من دون أدنى شك أن زيارة الرئيس المصري حسني مبارك إلى المملكة لعربية السعودية لا تنطلق من فراغ، ولا تندرج في إطار الزيارات البروتوكولية الاعتيادية بين الدول العربية، وليست من نوع زيارات المباحثات ذات الحاصل والأمد القصير، فالمنطقة العربية تعجّ بالكثير من بؤر السخونة، ومسار الأحداث بها يتجه صوب التصعيد اللامحمود العواقب، والقمة العربية مقبلة بما تحملة من إرهاصات وتراكميات واضحة الملامح ومعروفة التعقيد والتشابك. المملكة وجمهورية مصر العربية تعدّان ركيزتين أساسيتين في أيِّ تحركٍ أو حراكٍ سياسيٍّ يأتي على ظهر المنطقة، سواء كان ذلك صوب عملية السلام المعطلة أو الإضراب عن الحياة الذي سببه البعض في لبنان، أو إيران و ملاكمتها للغرب وتدخلاتها مع غيرها في العراق والعبث بمستقبلة السياسي والأمني على حد سواء. ولذلك يأتي التنسيق السعودي المصري في هذا الوقت من أجل توحيد منافذ الحل وتبويب الحلول وتصويبها إلى مداخل الأزمات، وهو ليس بالجهد الجديد على القاهرة والرياض، فقد ظل الجهد السعودي المصري عاملاً جوهرياً ومعروفاً في إرساء الاستقرار بكثير من الدول العربية وتعريب حلول التعامل تجاهها، والحرص على الابتعاد بملتهب الأزمات عن المسكنات والتدخلات الجراحية الخارجية.
إن ما تمر به المنطقة العربية من ظروف صعبة ممثلة بجراحها الملتهبة من عملية سلام معطلة، وبؤر سخونة دائمة ورياح ونذر الحرب التي تهب من حين لآخر عليها، سواء كانت تلك الحرب من صنف الحرب الأهلية (في لبنان مثلاً) أو ما تهدد به إسرائيل الرابضة على صدر عملية السلام من شن الحروب واجترار الجيوش على لبنان أو غزة، وتدخلات بعض الدول في أمن العراق واستباحتها لأراضيه علناً بعدما تغلغل نفوذها به سراً، كل هذه المعطيات والإرهاصات الكبيرة تجعل من المشاورات والمباحثات (السعودية المصرية) أمراً ضرورياً ومهماً ونافعاً للأمة العربية وستعود نتائجها وثمارها بالفائدة والخير على استقرار المنطقة والشعوب العربية إن سلمت ونجت من مناورات ومزايدات الغير ممن وظفوا أنفسهم باقتدار لتدمير كل جهد يسعى لحفظ أمن الواقع العربي وينأى به عن تدخلات الأحلاف أو اجتراره إلى متاهات الاضطرابات والحروب.
***
لإبداء الرأي حول هذا المقال، أرسل رسالة قصيرة SMS تبدأ برقم الكاتب«9999» ثم أرسلها إلى الكود 82244