بدأ الكثير من الملل يتسرب إلى نفوس المفاوضين الفلسطينيين الذين يحاولون التوصل إلى تسوية مع إسرائيل، لكن بالنسبة للبعض منهم فإن الأمر لا يتعلق بمجرد ملل من الطريقة التي تتعامل بها إسرائيل مع هذه المفاوضات، حيث فضلوا الانسحاب من عملية التفاوض كليا بل من السلطة الفلسطينية بترك وظائفهم فيها مثلما فعل وزير الثقافة في السلطة وزميله رئيس لجنة المفاوضات حول الأسرى.
ومن الواضح أن إسرائيل تعمل بجد لإيصال الأمور إلى هذه المرحلة، حتى تستطيع إثبات ما تردده كثيرا حول انه لا يوجد طرف فلسطيني يمكن التفاوض معه.
حالة اليأس التي تنتاب المفاوضين الفلسطينيين دفعت بياسر عبد ربه أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية إلى المطالبة بالبحث عن خيارات بديلة عن المفاوضات الجارية مع إسرائيل، وكان قبل ذلك قد دعا إلى استقلال الدولة الفلسطينية على طريقة كوسوفو.
إسرائيل تتعمد باستمرار وضع العصا في دواليب المفاوضات ولا يهم ما يحدث، المهم أنها تكسب بذلك المزيد من الوقت لإكمال مشروعاتها الاستيطانية المستمرة التي تتحول في نهاية المطاف إلى عناصر إضافية لتعزيز سياسة الأمر الواقع التي تتبعها.
كما أنها في ذات الوقت لا تواجه ضغوطا تذكر من قبل الدول الكبرى للالتزام بعملية السلام، وهي لذلك لا تبدو في عجلة من أمرها لانجاز مهام التسوية طالما أن التأجيل من حين لآخر يصب في مصلحة مشروعاتها من استيطانية وتوسعية وقمعية.
ولعله كان من باب أولى أن يدفع ذلك الفلسطينيين ويزيد من عزمهم على تمتين الجسور فيما بينهم ورتق النسيج السياسي الممزق والانكباب على لملمة عناصر الوحدة الوطنية التي تناثرت وتشتتت بسبب الصراعات بين فتح وحماس.
ولن يفيد الفلسطينيين كثيرا التعبير عن حالات اليأس أو الاستسلام لها بقدر ما يفيدهم الانتباه إلى ما يحدث من تآكل متواصل لما يربط بينهم كشعب واحد يواجه الأهوال من محتل يهمه كثيرا أن تستمر حالة التمزق بينهم.
ومن المؤكد أن رص الصفوف والاجتماع على كلمة سواء يعمل من جانب آخر على توفير المزيد من الخيارات أمام هذه القوى المتوحدة إن هي ركزت وأصرت على أن تكون كذلك.. فالوحدة الفلسطينية تعتبر في حد ذاتها داعما قويا للمفاوض الفلسطيني وورقة في يده لا يمكن مضاهاتها بأي مكسب آخر.
***
لإبداء الرأي حول هذا المقال، أرسل رسالة قصيرة SMS تبدأ برقم الكاتب 9999 ثم أرسلها إلى الكود 82244