عاصفة حادة سبقت (الفالنتاين) لتتجاوزه بسكون فظيع.. وما إن ينتهي هذا اليوم حتى تبدأ هذه العاصفة في الهيجان (المخيف) لتستمر - وبحماس شديد - في إيقاد هذه الدورة (السنوية) حتى تخف وتتلاشى وتنتهي، فتجبرنا بزخمها على السير داخل أعاصيرها ليسهم كل فرد منا بما يستطيع من طاقة.. لنكون على موعدٍ مع يوم (الحب) العاصف (السنوي) الذي ينتظره البعض (الآخر) بفارغ الصبر.
لم يكن الاحتفال يحتاج إلى عيد أو مناسبة لكي تتنفس مشاعرنا من خلاله، فالعيد هو من يبحث (الآن) عن الاحتفال والسعادة والسرور، ولا أدل على ذلك من الوضع في (أعيادنا) كل عام.
باعتبارنا عرباً ومسلمين وسعوديين .. فلا بد لنا أن نعتز بقيمنا وعاداتنا وتقاليدنا.. فإن لم نفعل ذلك فسنجعل (الآخرين) ينظرون إلينا بازدراء شديد قد لا يصل إلى أقل أنواع الاحترم, وليس من الضروري أيضاً أن نكون على معرفة تامة (تفصيلية) بها ولكن المهم في الأمر أن يكون موقفنا تجاهها واحداً فلا نظلمها فيظلمنا الآخرون بنظراتهم.
يوم الحب، عيد الحب.. اختلفت المسميات واليوم واحد.. يعتقد الكثير من البشر بأن هذا اليوم (المزعوم) ابتدع عنوةً للنيل من إسلامنا وعروبتنا، وتأتي هذه التكهنات كجزء لا يتجزأ من نظرية المؤامرة (العتيقة) التي لا يتوانى البعض عن تطبيقها على مختلف المستويات.
ينساق الكثير من البشر خلف تلك التيارات الفكرية الصاخبة التي تملأ بضجيجها الصارخ أرجاء القضايا المعاصرة، فهي تشكِّل طرقاً فكرية معبدة - سواء أكانت صحية أم لا - المهم أنها جاهزة فلا تحتاج (الأدمغة) مع هذه الخدمات (المجانية) إلى التفكير أو إلى أدنى مستوى من مستويات الحراك الذهني... فعلى سبيل المثال نرى هذا الكم الهائل من الشباب والشابات عندما ينخرطون في التقاليد الاحتفالية (الفجّة) لهذا اليوم من دون أن يعرفوا عنه أي شيء فهم منهمكون (غارقون) في تلك المظاهر (الشكلية) بشكل كامل، وقسم كبير من هؤلاء، بل أغلبهم (مراهقون) سطحيون في تفكيرهم بدائيون في تعاملهم يبحثون عن التجديد والتغيير بأي أسلوب وعلى أي طريقة كانت وبخاصة إذا كان هذا التجديد (محظوراً) دينياً واجتماعياً وثقافياً، وهؤلاء طبعاً يحتاجون إلى طريقة خاصة للتعامل معهم على أساس أنهم (مراهقون..) ولعل هذه الكلمة تكفي لتفسير كل شيء، وبالتأكيد لا نستطيع حل هذه (المعضلة) بالتنظير أو بملاحقة هؤلاء في الشوارع وضربهم، فالعلاج لا يكون بهذه الطريقة ولن يحدث بهذه السرعة.. أبداً، فلا بد من عقد جلسات مطوّلة ومفصّلة يشارك فيها مجموعة من العلماء على مختلف المستويات الدينية والعلمية والثقافية والاجتماعية, وأزعم بأن هذه هي الطريقة المثلى لحل مثل هذه المشاكل التي تختلط فيها الثقافة بالاجتماع، مع يقيني بأن أغلب هؤلاء المحتفلين هم ممن يبحثون عن التغيير والتجديد ولا يعود احتفالهم بهذا اليوم (المزعوم) إلى اعتقاد ديني أو ثقافي، إنما هو كما أسلفت مجرد تغيير للروتين وعملية (خالف تُعرف) يمارسها هؤلاء ...وهم في كثير من المواقف في أمس الحاجة إلى من يوجههم بلطف وحذر شديد لئلا ينقلب هذا التوجيه فيتحول إلى تنفير قد لا يخدم الموضوع الذي نحن بصدد معالجته والتخلص منه.
الغريب في هذا الشأن أن نفاجأ بهؤلاء الذين قد تخطوا سن المراهقة بمراحل شاسعة.. ونصدم بسلوكياتهم (المنحرفة) عندما نراهم وهم يحتفلون بهذا اليوم! وبأسلوب بشع لا يتوافق وأعمارهم وثقافتهم.. وهؤلاء لا يسيئون إلى أنفسهم فحسب، بل يسيئون إلى قيمنا المجتمعية (السعودية) التي بناها أسلافنا لسنين طويلة، قيم اعتدنا على التترس بها ورفع لوائها عالياً، فهي مصدر فخرنا واعتزازنا وستظل جدارنا الذي نحتمي به إلى الأبد.
نحن بحاجة ماسة للحفاظ على السمت السعودي الذي تعب على بنائه أجدادنا، سمتٌ قلما نجده بيننا الآن.
Alfaisal411@hotmail.com