إن الحب بشكله الرائع والممتع هو من أجمل العلاقات الإنسانية بين اثنين هما المرأة والرجل، وإن الحب هو أرقى درجات الإحساس وهو حالة من حالات الوعي المتكامل بين اثنين وهو من أعلى السلالات العاطفية وهو روح الإنسان المبدع وأداته الخلاقة..!! |
لذا لي أن أعرض في موضوعي هذا آراء تتداول بين الكثير من عامة الناس حول ماهية الحب قبل الزواج.. ولو سئلت عن ذلك حقيقة لأعلنته حباً زائغاً وأوهاماً خادعة لمَ يا ترى؟ |
لعل من مسببات ذلك أن كلاً من الشاب والفتاة يحاول أن يظهر أمام الطرف الآخر بمظهر مثالي يبرز فيه تفانيه وإخلاصه وتفهمه للطرف الآخر.. همهما في ذلك أن يكسب الطرفان ثقة بعضهما وينالا رضاه..!! |
بيد أن ذلك في نظري يعد قناعاً مزيفاً لا يلبث أن يتكشف ويسقط ويتهاوى في أي لحظة للطرف الآخر وقد يكون ذلك عند أي خلاف يقع بين الزوجين وعندها تتكشف عيوب ما قبل الزواج والتي يسعى الطرفان لإخفائها عن الآخر ويقع الزوجان في كيل الاتهامات والقذف بالخيانة وعدم المصداقية..!! |
ولا أنفي حدوث مثل ذلك البتة بل هو واقع يا أحبة أتدرون لماذا؟ |
لأن هذا الحب نما وعاش في الظلام وترعرع وسُقي بماء مكالمات ورسائل غرامية خارجة عن حدود مبادئ شريعتنا السمحة، هو حب لا تستوضح معالمه إلا في هزيع الليل وعند السحر كالخفافيش!! |
محال أن نقول عنه إنه حب عفيف أو صادق، بل لا يعدو كونه حباً يقتل المشاعر النبيلة ويتلاعب بمشاعر وقلوب العذارى ويئد الفضيلة في مهدها!!أحبتي لنحيي الحب الشريف ولنزرعه في وضح النهار وفي النور لا في عتمات الظلام.. لنسقي هذا الحب بماء حياتنا وفضيلتنا..!! |
آه .. أعلم - وأيم الله- أن كل فتاة يدق فكرها ويهمس في قلبها شعور يتسامق لهذا الحب العذري العفيف وهي تقول: ((آآآه.. اين هذا الحب الذي يطرق البيوت من أبوابها!! أعني بذلك الحب بعد الزواج))!! |
إنه أمل كل أنثى شريفة عزيزة بدينها وحشمتها!! |
ما أروع الشاعر حينما قال: |
إنني أكره حباً يجعل الفسق شعارا |
يجعل اللذة قصداً ويرى العفة عارا |
أعلن الحرب على أعدائه ليلاً ونهارا |
يرى البعض أن الحب بين الزوجين محدود الأجل كعمر الزهور.. ولا يبقى منه سوى المجاملة، وهنا أقف مخالفاً لمن يقول بذلك لأنني أتحدث من واقع تجربة لا من فراغ ليس هناك من حب كعمر الزهور يفنى وينتهي كالحب الكاذب، ذلك أنه حب هش جسدي شهواني.. إذ هو لا يقوم على أساس متين ولا يتفق مع شريعتنا السمحة البتة!! |
لذا لا تعجب إذا ما تهاوى وسقط هذا الحب!! |
أما الحب الصادق العذري العفيف فهو الذي يبقى في القلوب وينمو ويترعرع فيها ولازال البعض يتوهم بأن الزواج هو مقبرة الحب والرومانسية.. وهذا عين الخطأ، ويظن البعض بأن الرومانسية وتبادل الأحاسيس والمشاعر الغرامية بأشعارها مقتصرة فقط بأوقات المِلْكة ويرى البعض أن صلاحية ذلك الحب وتلك الرومانسية مقرونة بنهاية هذه الملكة وبداية الزواج وكأنهم كتبوا شهادة الوفاة لهذا الحب.. يا سبحان الله!! |
