هذا المقال هو إعادة كتابة مقال رفض رئيس التحرير نشره. تحدياً لقدرة الكاتب أن تكتب المقال مرتين بطريقتين مختلفتين. أعرف هذا التحدي في كتابة القصة. عندما يضطر الكاتب أن ينقل صيغة القول من الأنا (على سبيل المثال) إلى صيغة ال هو. تغييراً في مشاعر القص. تغير طبيعة القصة مع إبقاء خط القص الأساسي كما هو. لكن في كتابة المقال لا يوجد أمر مثل هذا. ما حدث بيني وبين رئيس التحرير يتعلق بالزاوية التي ينظر منها إلى الموضوع. يتعلق بتوقع ردود فعل القراء.
المقال المحجوب يتحدث عن الارتباط بالدولار. هناك عشرات المقالات التي تحدثت عن هذا الموضوع. لم أطالب بفك الارتباط بالدولار ولم أطالب بالاستمرار في الارتباط بالدولار لسبب بسيط أني لا أفهم في هذا الموضوع، ولا أظن أني سأفهم هذا الموضوع في الزمن المتبقي لي في هذه الفانية.
أعتقد أن سبب اختلافي مع رئيس التحرير يعود إلى أني بدأت بالإشارة إلى سمعة الدولار في حقبة الحرب الباردة. قلت إن اليسار العالمي حارب الدولار على مستوى العالم واتهمه بأنه أصل التجويع والفساد في العالم.
حوله إلى رمز للاستعمار.. إلخ. وقلت إن هذه التهمة السيئة للدولار قد تنعكس على الجدل الاقتصادي البحت الدائر حول الارتباط بالدولار.
فالجدل الدائر بين الاختصاصيين لا يساعد الناس العاديين مثلي على فهم طبيعة الموضوع. أطراف النقاش في هذا الموضوع لا يتحدثون بل يطالبون بعضهم بعضاً بكلمات مختصرة حتى أني قلت بالنص: (يذكرني الحوار الدائر الآن حول قضية الارتباط بالدولار بمضاربات الأيام القديمة في شارع العطايف الشميسي والعجلية عندما يمسك الواحد بجران الآخر لا تسمع سوى كلمتين: (أقولك فك أقولك ما راح أفك أش رأيك). حوار غير تثقيفي. مجرد تقاذف كرة. فالمتحاورون يتكلمون بينهم على أساس أن الجميع يفهم ما يقولون، وهذا غير مفيد؛ فقرَّاء الجرائد عادة من طبقات ثقافية مختلفة، وإذا جاء الأمر إلى الاقتصاد فغالبية قراء الجرائد يمكن تصنيفهم من طبقة الأميين. الحديث عن المسائل الاقتصادية في صحف المملكة جديد لم تترسخ مصطلحاته وأدواته في أذهان الناس بعد، لذا طالبت وزارة المالية أن تستغل هذه المناسبة وتتعاقد مع عدد من المحاضرين الخبراء يلقون محاضرات في الجامعات والنوادي وكتابة المقالات المبسطة لتوضيح وجهة نظرهم في بقاء الريال مرتبط بالدولار. منها إبعاد الحوارات الاقتصادية عن السياسة ومنها تثقيف الناس وإشراكهم في المسؤولية.
طبعاً هذا التوضيح يصب في صالحي. فالقارئ لن يعرف السبب الذي دفع أبو بشار إلى حجب المقال. تركيبة المقال السابق تختلف عن تركيبة هذا المقال، والشواهد أيضاً تختلف؛ ففي المقال السابق جاء ذكر الجوع والعطش والحرب الباردة وجياع أفريقيا.. إلخ. لا شك أن للكلمات قيمتها في التأثير النفسي وخلق أجواء تؤثر على استقبال القارئ للفكرة.
في النهاية أقول: فكرتي وصلت، ومن يريد أن يحكم بيني وبين أبو بشار يبعث لي برسالة على بريدي الإلكتروني، وأبعث له بالمقال الأصلي.. وهو الحَكَم.
فاكس 4702164
yara.bakeet@gmail.com