملة إقليمية رئيسية.
ولفت مدفيديف النظر إلى ضرورة تحديث وتطوير البنية التحتية. وتعميم اقتصاد المعرفة للتخفيف من الاعتماد على تصدير المواد الخام.
وقال: (أهدافنا هي تطوير الاقتصاد المعتمد على الابتكار ورفع فعاليته بشكل كبير وتشكيل طبقة وسطى عريضة، ولعل الأهداف الموضوعة طموحة لكنها قابلة للتحقيق من وجهة نظري، ومن أجل تنفيذها يجب تبني سياسة مسئولة ومثابرة، تجعل من الإنسان هدفها وتأخذ بعين الاعتبار مصير ملايين الأسر الروسية).
المواطنون الروس يرون في محاربة الفقر المهمة الأساسية للرئيس الجديد
يأمل المواطنون الروس في أن يركز الرئيس الجديد لروسيا على مهمات رفع مستوى المعيشة ومحاربة الفقر في البلاد.
ودلت نتائج الاستطلاع الذي أجراه المركز الروسي لدراسة الرأي العام في يومي السادس عشر والسابع عشر من هذا الشهر بمشاركة 1600 شخص من 153 منطقة سكنية في 46 إقليما ومقاطعة روسية، على أن 19 بالمائة من المشاركين في الاستطلاع يؤكدون على أهمية ذلك.
ويرى 18 بالمائة من الذين استطلعت آراؤهم أن مهمة الرئيس الجديد يجب أن تتركز على خفض معدل التضخم بينما يركز 14 بالمائة على تحسين الخدمات الصحية والتعليم والتنمية الاجتماعية.
ويرغب 10 بالمائة من الذين شملهم الاستطلاع بأن يهتم الرئيس الجديد بمسائل التنمية الاقتصادية. وأكد 7 بالمائة على ضرورة تعزيز مواقع روسيا على الساحة الدولية.
ودلت نتائج الاستطلاع على اهتمام المواطنين الروس أيضا بمسائل تعزيز القوات المسلحة ومكافحة الجريمة وحل مشاكل السكن وتطوير العلوم والثقافة والحريات الديمقراطية في البلاد.
ميدفيديف يؤيد زيادة عدد النساء
في المناصب الحكومية
ويأمل دميتري ميدفيديف في أن تضم الحكومة الروسية أعدادا أكبر من الجنس اللطيف، ممن يستحقن بالفعل الحقائب الوزارية.
وذكر ميدفيديف في حديثه مع الصحفيين أن (على الرغم من أن هناك وزيرتين في تشكيلة الحكومة، لا يزال عددهن قليلا).
وتتولى الفيرا نبيولينا منصب وزيرة التنمية الاقتصادية والتجارة، أما تاتيانا غوليكوفا فتتولى منصب وزيرة الصحة والتنمية الاجتماعية.
زوجة دميتري ميدفيديف, سفيتلانا ميدفيديف- هل ستصبح السيدة الأولى في روسيا؟
وقال ميدفيديف في نفس الوقت: (النساء كالرجال يجب عليهن أن يثبتن قدرتهن على العمل في المناصب الإدارية).
لا غضاضة في أن نكشر عن أنيابنا!
ولا يجد دميتري ميدفيديف، غضاضة في (أن تكشر روسيا عن أنيابها) عند الضرورة، فمن ينصاع لضغوط الآخرين بدون مقاومة لا يقيم له الآخرون وزنا.
جاء ذلك في ردود ميدفيديف على أسئلة طرحتها عليه مجلة روسية.
ويرى ميدفيديف ضرورة أن يكون نظام الحكم الروسي قويا على الصعيد الداخلي أيضا لأن دولة كبيرة تعتمد النظام الفيدرالي مثل روسيا تحتاج إلى حاكم قوي، إذ لا يستطيع رئيس غير قوي المحافظة على سلامة دولة كهذه.
ونفى ميدفيديف صحة ما أشيع مِن أن مَن سيتسلم سدة الرئاسة الروسية في عام 2008 لن يكون هو صانع القرار الوحيد في روسيا حيث سيكون الرئيس بوتين المنتهية مدة ولايته صانع القرار الحقيقي جالسا على كرسي رئيس الوزراء. وأكد أن روسيا يحكمها من يتولى منصب رئيس الدولة ومشيرا إلى أن القرارات سيتم صنعها وفقا للدستور الذي لا يجيز وجود أكثر من رئيس، وبالتنسيق بين رئيس الدولة ورئيس الوزراء.
