أزمات المنطقة المستفحلة والمتفاقمة تستوجب باستمرار قدراً من التنسيق من أجل التعامل معها بما تستحقه من جدية ومن فورية في التناول، وقد درجت الرياض دائماً أن تكون البيت الرحب الذي يقصده جميع قادة الأمة بما توفر للمملكة طوال عقود من أريحية ومن بعد نظر ومن شمول النظرة التي تعطي لكل أمر من أمور الأمة ما يستحقه من اهتمام..

وتحفل الأجندة العربية بقدر هائل من المصاعب بدءاً من السياسية مروراً بالاقتصاد وانتهاء بالأوضاع الاجتماعية المضطربة التي هي انعكاس لعدم الاستقرار في الكثير من بقاع منطقتنا، ولهذا فإن المتابعة اللصيقة والمستمرة لكل هذه الأوضاع تستوجب مثل هذا اللقاء الذي تم الأحد بين خادم الحرمين الشريفين والرئيس المصري، فضلاً عن اللقاء المرتقب غداً بين خادم الحرمين الشريفين والعاهل الأردني..

وتزداد هذه اللقاءات أهمية مع اقتراب موعد القمة العربية المقبلة التي ستنعقد بعد حوالي الشهر، وهي تقتضي استعداداً يتفق وحجم المصاعب المطروحة؛ فالوضع في لبنان يحتاج إلى ترتيبات يؤمل أن تنتهي إلى تمثيله في القمة على المستوى الرئاسي، وهناك جهد يتواصل الآن تضطلع به الجامعة العربية ممثلة في أمينها العام من أجل تضييق هوة الخلافات اللبنانية وصولاً إلى انتخاب رئيس توافقي يحظى بقبول الجميع في إطار تسوية تشمل أيضاً التحضير للانتخابات..

وضمن مقتضيات خطة التسوية هذه، المسنودة عربياً، تبرز الحاجة إلى إرادة سياسية جماعية تعزز من وسائل ضمن إنجاح هذه الصيغة، وقد عملت قمة الرياض الثنائية على الدفع باتجاه تشكيل هذه الإرادة انطلاقاً من الدور المحوري والكبير لطرفي هذه القمة؛ المملكة ومصر..

فالنجاح في لبنان ليس شأناً لبنانياً فقط بل هو عربي أيضاً وذلك لاعتبارات عديدة لعل من أبرزها هذا الترابط العضوي بين المشاكل العربية، إلى جانب الإحساس الجماعي بأن أي تقدم سيكون محسوباً لصالح الأمة العربية جمعاء، ولهذا فإن تضافر الجهود باتجاه إنجاز التوافق اللبناني يعزز كثيراً من آمال تقوية اللحمة وتمتينها أملاً في تحقيق المزيد من الإنجازات تجاه بقية المشاكل وعلى رأسها القضية الفلسطينية..

إن قمة عربية ناجحة مطلوبة بشدة، ولعل من عناصر تأمين مثل هذا النجاح الإعداد الجيد الذي يضمن حضوراً فاعلاً لكل أطرافها وبالمستوى الرفيع المأمول، ومن ثم فمن الضروري العمل معاً نحو تحقيق ذلك، من خلال تمهيد السبل إليه وإكمال التوافق المأمول على كافة الساحات بما فيها اللبنانية والفلسطينية والعراقية، وهو أمر في حيز الممكن إذا تضافرت جهود الدول الأخرى مع تلك التي تبذلها القيادات الفاعلة في المنطقة.

***

لإبداء الرأي حول هذا المقال، أرسل رسالة قصيرة SMS تبدأ برقم الكاتب«9999» ثم أرسلها إلى الكود 82244