Al Jazirah NewsPaper Monday  25/02/2008 G Issue 12933
الأثنين 18 صفر 1429   العدد  12933
بعد إعادة الرسوم المسيئة عن النبي في الصحف الدنماركية د. الشدي ل«الجزيرة»:
التطاول على المقدسات والأنبياء استفزاز للمسلمين وجرح لمشاعرهم وتهديد للتعايش السلمي بين الشعوب

حوار - وهيب الوهيبي

جاءت قضية إعادة نشر الرسوم المسيئة في الصحف الدانمركية لتعيد من جديد قضية الإساءة للرسول صلى الله عليه وسلم, التي استفزت مشاعر المسلمين وجرحت مشاعرهم، وأكد الدكتور عادل بن علي الشدي الأمين العام للبرنامج العالمي للتعريف بنبي الرحمة في حديث للجزيرة أن إعادة نشر الرسوم المسيئة للنبي عمل مرفوض ومستنكر ويهدد التعايش السلمي بين الشعوب والأديان رافضاً في الوقت ذاته ردود الفعل الغاضبة التي تسيء إلى صورة الإسلام والمسلمين وفيما يلي نص الحوار:

* كيف يمكن مواجهة هذه الاساءات المتكررة لرسول الله؟ ولماذا اعادة نشر هذه الرسوم؟

- بداية إن إعادة الصحف الدانمركية نشر الرسوم المسيئة لرسول الله صلى الله عليه وسلم، أمر مرفوض ومستنكر ومستهجن، ولا يمكن السكوت عليه أو قبوله، لأنه إساءة إلى سيد الخلق؟. ولابد من ردود فعل عاقلة ومتزنة وهادئة ولكنها في نفس الوقت حاسمة وعاجلة للرد على هذه الإساءات.

* وماذا عن ردود الفعل الجامحة؟

- ردود الفعل الجامحة وغير المدروسة، والمخالفة للضوابط الشرعية مرفوضة لأنها تسيء إلى صورة المسلمين أكثر مما تنفع، وتعطي للمسيء الفرصة لتبرير إساءته غير المقبولة.

* هناك من يقول إن النشر عملا بحرية التعبير؟

- الذين يتشدقون بحرية الرأي وأنها بلا حدود كيف يرفضون أي حديث عن محرقة اليهود في أفران النازية، بل يقدمون بعض كبار المفكرين والمؤرخين الأوروبيين للمحاكمة لمجرد أنهم شككوا في أعداد اليهود الذين حرقوا في أفران النازية. والمتابع لما يحدث في الساحة العالمية اليوم يلحظ أن هناك حملات إعلامية مكثفة ضد الاسلام والمسلمين، ومحاولات متواصلة للإساءة إلى رسول الله وهذا فيه اختبار لمشاعر المسلمين.

* عندما نشرت هذه الرسوم قبل عامين حدثت هبة اسلامية عارمة فهل اوصلت هذه الهبة رسالة إلى الدانمركيين؟ ولماذا يعودون للنشر؟

- الهبة الإسلامية التي حدثت عندما نشرت الصحيفة الدانمركية قبل عامين هذه الرسوم المسيئة، أوصلت رسالة للغرب حول أي إساءة إلى الرسول؟، وأن هذه الهبة العفوية التي شاركت فيها دول وحكومات ومنظمات وشباب وشيوخ ورجال ونساء، أظهرت الموقف الإسلامي الواضح من هذه الرسوم، وقد نظمت فعاليات في شتى أنحاء العالم للاحتجاج على هذه الرسوم، وكان المأمول أن تصل الرسالة الإسلامية إلى من يقفون وراء الإساءة للرسول؟، ولكن الواضح أن هناك من يريد تأجيج الصراع مع المسلمين، وافتعال الأزمات، وهذا ما يقوم به اليمين المتطرف في الدول الغربية، الذي يحاول بين فينة وأخرى تأجيج مشاعر الكراهية ضد المسلمين.

* الصحف الدانمركية ربطت بين نشر الرسوم وبين القبض على بعض الشباب بزعم محاولة قتل الرسام؟

- الربط بين إلقاء القبض على ثلاثة من الشباب المسلمين في الدانمرك بزعم تدبير محاولة لاغتيال صاحب هذه الرسوم وبين إعادة جميع الصحف الدانمركية نشر الرسوم المسيئة تضامناً مع الرسام ومع الجريدة التي نشرت الإساءات قبل عامين, إن هذا أمر غير مقبول، ولا يمكن تبريره، فإذا كان هناك مخطط مزعوم تم اكتشافه فإن من تورطوا في هذا العمل يحالون للمحاكمة وتطبق عليهم القوانين الدانمركية، والسؤال: ما ذنب المليار وثلاثمائة مليون مسلم يعيشون في العالم بهذه القضية، وهل يعني اتهام مسلم بشيء أن نسيء لمقدسات المسلمين جميعاً؟! إن هناك العديد من الغربيين الذين يتورطون في قضايا مماثلة فهل يسيء المسلمون للغرب؟! الإجابة واضحة ومحددة ولا يمكن قبول هذه الأفعال المسيئة، ولا نقبل من أي شخص يسيء إلى رسولنا الكريم.

