أحد الاقتراحات التي قدمت في مؤتمر تنشيط السياحة الذي أقيم في جدة مؤخرا، هو فكرة ألمعية قدمها أحد المؤتمرين عن مشروع لتنشيط السياحة عبر تعدد الزوجات.
فهو يرى أنه عبر عدد من الزوجات المتراميات في مناطق المملكة سيمضي صقور الوطن أوقاتهم يمخرون عباب الجو، ويطرقون الطرق الطويلة، وينزلون في الفنادق، ويتنزهون في المتنزهات والمطاعم، ويستأجرون الاستراحات..... عندها تنشط السياحة وتتألق في ربوع الوطن.
ولأنه ليس من حق أحد أن يمنع أي كان عن التفكير أو الاقتراح أو المشاركة في الرأي، فمن حق صاحب الاقتراح أن يعبر عن رأيه إلى أقصاه، ولكن من حقنا أيضا أن نرفع بعض الأسئلة حول هذا النوع من الاقتراحات، وحول الفضاء الثقافي الذي أنتجها وعبر عنها.
فبدلا أن يقدم اقتراحا لتأسيس بعض القرى الشعبية التي تحتوي السيدات صاحبات الأصابع الذهبية من اللواتي يتقن الحرف الشعبية لتسويقها والمحافظة عليها من الاندثار، أو إقامة منتجعات علاجية في أرجاء الوطن، أو فكرة أن تكون هناك منشآت تجمع بين التدريب والترفيه لاحتواء وتدريب نساء الوطن، بدلا من هذا كله جاء اقتراح التعدد ليعبر عن فضاء ثقافي مازال يصر على وضع المرأة في إطار التسويق الاستهلاكي لسلعة مستلبة الإرادة، فهذا الاقتراح لا يخرج إلا عن فضاء يكرس النساء (كشئ) ويحجب عنهن إرادتهن الإنسانية وكرامتهن البشرية.
فما معنى أن تجاور ( المرأة الإنسان) المطعم والملهي في الترويج السياحي، الأمر هنا لا يختلف كثيرا عن من يوظف جسد المرأة في عملية الاستجلاب السياحي في بعض الدول.
ونعود ونرفع علامات الاستفهام عن طبيعة المناخ الثقافي الذي أنتج هذا الاقتراح ؟ أليس هذا أحد تجليات مكان يقبض على (يارا) التاجرة الشريفة لأنها جلست في مكان عام دون خلوة فلم تختار (الخنى) عبر الخلوة في شقة أو استراحة مثلا ؟ وهل هو إلا نفس المناخ الذي يحاكم (فوزة ) بتهمة السحر، ويقهقرنا إلى العصور الوسطي عندما كانت النساء تتعرض للحرق بتهمة السحر والشعوذة، ولا أدري من الذي شاهد فوزة وهي تمتطي جذع نخلة وتجوب بها المدن كساحرة؟
لكن كل الذي أعلمه أن اقتراح تنشيط السياحة عبر التعدد ليس من الممكن أن يخرج من الهباء أو ينبثق فجأة من بنات الأفكار، حتما هناك بيئة تغذيه وتدفعه وتنشطه ليخرج متألقا نشطا مشاركا في التنشيط السياحي.