أصدرت الدائرة الجزائية الرابعة عشرة بديوان المظالم في منطقة عسير حكماً يقضي بإدانة رئيس بلدية بمحافظة بمنطقة جازان وثلاثة موظفين آخرين في قضية تزوير وتبديد المال.
الحكم تضمن سجن المدانين لمدة عام وتغريم كل واحد منهم ألفي ريال، ورد (25400) ريال لخزينة الدولة، والقضية التي رفعها فرع هيئة الرقابة والتحقيق بمنطقة جازان ضد المتورطين أمام ديوان المظالم بعد اكتشاف الفرع عمليات تزوير لمحررات رسمية تتعلق بصرف مستخلصات لإحدى المؤسسات الخاصة بعمليات الرش، وتقديم بيانات كاذبة في صورة بيانات حقيقية، ومن خلال إثبات أن المؤسسة قامت بالرش بناء على بند العقد خلافا للحقيقة.
وحكم الدائرة الجزائية في ديوان المظالم في منطقة عسير ليس الأول، كما أنه أيضاً لن يكون الأخير، وليس مقصوراً على جازان أو عسير، بل يمكن أن يحصل في مناطق أخرى، فطالما يوجد بين البشر من يضعف أمام إغراء المادة فيقوم بالتزوير والمخالفات، ويسمح ضميره ونفسه الضعيفة بقبول الرشوة، فلابد أن تتكرر مثل هذه الأعمال، كما أن وجود جهاز فعال آخذ في التطور ممثلاً في هيئة الرقابة والتحقيق، ووجود جهاز قضائي تمتد سلطته القضائية لكل أجهزة الدولة والمجتمع بما فيها المؤسسات الاقتصادية والحكومة كفيل بوضع حد للسرقات وخيانة الأمانة والرشوة والتجاوزات والإهمال والمحسوبية وغيرها من الأمراض الاجتماعية.
الشيء المؤكد هو أن تعزيز وتقوية الرقابة ومحاسبة كل من يخطئ - مهما كان مركزه الوظيفي والاجتماعي- كفيل بتطبيق العدالة وإحقاق الحق على الجميع دون استثناء من أجل جعل المجتمع، مجتمع عدل ومساواة.
وقد وضعت الدول الكثير من الضوابط وأنشأت أجهزة ومؤسسات للرقابة والمحاسبة، بعضها مرتبط بالمجالس المنتخبة، كمجالس الشورى ومجلس البرلمان والمجالس البلدية، ومنحها حق الرقابة والتدقيق والمحاسبة لأعمال الأجهزة التنفيذية، والدفع للمؤسسات القضائية لمحاسبة المتورطين والذين ينتهكون القوانين من أجل مصالحهم الخاصة مما يؤدي إلى إهدار المال العام.
وهنا في المملكة توجد أجهزة متخصصة لمعالجة مثل هذه المخالفات؛ فبالإضافة إلى هيئة الرقابة والتحقيق التي تمثل الادعاء العام والتي تقوم بالتحقيقات الأولية، هناك ديوان المراقبة العامة الذي يختص بمراقبة أعمال أجهزة الدولة ويدقق حساباتها، وهذا الديوان يقوم بدور هام لكشف المخالفات ومحاسبة مرتكبيها، وقد تضمن التقرير الأخير لهذا الديوان سرداً للعديد من المخالفات التي كشفها وإعادة لصندوق مال الدولة ملايين الريالات وأوقف العديد من المخالفين، ويكمل ديوان المظالم أعمال هذه الأجهزة الرقابية حيث يقاضي مرتكبي المخالفات وينظر في القضايا التي ترفع إليه وفق الشريعة والقانون دون اعتبار لمركز المخالف ووظيفته، وبهذا تكتمل العملية الرقابية القضائية التي تحتاج إلى تفعيل وتنشيط أكثر.. فحتما إن ما يكشف من قضايا ومخالفات هي ليست جميعها، فهناك الكثير الذي سيظهر على السطح، لو تسلح المواطن بالفطنة والمطالبة بحقوقه الشرعية والتبليغ عن أي شبهة لأجهزة الرقابة والتحقيق وديوان المراقبة، لأن المواقف السلبية من قبل المواطن هي التي تشجع المنحرفين على ارتكاب الأخطاء التي تصبح جرائم بحق المواطن إنْ لم نسهم جميعاً في الكشف عنها.
jaser@al-jazirah.com.sa