آمل أن لا أكون مبالغة في كثير أو قليل إن قلت إن هذه القضية تعد بالنسبة لكاتبة هذه السطور قضية مقلقة، وربما يشاركني في هذا القلق الكثير من الأمهات والآباء، ذلك لأن الكثير من النعت الموجه للإعلام (بكافة مجالاته وفروعه) إنما يكون في الغالب من باب التلفزيون باعتبار ما يذهب إليه البعض أن له آثاراً سلبية في تربية الأبناء.وإذا كان هناك الكثير من الدراسات التي وضعها ذوو اختصاص في التربية وعلم النفس تخفف من هذا القلق وتنفي العديد من السلبيات التي تركز على ما يبث من هذا الجهاز، الأمر الذي يجعلنا حائرين، لا يمكننا ببساطة أن نصدر حكماً أو نأخذ برأي قاطع فيما يتعلق ببرامج التلفزيون التي تبث للأطفال، إلا أنه لا يمكننا أن نتجاهل أبداً - حتى مع التسليم بهذا الرأي- أن التلفزيون يحدث الكثير في حياة الطفل، فهو باختصار يحدث تعديلاً في قضاء وقت فراغ الطفل: يقطع مدة من الوقت المخصص للقراءة، ووقتاً من اللعب، ومشاركة العائلة، وأحياناً تأخير موعد نوم الطفل، والأهم الجذب الشديد له، ومن ثم تطور سلوكيات أو ظهورها منبعها التلفزيون.
أجد نفسي حائرة أمام هذا الجهاز، وقد يقول بعض القراء إن الوالدين هما المتحكمان به، لكن إذا ما تحكمت به داخل منزلك فكيف لك أن تتحكم به عند بيوت الآخرين.
يحتاج الطفل العربي إلى بيئة إعلامية ترعاه، تنجح في إقصائه عن القنوات الأخرى التي تبدو أهدافها واضحة في تدمير عقل الطفل وتذويب هويته وخلق اتجاهات عدائية في ذاته، بيئة تعزز في داخله الكثير من السلوكيات التي تتشبع بالقيم العربية والإسلامية، وتبث وتنمي قيماً داخلية فيه، وتقدم مفاهيم جميلة في شخوصها وأبطالها وبرامجها ولغتها، كل ذلك بشكل جاذب لا جامد منفر يشرف عليه أهل اختصاص بارعين في مجالهم هدفهم الأساسي الارتقاء بمستوى الطفل العربي.