بعد أن غابت الإنسانية، وتلاشت من نفوس وقلوب الناس، أخذ الجميع في التنافس لابتزاز المحتاجين من المواطنين والمقيمين... لا فرق فكل محتاج ومضطر.
التجار رفعوا أسعار السلع الغذائية وتضاعفت الأسعار، الرز والحليب واللبن، والدجاج، وحتى البيض تضاعف سعر الطبق فبعد أن كان بسعر سبعة ريالات يباع الآن ب16 ريالاً، أما الطامة الكبرى فحصلت عند إيجارات المساكن التي ارتفعت بصورة مذهلة في جميع المدن السعودية وفي جميع أحيائها وبعضها وصل الارتفاع إلى 50%، فالشقة التي كان إيجارها عشرة آلاف أصبح الإيجار خمسة عشر ألف, وهي الشقة التي تقتصر مكوناتها على غرفتين وصالة ومطبخ وحمام، أما إذا زاد على ذلك فيتطلب أكثر من عشرين ألف ويصل الأمر إلى ثلاثين وحتى إلى خمسين ألف ريال للذين يبحثون عن (دور) وهو مطلب العوائل السعودية، وبالتالي تحالف تجار المواد الغذائية مع أصحاب العقارات على راتب المواطن والمقيم اللذين ما إن ينتصف الشهر حتى يبدأ البحث عمن يقرضه, واستناداً على تصريحات المسئولين عن الشأن الاقتصادي والمالي، فإن موجة الغلاء والتضخم آخذة في الارتفاع وبالتالي فإن المنتظر من تحالف التجار وأصحاب العقار الجشعين أن يرفعوا الأسعار والإيجارات من جديد وهذا ما اعتدنا عليه، فبعض أصحاب العقار يرفع الإيجار عن كل سنة، زميل تحدث لي عن هذه المشكلة، فذكر أنه كان مستأجراً شقة مكونة من غرفتين وصالة ومطبخ وحمام ب9 آلاف ريال بالسنة في حي شعبي وعند نهاية العام طلب صاحب العقار رفع الإيجار إلى 14 ألف أو إخلاء الشقة, يضيف صديقنا أنه استنكر الزيادة وبدأ بالبحث عن شقة أخرى فلم يجد أقل من المبلغ المطلوب لإيجار شقق، عندها رضخ للأمر ودفع الإيجار المطلوب، إلا أنه فوجئ في السنة الثانية بزيادة أخرى لتصبح الشقة بإيجار 20 ألف.
هذا الاستغلال الفاضح والجشع الذي لا حدود له والذي لا يضاهيه إلا جشع تجار المواد الغذائية يتطلب تدخلاً وتحركاً من الجهات الحكومية المسئولة كوزارة التجارة ووزارة الداخلية وإمارات المناطق، لوضع مقياس وحد لزيادة الإيجارات مثلما فعلت الدول المجاورة للمملكة، ففي دولة قطر مثلاً جمدت الإيجارات لمدة عامين, يسمح بعدها بزيادة بنسبة 7%؛ وذلك لمنع تلاعب العقاريين واستغلالهم والضغط على المواطنين والمقيمين الذين تحاصرهم موجتي غلاء الغذاء وارتفاع إيجار السكن مما يجعل حياتهم صعبة.... صعبة جداً.
jaser@al-jazirah.com.sa