وأضاف أنه والرئيس بوتين يدركان أنه لا يمكن لهذا الثنائي أن يثبت فعاليته إلا في جو من الثقة المتبادلة والشراكة الكاملة.
وذكر ميدفيديف، وهو خريج كلية الحقوق، في رد له على سؤال عن أصله أن جده (أب والده) كان فلاحا، ثم أصبح مسئولا في جهاز تابع للحزب الشيوعي يشرف على إدارة أحد الأقاليم الروسية في الحقبة السوفيتية.
لمحه عن الانتخابات والمرشحين في روسيا
يمكن ترشيح أي شخص لمنصب الرئيس من قبل الأحزاب السياسية. كما يمكن ترشيح أي مواطن يتمتع بحق الترشيح والانتخاب لهذا المنصب، شريطة دعم ترشيحه من قبل مجموعة مبادرة تضم ما لا يقل عن 500 شخص.
يجب على كل من يرغب في التسجيل لدى اللجنة الانتخابية المركزية كمرشح لمنصب الرئيس جمع ما لا يقل عن مليونين من تواقيع أنصاره من الناخبين في جميع أنحاء البلاد. ولا ينطبق هذا الشرط على المرشحين من قبل الأحزاب السياسية، التي تمكنت من الدخول إلى مجلس الدوما (البرلمان) في آخر انتخابات له.
وقد جرت الانتخابات البرلمانية في روسيا في 2 ديسمبر/ كانون الأول عام 2007، حيث تمكنت من الفوز بمقاعد الدوما أربعة أحزاب هي: (روسيا الموحدة) و(روسيا العادلة) و(الحزب الشيوعي في روسيا الاتحادية) و(الحزب الليبرالي الديمقراطي الروسي).
وفي عام 2008 سجلت اللجنة الانتخابية المركزية أربعة مرشحين للرئاسة هم: غينادي زيوغانوف زعيم الحزب الشيوعي في روسيا الاتحادية واندريه بوغدانوف رئيس الحزب الديمقراطي وفلاديمير جيرينوفسكي زعيم الحزب الليبرالي - الديمقراطي ودميتري مدفيديدف النائب الأول لرئيس الوزراء الذي رشحته أربعة أحزاب منها حزب (روسيا الموحدة) و(روسيا العادلة). بينما سجل المرشح الآخر اندريه بوغدانوف رئيس الحزب الليبرالي الديمقراطي لدى اللجنة الانتخابية المركزية حين قدم إليها تواقيع أنصاره الناخبين وفيما يلي موجز لسيرة حياة كل واحد منهم:
آندريه بوغدانوف
رئيس اللجنة المركزية للحزب الديمقراطي الروسي ، تاريخ الميلاد: 31- 01-1970م.
تخرج من أكاديمية بليخانوف الاقتصادية الروسية، حصل على درجة دكتوراه فلسفة في الاقتصاد.
بدأ نشاطه السياسي في عام 1990 في الحزب الديمقراطي الروسي، وشارك في تأسيس اتحاد الشباب التابع لهذا الحزب.
في عام 1995 شارك في تأسيس شركة مختصة بأعداد المرشحين للانتخابات.
في عام 1996 ترأس منظمة الحزب الديمقراطي في موسكو.
في عام 1997 شغل منصب نائب رئيس مركز التحليل والمعلومات (نوفوكوم).
في عام 1998 انتخب نائبا لرئيس اللجنة الوطنية للحزب الديمقراطي الروسي.
تولى في فترة 2002 - 2003 منصب مدير دائرة العلاقات العامة في اللجنة التنفيذية المركزية لحزب (روسيا الموحدة).
شغل منذ عام 2003 منصب سكرتير لجنة عموم روسيا للمواطنين (من اجل انتخابات نزيهة).
غينادي زيوغانوف رئيس الحزب الشيوعي في روسيا الاتحادية
تاريخ الميلاد: 26-06-1944م.
تخرج عام 1969 من كلية الفيزياء والرياضيات بمعهد التربية في مدينة أوريول. دكتور في العلوم الفلسفية.
مجال العمل: عمل معلما في مدرسة ريفية وبعد ذلك مدرساً بمعهد التربية في مدينة أوريول.
شارك في أنشطة الشبيبة الشيوعية (منظمة الكمسمول).
منذ عام 1972 شغل مناصب متعددة في الحزب الشيوعي السوفيتي.
في عام 1993 ترأس الحزب الشيوعي لروسيا الاتحادية.
في عام 1996 نافس بوريس يلتسين (رئيس روسيا السابق) في الانتخابات الرئاسية.
في عام 2000 ترشح مجددا للانتخابات الرئاسية.
يشارك في عمل البرلمان الروسي بصفته رئيسا للكتلة النيابية للحزب الشيوعي في روسيا الاتحادية.
دميتري مدفيديف
النائب الأول لرئيس الوزراء الروسي
تاريخ الميلاد: 14-09-1965م.
تخرج من كلية الحقوق لجامعة لينينغراد في عام 1987، دكتور في العلوم القانونية.
مجال العمل: عمل مدرساً في جامعة سانت بطرسبورغ من عام 1990 حتى عام 1999م.
في عام 1999 عين نائباً لرئيس ديوان الحكومة الروسية.
في عام 2000 النائب الأول لرئيس ديوان الرئاسة في الكرملين.
من عام 2000 حتى عام 2002 رئيس هيئة المدراء في شركة (غاوم).
في عام 2003 عين في منصب مدير ديوان الرئاسة في الكرملين.
من عام 2005 النائب الأول لرئيس الوزراء الروسي.
تولّى في الحكومة الإشراف على تنفيذ المشاريع الوطنية الرامية إلى تحسين القطاع الاجتماعي.
فلاديمير جيرينوفسكي رئيس الحزب الليبرالي الديمقراطي الروسي
تاريخ الميلاد: 25-04-1946م
تخرج من معهد بلدان آسيا وإفريقيا وثم من كلية الحقوق لجامعة موسكو، دكتور في العلوم الفلسفية.
مجال العمل: في عام 1970 1969- عمل متدربا في الإذاعة الحكومية وفي اللجنة الحكومية للعلاقات الخارجية الاقتصادية.
في 1972-1975 عمل في اللجنة السوفيتية للدفاع عن السلام.
من عام 1975 حتى عام 1977 تولى منصب المسئول عن العلاقات مع الطلاب الأجانب في المدرسة العليا للحركة النقابية.
في 1977-1983 عمل في وزارة العدل.
في عام 1983 تولى منصب مدير الشعبة الحقوقية في دار (مير) للطباعة والنشر.
في عام 1990 أصبح رئيساً للحزب الليبرالي الديمقراطي الروسي.
يشارك في الانتخابات الرئاسية الروسية للمرة الرابعة.
بوتين سيظل اللاعب الحقيقي
في السياسة الروسية!
المؤشرات القادمة من موسكو تظهر بوضوح أن الرئيس فلاديمير بوتين سيظل اللاعب الحقيقي في السياسة الروسية حتى بعد أن يغادر مقعد الرئاسة في مارس 2008، ولذا لم يكن من المستغرب أن تظهر تقارير صحفية تشير إلى خطط سرية لاغتياله بعد أن بات يشكل عائقا ليس فقط أمام استعادة رأس المال الصهيوني سيطرته على الاقتصاد الروسي وإنما أيضا أمام خطط أمريكا لفرض سيطرتها على العالم.
فمنذ وصوله إلى الكرملين طرأت أشياء كثيرة على صعيد العلاقات الروسية الأمريكية حيث أحدث قطيعة كاملة مع عهد سلفه بوريس يلتسين الذي عرف عنه الضعف أمام رغبات واشنطن ونجح إلى حد كبير في استعادة مكانة روسيا على الساحة الدولية والأهم من ذلك الإمساك بزمام الأمور داخل روسيا عبر تقليص دور إمبراطوريات رجال الأعمال اليهود التي تلقت فيما يبدو الضربة القاضية في الانتخابات التشريعية التي أجريت في 2 ديسمبر 2007م.
ففي تلك الانتخابات فاز حزب روسيا الموحدة الحاكم بـ315 من المقاعد الـ450 في مجلس النواب الروسي (الدوما) وكانت المفاجأة أن بوتين شارك وفى سابقة تعد الأولى من نوعها في تاريخ روسيا على رأس لائحة الحزب الحاكم، الأمر الذي وصفه مراقبون بأنه استفتاء فعلي حول سياسته وتمهيد للدور الذي يخطط للعبه بعد خروجه من الحكم.
وتصريحاته بعد الانتخابات تدعم هذا حيث أعلن دعمه لنائب رئيس الوزراء ديميتري ميدفيديف لخوض انتخابات الرئاسة مرشحا عن حزب (روسيا الموحدة) وجاء هذا بعد اجتماع ضم قادة الأحزاب الأربعة الرئيسية التي تسيطر على الكرملين (روسيا الموحدة، روسيا العادلة، القوة المدنية، والحزب الزراعي).
وكان رد ميدفيديف هو الموافقة ومطالبة بوتين بأن يقبل منصب رئيس وزراء الحكومة القادمة وسارع بوتين إلى إعلان أنه يقبل العمل رئيسا لوزراء روسيا بعد أن يغادر منصب الرئاسة في 2 مارس 2008م.
وميدفيديف الذي يبلغ عمره 42 عاما هو أحد أقرب مساعدي بوتين وعمل مع بوتين في مجلس مدينة سانت بطرسبورج التي ينتمي إليها الرجلان كما تولى ميدفيديف إدارة الحملة الانتخابية لبوتين وتولى رئاسة فريق العاملين معه في الكرملين ولا ينتمي ميدفيديف إلى المؤسسة العسكرية أو جهاز المخابرات الروسي الذي عمل به بوتين فترة طويلة، ويعني هذا بحسب المراقبين أن بوتين سيستمر الرجل القوي في روسيا بعد أن يغادر مقعد الرئاسة.
وتصريحات ميدفيديف التي أدلى بها في 17 ديسمبر تدعم هذا حيث أكد أنه على روسيا - خلال حقبة الرئيس الجديد - المحافظة على السياسات التي رسمها بوتين كما أشار إلى دور الرئيس الروسي الحالي في إعادة موسكو إلى الخارطة الدولية التي غابت عنها بعد سقوط الاتحاد السوفيتي وإبرازها كقوة عظمى.
وشدد على أن تصرفات العالم تجاه روسيا قد (تغيرت) خلال عهد بوتين ولم يعد أحد يوجه إليها (المحاضرات) كأنها (تلميذة في مدرسة) في إشارة إلى انتقادات الغرب وواشنطن لسجل حقوق الإنسان داخل روسيا وفي الشيشان، كما أشاد بدور بوتين في إعادة بناء القوات المسلحة.
وبجانب ما سبق فإن التحليلات والتقارير الصحفية التي خرجت من روسيا في الفترة الأخيرة تؤكد أن بوتين سيظل القطب الأساسي في السلطة خلال المرحلة القادمة وذلك من خلال مناصب حزبية أو حكومية مع تعديلات دستورية توسع صلاحيات تلك المناصب، بل هناك من رفض صراحة الديمقراطية إذا كان ثمنها التضحية ببوتين.
ففي تقرير لها نشرته في 4 سبتمبر 2007، ذكرت وكالة نوفوستي الروسية أن 75% من الروس يولون بوتين ثقتهم، قائلة: (هذا يعني أنهم يرون أن الرئيس يقود بلادهم في الاتجاه الصحيح في حين أن جميع المرشحين المحتملين لخلافته باستثناء زيجانوف رئيس الحزب الشيوعي مافتئوا يؤكدون أنهم سيستمرون في الخط السياسي الذي ينتهجه بوتين).
وتساءلت: (ما دام الأمر كهذا فما الذي يستوجب تغيير القائد خاصة أن عضلاته السياسية أقوى بكثير من عضلات المرشحين المحتملين لخلافته؟)، قائلة: (يخشى الناس في روسيا أن يتزعزع الاستقرار الذي يؤمنه الرجل القوي بوتين عندما يترك عجلة القيادة وهكذا يواجه الروس اختيارًا صعبًا فعليهم أن يختاروا بين ما تمليه قوانين دولة الديمقراطية من واجب التمسك بالدستور الذي لا يجيز ترشيح من قضى فترتي رئاسة متتاليتين لفترة رئاسة ثالثة متتالية وبين ما تفرضه العقلانية السياسية).
كما دعا بوريس غريزلوف زعيم حزب (روسيا الموحدة) إلى ضرورة أن يبقى بوتين (قائدا للوطن) بعد خروجه من السلطة وفي السياق ذاته، أعلن قيادي آخر في الحزب هو عبد الحكيم سلطيغوف في مقال نشر على موقع الحزب على شبكة الإنترنت أن روسيا تحتاج إلى قائد شعبي، ملمحا إلى أن المقصود بالقائد الذي يحتاجه الشعب الروسي هو بوتين.
وكشف سلطيغوف عن وجود سيناريو لتكريس حكم بوتين بصفته قائدا للوطن أو الشعب هو كالآتي: يصوت الشعب على تأييد بوتين كقائد للوطن ثم يتعامل الرئيس المنتخب الجديد للدولة مع بوتين باعتباره قائدا للوطن ورئيسا للمجتمع المدني ما يضع المؤسسة الحاكمة تحت مراقبته ليتأكد من أنها تنفذ ما يريده الشعب.
شخصية عام 2007
والإعلام الغربي أصبح بحسب المراقبين يلمس تلك الحقيقة ولذا فاجأت مجلة (التايم) الأمريكية في 21 ديسمبر قراءها باختيار بوتين شخصية عام 2007 على الرغم من الانتقادات الموجهة له في وسائل الإعلام الأمريكية ومن إدارة بوش.
وقال نائب رئيس تحرير مجلة (التايم) ادى اغنيشس إنهم يعتقدون أن بوتين سيبقى هو القائد الأعلى لروسيا وربما مدى الحياة، مشيرا إلى أن حزب بوتين فاز في معركة الانتخابات البرلمانية الأخيرة وأنه وضع الآلية الكفيلة بجعله المرجع الأعلى في روسيا بعد أن تنتهي مدة ولايته الثانية في 2008م.
وحسب ما جاء في مجلة التايم فإن قيادة بوتين لروسيا نجحت في فرض الاستقرار على أمة لم تعرف الاستقرار لحقب طويلة ونجحت في إعادة روسيا كقوة عالمية، ولهذا السبب قررت المجلة اختياره كأبرز شخصية في عام 2007 ولا يعني هذا كما تقول المجلة تأييدا أو معارضة لبوتين ولكنها تعنى اعترافا بتأثيره الواسع على الأوضاع في دولة بحجم وأهمية روسيا.
وفى السياق ذاته، ذكرت هيئة الإذاعة البريطانية بى بي سي في تقرير لها في أواخر ديسمبر أن حضور بوتين الطاغي على المشهد السياسي في روسيا يعكس الشعبية الكبيرة التي يتمتع بها بين الجماهير وهي شعبية يقر بها مؤيدوه وكثير من معارضيه ويعكس أيضا تأييد الكثير من القوميين الروس لجهود بوتين في إقامة دولة قوية مستقرة يكون لها وزن دولي يتناسب مع ما تتمتع به روسيا من إمكانيات هائلة.
والشعبية الكبيرة تلك لم تنبع من فراغ، وإنما ترجع إلى الانجازات الاقتصادية والسياسية التي حققها خلال فترة رئاسته التي بدأت عام 2000، فوفقا لبيانات مجلة (الايكونوميست) البريطانية فقد بلغ معدل النمو في الناتج المحلي الإجمالي في روسيا نحو 7% سنويا ابتداء من عام 2000، الأمر الذي يعني زيادة هذا الناتج بنحو 50% خلال سبع سنوات من حكم بوتين.
كما أن الاقتصاد الروسي حاليا هو أحد أكبر عشر اقتصاديات في العالم، وتمتلك روسيا حاليا أكثر 500 مليار دولار من احتياطيات النقد الأجنبي مقابل لا شيء تقريبا عام 1998 وبلغت الاستثمارات الأجنبية نحو 45 مليار دولار، الأمر الذي انعكس إيجابا على أبناء الطبقة المتوسطة في روسيا إذ ارتفع مستوى معيشة كثيرين منهم.
واستطاع بوتين أيضا إعادة سيطرة الدولة على مجموعة من القطاعات المهمة خاصة قطاع النفط والغاز وهو أمر استفادت منه الخزانة الروسية كثيرا مع ارتفاع سعر النفط من 15 دولاراً للبرميل قبل أن يتولى بوتين الحكم إلى أكثر من 90 دولارا للبرميل في عام 2007م.
أما بالنسبة للإنجازات السياسية، فقد نجح بوتين في وقف التدهور والتخبط الذي عانت منهما روسيا في نهاية حقبة التسعينات في ظل حكم الرئيس الراحل بوريس يلتسين، واستعاد الكرملين فرض نفوذه على كافة الأقاليم الروسية إلا أن الثمن كان بشعاً حيث ارتكبت القوات الروسية مجازر لا حصر لها ضد المدنيين الشيشان كما استطاع تكوين إدارة قوية عبر تركيز السلطات مرة أخرى وإعادة نظام الحزب الواحد وساعد سيطرة حزب روسيا الموحدة على مقاليد الأمور بوتين في تنفيذ خطته في تحقيق مبدأ تداول السلطة دون المساس بنفوذه السياسي بل إنها وسعت من دائرة تأثيره عبر تقنين هذا النفوذ بزعامته لكتلة الأغلبية البرلمانية.
أما على صعيد السياسة الخارجية، فبدلا من تراجع دور روسيا دوليا عادت تلعب دورا مؤثرا وظهر حضور موسكو في عدة ملفات مهمة تعارض فيها الموقف الغربي مثل ملف كوسوفا وملف البرنامج النووي الإيراني والخطط الأمريكية لنشر منظومة الدرع الصاروخية في أوروبا الشرقية.
وداعا لنفوذ رأس المال الصهيوني
وأمام تلك النجاحات، يرى مراقبون أنه بعد ترشيح حزب (روسيا الموحدة) ميدفيديف الذي يشغل أيضا منصب رئيس مجلس إدارة شركة (غازبروم) عملاق صناعة الغاز في روسيا للانتخابات الرئاسية المقبلة فإن طموحات رموز اليمين الروسي المرتبط برؤوس الأموال الأمريكية والإسرائيلية الذي تمكن خلال عهد الرئيس الراحل بوريس يلتسين من التحكم في الاقتصاد والسياسة الروسية للعودة مجددا قد تضاءلت كثيرا إن لم تكن قد اختفت تماما بالنظر إلى أن هذا يتعارض مع مصالح ميدفيديف الشخصية من جانب ولأن بوتين سيظل اللاعب الحقيقي في السياسة الروسية من جانب آخر.
وكان بوتين قد سارع فور توليه السلطة إلى توجيه الضربات ضد رموز هذا التيار المتمثلة في بوريس بيريزوفسكي وفلاديمير جوسينسكي وميخائيل خدركوفسكي وليونيد نفزلين وأتاح الفرصة لرؤوس أموال روسية جديدة لتملأ الفراغ بعد إزاحة هذه المجموعات المالية.
وكرست معارك انتخابات البرلمان الأخيرة بحسب المراقبين حقيقة مفادها أن اليمين الروسي ليس لديه أي قاعدة جماهيرية أو تواجد في الشارع الروسي تمكنه من المشاركة الفعالة في الحياة السياسية للبلاد ويقتصر دوره على انتقاد السلطة.
بعبع السياسة الخارجية!!!
ويبقى الأمر الأهم وهو التحدي الذي يشكله بوتين على صعيد السياسة الخارجية، فالتهديدات التي خرجت من روسيا في أعقاب إعلان واشنطن العام الماضي عن نشر منظومة دفاع صاروخية جديدة في وسط أوروبا بحلول عامي 2011 و2012 بدعوى حماية حلفائها في (الناتو) من صواريخ (دول مارقة) مثل إيران وكوريا الشمالية، تؤكد أن بوتين يقف كحجر عثرة أمام مخططات الصهيونية والمحافظين الجدد لبسط سيطرتهم على العالم.