عجباً كيف يتوهم البعض مثل ذلك؟ بل إني أؤكد وبقوة وأبصم بأصابعي العشرة بأنكم ستكتبون شهادة ميلاد لحبكم ومودتكم الخالصة وستتبادلون الاعتراف بذلك بعد الزواج مباشرة إنه ذاك الحب السامي الذي سينمو ويكبر ويترعرع تحت ظل شجرة زواجكم السامي تلك الشجرة الوارفة الظلال!! |
بل إنني أؤكد - ومن واقع تجربة - بأن أروع وأصفى حب وأعذب عشق وأحلى ليالي الهيام وأروع عبارات الرومانسية لا تكون بين الزوجين إلا بعد الزواج!! |
إذاً الزواج في نظري هو مزرعة هذا الحب وفيه يورق الحب ويكبر وكما قلت حب ما قبل الزواج حب مزيف لا يحيا إلا في دوائر غرامية ومكالمات هاتفية ولقاءات غرامية غير مباحة شعارها العبث بمشاعر الفتيات وهو حب مؤقت.. فكم من شاب عبث بمشاعر فتاة وأوهمها بعبارات العشق والجنون ومساءات الحب بفنون.. أي حب هذا الذي يجعل الشاب يرضى لفتاة أن تغضب ربها وتخون أهلها وشرفها وعفافها!!؟ |
نعم، أحبتي، الحب الصادق العفيف لا ينمو إلا بعد الزواج وعندها يتعرف الزوج على أخلاق زوجته وعاداتها وطبائعها ويزداد حباً وإعجاباً بها!! |
أحبتي بعد الزواج تخف حدة الغريزة الجنسية ووطأة ثورة الشهوة الجنسية ويكون عندها حب الرجل لزوجته حباً صادقاً لأنه حينها سيحبها لذاتها ولأخلاقها ولأفكارها وأصالتها في حسن تعاملها معه لا لأجل شهواته!! |
وكم من زوج ألف زوجته بعد الزواج واعتاد عليها فلا يتأثر بجمالها الشكلي ولا إغراءاتها الجسدية وليعلن حينها تعلقه بزوجته معلناً جمال (الروح والأخلاق) الذي ينبع من زوجته. |
وكم من زوج اكتشف في زوجته أخلاقاً جميلة وصفات نبيلة وسامية وتضحيات كبيرة، جل ذلك اكتسبه بعد الزواج حين أحس بسهرها على خدمته وتفانيها الكبير في راحته!! |
ولتظل تلك الزوجة عروسا جديدة في عين زوجها مع كل يوم وكأنه لأول مرة يعقد قرانه عليها فيزداد حبه لها!! |
وما أروع أن تظهر المرأة مع زوجها في وقت الشداد كما هي الحقائق في نفوس البشر لا تظهر إلا في وقت الشدائد، فليست الحياة بين الزوجين محصورة بمجرد كلمات غرامية، وتكتب وتقال بل تعترض الرجال في حياته مواقف عصيبة كمرض لا قدر الله أو أزمات مالية أو حالة من الضيق النفسي فإن وقوف الزوجين مع بعضهما البعض في هذه الحالات يعمق أواصر المحبة بينهما.. ويزيد من الألفة ولها التأثير الأعظم في قلبيهما ولعمري إنها أعظم من الهدايا الثمينة ومن عبارات الغرام.. وكلمات العشق والهيام ذلك أن الحب سلوك كما هو كلمات.. ما أروع أن نقرأ في تعاملاتنا الزوجية بعض التضحيات وشيئاً من الاهتمام المتبادل فيما بيننا، والتنازل عن آرائنا إكراماً وجبراً لخاطر الطرف الآخر!! |
|
تنبه يا عزيزي الزوج قد تخفي زوجتك هواها وتفضحها عيناها: ألم تقرا ما قاله الرافعي: |
ما لكِ تخفين الهوى والهوى |
يقول في عينيك لي ها أنا |
والحب في الصدر بخارُ إذا |
حسبته هنا جرى من هنا |
كلا فؤادينا امتلا بالهوى |
وفاض حتى ملا الأعينا |
وأي ذنب للإناء الذي |
يفيض إن أنت ملأت الإنا |
|