* وكيف يعمل كل مسلم على نصرة دينه؟

- كل مسلم واجب عليه أن يظهر نصرته لرسوله؟، وأن يكون ذلك بفعل ايجابي للتعريف بسيرة رسولنا وأخلاقة وشمائله، فالمشاركة في نصرة الرسول تكون بالاقتداء به والتخلق بأخلاقه والاهتداء بسنته وتكون بالفعل الرشيد والمدروس، والسلوك الإسلامي الحضاري، ورد الفعل المتزن، إن لدينا الآن قنوات وبرامج ومشروعات لنصرة نبي الرحمة، وجهات مختصة تقوم على هذه البرامج، فلابد من دعمها ومساندة القائمين عليها.

نحن نعلم أن الله تعالى قد تكفل بنصرة نبيه وأنه قد كفاه المستهزئين ولكن هل نكون ممن يساهمون في شرف نصرة رسولنا؟ أم ماذا؟! إنني أتعجب.. هل لو تعرض أحد لآبائنا أو إخواننا أو دولنا أو لإعلام بلادنا هل نصمت ونسكت؟!.

* هناك من يطالب بالسكوت على هذه الاساءات واهمالها؟

- الإجابة معروفة سلفا، لا أحد يسكت عن هذه الإساءات، كما أننا جميعاً لا نسكت عن الإساءة لرسولنا، فلا بد أن يكون لنا دورنا ومواقفنا وردود أفعالنا المدروسة والمتزنة، والمنضبطة بضوابط الشرع، حتى لا يستجر المسلم لمواقف تحسب عليه وعلى دينه.

* انهم يتخندقون تحت شعار حرية النشر؟

- القول بحرية الرأي وحرية الصحافة, وأن هذا معمول به في الغرب فهل حرية التعبير في الغرب بلا حدود؟، لقد تقابلنا مع مسؤوليين غربيين في جولاتنا بالدول الأوربية، وعرضنا عليهم الأمر، وناقشنا معهم مسألة التطاول على المقدسات، وقلنا لهم: إنكم تجرمون بالقوانين, من يحاول التشكيك في محرقة اليهود في أفران النازية، بل وتقدمون للمحاكمة مفكرين غربيين كبار غير مسلمين حاولوا البحث والدراسة حول أعداد اليهود الذين تم إحراقهم في أفران النازية، بالرغم أن هذه جرائم إنسانية, وليست مقدسات دينية.

* زرتم الدانمرك والتقيتم بالناس العاديين وبمفكرين هل لمستم تجاوبا شعبيا مع الرسوم والرسام المسيء؟

- إننا سافرنا إلى الدانمرك وتجولنا في الشوارع والتقينا بطوائف من أبناء الشعب الدانمركي وتأكدنا أن الموقف المسيء لرسولنا الكريم من اليمين المتطرف الذي يريد تأجيج الصراع، أما الشعب الدانمركي فهو شعب مسالم، ولا يقبل هذه الإساءات وإن كان بأمس الحاجة إلى من يعرفه بحقيقة شخصية نبينا محمد ورسالته، حاله في ذلك حال معظم الشعوب العربية.

* هل طلبتم من الحكومة الدانمركية تفسيرا لموقفها الغامض من نشر هذه الرسوم؟

- إننا طلبنا بوضوح تحديد موقف الحكومة الدانمركية من إعادة نشر جميع الصحف هناك للرسوم المسيئة، لان هذا أمر غير مقبول، وعندما نطلب هذا الموقف من الحكومة فإننا لا نطلب منها أن تمارس القيود على الصحافة.

* حدثت ردود فعل من بعض الشباب المسلم تمثلت في حرائق وغيرها في الدانمرك فبماذا تنصحونهم؟

- إن العقلاء لابد أن يتدخلوا فوراً للتأكيد على ضبط النفس وتفويت الفرصة على من يسعدهم إذا كان الصراع بين المسلمين وغيرهم مؤكداً على أن ردودنا لابد أن تكون متزنة وفاعلة وتؤدي إلى نتيجة وتنصر رسولنا صلى الله عليه وسلم، وقال الأمين العام للبرنامج العالمي للتعريف بنبي الرحمة: إن منن الله علينا وعلى ديننا كثيرة، فبعد نشر هذه الرسوم المسيئة الإجرامية، كانت منة الله أكبر فقد اقبل الدانمركيون على التعرف على رسول الله الذي هبت جموع المسلمين للدفاع عنه، وزاد عدد المسلمين في الدانمرك إلى ثلاثة أضعاف، وهذا لا يعني أننا نقبل هذه الرسوم المسيئة الإجرامية ولكن نقول إن دورنا لابد أن يكون بالتعريف بنبي الرحمة لمن يجهلونه ومن لديهم صورة مشوهة من أعلام معادي للإسلام والمسلمين.