وكان بوتين قد حذر في 6 يونيو 2007 عشية مشاركته في قمة الثماني الصناعية الكبرى بألمانيا من أن الجيش الروسي سيرد على خطة نشر منظومة الصواريخ الدفاعية الأمريكية بالقرب من حدود بلاده بتوجيه صواريخه على القواعد الأمريكية في أوروبا، مشيرا إلى أن مخطط نشر المنظومة الصاروخية الأمريكية في جمهورية التشيك وبولندا اللتين كانتا تدورا في فلك الاتحاد السوفيتي إبان حقبة الحرب الباردة يغير تركيبة الأمن الدولي برمته.
وفي تصريحاته النارية، فنّد بوتين مزاعم واشنطن حول أن الهدف من نصب نظام رادار في جمهورية التشيك وصواريخ اعتراضية في بولندا هو التصدي لتهديدات صاروخية محتملة من إيران وكوريا الشمالية، قائلا بسخرية: (أخبرنا أن الأنظمة المضادة للصواريخ الدفاعية تستهدف شيئاً هو في الأصل غير قائم..ألا يبدو الأمر مضحكاً).
ولم يقتصر الأمر على التصريحات النارية، فقد جاء قرار بوتين في 14 يوليو 2007 بتجميد التزام روسيا بمعاهدة انتشار القوات التقليدية في أوروبا والتي كانت تضع قيودا على انتشار الأسلحة الثقيلة في دول الناتو وروسيا، ليكون بمثابة جرس إنذار بأن الخلاف بين موسكو وواشنطن مفتوح على أسوأ السيناريوهات.
ويجمع المراقبون أن فرص تراجع روسيا عن رفض خطط نشر منظومة الدرع الصاروخية الأمريكية في أوروبا تبدو معدومة في ظل وجود بوتين ولذا فإن إصرار واشنطن على نشر منظومة صواريخ في شرق أوروبا ينذر بعودة سباق التسلح الذي شهدته (الحرب الباردة) التي دارت على مدى ما يقرب من 50 عاما بين المعسكرين الشرقي والغربي وانتهت في عام 1991 بسقوط الاتحاد السوفيتي.
وبجانب معارضة المنظومة الصاروخية الأمريكية الجديدة في أوروبا، فإن بوتين يقف أيضا كحجر عثرة أمام مخططات أمريكا وإسرائيل لنهب المزيد من الثروات العربية عبر مشروع ( الشرق الأوسط الكبير.. فالرئيس الروسي طالما رفض وصف حركة حماس الفلسطينية ب(الإرهابية) كما حافظ على موقف متوازن في الصراع الداخلي بين الفلسطينيين من ناحية وبين الفلسطينيين وإسرائيل من ناحية أخرى، واستفز إسرائيل أكثر وأكثر عندما وافق في عام 2005 على تزويد سوريا بصواريخ متطورة من نوع (اسكندر) التي يصل مداها إلى 280 كيلو متراً ويمكنها بلوغ الهدف في إسرائيل، الأمر الذي من شأنه إحداث تغيير استراتيجي في ميزان القوى بين إسرائيل وسوريا.
وتجدر الإشارة إلى وجود الكثير من النداءات التي كانت تطلب من الرئيس بوتين ترشيح نفسه لولاية ثالثة. وأكد الرئيس فلاديمير بوتين أنه لا يحق له مخالفة القانون وترشيح نفسه لفترة رئاسة ثالثة في عام 2008م.
وذكر الرئيس بوتين في وقت سابق: (إذا قلت إن الجميع متساوون أمام القانون، فلا يحق لي أن أستثني نفسي من ذلك. فهذا ينسف الأسس الأخلاقية الداخلية في اتباع السياسة سواء في داخل البلاد أم خارجها). وأضاف: (أظن أن الاستقرار لا يضمن بفضل شخص واحد، ويجب أن يضمن الاستقرار بالوضع العام للمجتمع والدولة. وهذا الوضع العام يتوقف على الالتزام بالدستور إلى حد كبير).
ويذكر أن الدستور الروسي لا يسمح لمن قضى فترتي رئاسة متتاليتين بترشيح نفسه لفترة رئاسة ثالثة.
(*) خبير في شؤون بلدان الاتحاد السوفياتي السابق
Kamnakesh@bk.ru