دخلت عليَّ بطرف كسير.. لم أرَ تلك البسمة التي ألفتها مشرقة في وجهها.. سألتها: (فَيّ.. ما بالك اليوم؟؟ تبدين واجمة.. ووجهك عابس)!
(لا.. لا.. لا شيء) أجابت بكلمات متقطعة..
وضعتُ يدي على كتفها ( فَيّ.. أيضايقك شيء؟! أعرفك جيداً.. لم أعهدك بهذه الكآبة!! أحدث شيء تكرهينه؟! هل تشاجرتن في المدرسة؟؟ هل اختلفتِ مع إحدى صديقاتكِ)؟
أجابتني .. (لا.. فقط الأستاذة - سامحها الله - قتلتني اليوم)!!
قتلتكِ!! ها أنا أراك أمامي سليمة معافاة!!
قالت: ( أرجوك لا تكوني مثلهم.. فقط يظنون أن الجسد وحده يُجرح ويدمى.. أنا قلبي ينزف.. أصيب بخنجر طعنه في الصميم).
فيّ.. أراكِ اليوم فيلسوفة!! عجلي عليّ..
قالت: ( سأحكي لكِ .. فاصبري علي قليلاً.. طلبت منا الأستاذة المشرفة على برنامج رعاية الموهوبات أن نحضر إبداعاتنا.. أحضرت عقدي الذي أعكف على نظمه منذ سنتين.. فعرضت دفتر أشعاري.. همشتني.. لم تعرني طرفاً .. رأت رسومات البنات.. استمعت لشدوهن.. أما أنا فلم أحظ بأي نصيب من تعليقها!! فقط لأن موهبتي هي الشعر.. الذي لم يكن له حظوة عندها!!
أرجوك أجيبيني هل علي أن أتخلى عن موهبتي.. وأردد الأناشيد؟؟ أم علي أن أدع أحداً يرسم لي .. وأقول .. انظروا لإبداعي؟؟
أبي - حفظه الله - ربانا على الصدق .. فلا يمكنني أن أغش وأنسب لنفسي شيئاً لست أنا من صنعه!!)
تأثرت لكلماتها ولكني حاولت أن أتغلب على عاطفتي ..
قلت لها ( فيّ.. ربما أن أشعارك لم ترق لها.. أنتِ الآن في الصف الأول متوسط.. أنتِ ارتقيتِ فلا بد أن ترتقي كلماتكِ.. تكبر .. تماماً كما تكبرين.. أستاذتك تريد منكِ شيئاً أكثر نضجاً).
طعنتني بجوابها..
( أنتِ لا تعرفين ما حدث.. المعلمة لم ترع دفتري أي اهتمام .. لم تنظر إليه .. فقط لأنه .. دفتر شعر ..
ما خفف علي أني عرضت احد أشعاري على معلمة أخرى .. فأعجبت بها وأخذتها لعرضها على المعلمات .. بدأت ألمح نظرات الإعجاب في أعينهن .. ولكن .. لانصيب لي مع الموهوبات.. فأستاذتي لا تريد الشعر!!
طابت نفسي .. لا أريدها أن تضعني مع الموهوبات .. فأنا أُقّدر ذوقها .. احترم هيبتها كأستاذة تدرسني .. تعلمني .. لا تبخل علي بشيء من علمها .. عطفها .. تركت فراشها الوثير .. بيتها .. صغارها .. فقط لتعلمنا.. إلا أني أريد أن أعرف لم لا يفرقون بين موهوبة بارعة وبين ناقلة ناسخة؟؟
أريد أن أعرف من يحمينا نحن الشاعرات الصغيرات؟؟
أخشى على صديقاتي الموهوبات بمواهب أخرى لا ترق لمعلماتهن .. من لهن؟؟
أصرخ بأعلى صوتي .. لم لا ترعى كل المواهب؟؟ لم لا ترعى كل المواهب؟؟
نرى الفنار .. ولكن من يقودنا نحن الصغار إليه؟؟ أيادينا قصيرة نخشى الغرق!!)
عندها.. أُلجمت ولم استطع الرد..
البتول بنت محمد أباالخيل