* هناك من يقول إن ردود افعال المسلمين مؤقتة تجاه هذه الإساءات؟.

- نحن لا نريد أفعالاً ومواقف مؤقتة وعفوية ومجرد استنكارات تنتهي مع الحدث، ولكن نريد تنفيذ برامج ومشروعات وفق رؤى وخطط علمية مدروسة، وهذا ما حاولنا القيام به في البرنامج العالمي للتعريف بنبي الرحمة، فعندما حدثت الرسوم المسيئة حدثت ردود فعل عارمة، ورأينا أن نؤسس هذا البرنامج الذي انطلق قبل عامين، وتحتضنه رابطة العالم الإسلامي، وبدأنا العمل المخطط والمدروس، وشكل البرنامج ثماني لجان مختلفة للتعريف بنبي الرحمة تخصصت في مجالات البرامج الإعلامية والمعارض وتقنية المعلومات والدورات والندوات والوفود والكتب والترجمات والبحوث والمسابقات، وأصدرنا الكتب التي تعرف برسولنا الكريم مترجمة إلى سبع لغات ونفذنا البرامج والدورات التي تعرف بكيفية نصرة النبي، وأقمنا هذه البرامج لرؤساء الجمعيات والمراكز الإسلامية في أوروبا وإفريقية وآسيا، ونظمنا المعارض في عدد من دول العالم، وقمنا بجولات في أوروبا وآسيا وإفريقية وأمريكا الجنوبية، وشاركنا في حوارات مع مفكرين ومثقفين من شتى أنحاء العالم، ولأول مرة يخصص في مجلس اللوردات البريطاني جلسة للتعريف بنبي الرحمة كان لها صداها على جميع المستويات، واستقبلنا وفوداً من أنحاء مختلفة من العالم، وابتكرنا وسائل ودورات جديدة للتعريف بالرسول الكريم منها: المسجل الرقمي لأبناء المسلمين الناطقين بالإنجليزية، وهو جهاز بحجم الكف، يحتوي على مضامين تعرف النشء المسلم برسولنا الكريم، وكذلك هدية زوار المسجد النبوي وهي مجموعة كتب بسبع لغات يتم توزيعها على المسلمين الذين يزورون مسجد رسول الله، وأطلقنا الجوال الدعوي الذي يعرف برسول الله، وهو جوال دعوي وفي الوقت نفسه يخصص دخله لدعم مشروعات التعريف بنبي الرحمة، وأقمنا أول مسابقة عالمية للتعريف برسولنا الكريم قدم فيها 430 بحثاً، وسجلنا العديد من الحلقات الإذاعية والتلفزيونية ونفذنا ما يزيد عن 45 مشروعاً، ولدينا خطة إستراتيجية للتعريف بسيد الخلق ننفذها خلال الثلاث سنوات القادمة.

وقال الدكتور الشدي: نحمد الله على أن البرنامج العالمي للتعريف بنبي الرحمة يحظى بدعم كريم من ولاة الأمر، فقد شرف خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز -حفظه الله- البرنامج حين وصفه بأنه يحمل إستراتيجية واضحة وواقعية للتعريف بنبي الرحمة، وشرف القائمون على البرنامج بلقاء صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبد العزيز وزير الداخلية، وكذلك شرفنا بلقاء صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز أمير منطقة الرياض وتم عرض منجزات البرنامج وتطلعاته، ويحظى البرنامج بدعم سماحة مفتي عام المملكة الذي طالب بأن يتحول البرنامج إلى هيئة عالمية للتعريف بنبي الرحمة، وكذلك دعم وإشراف معالي الدكتور عبد الله التركي أمين عام رابطة العالم الإسلامي ودعم وتزكية مجموعة أصحاب الفضيلة العلماء والمشايخ والدعاة، ومساندة ودعم جملة من رجال الأعمال والمحسنين وكافة فئات المجتمع.

وأضاف د.الشدي: إن لدينا عشرات المشروعات الدعوية لنصرة النبي والتعريف بخاتم الخلق وهي في حاجة إلى المال الداعم، ولدينا عشرات من المفكرين والأكاديميين والإعلاميين والدعاة المتطوعين لنصرة النبي، ونأمل تواصل الجميع معنا.




 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد