صغيرة في كل شيء.. تمر بنا الأيام وتلتهمنا سنوات العمر كسرعة البرق، يفرح آباؤنا باليوم الذي يخلقنا الله في أرحام أمهاتنا الطاهرة.. وتعلو السعادة والبسمة محياهم ويعدون الدقائق والساعات حتى يحين موعد يوم أخذنا لتأشيرة الدخول إلى هذه الحياة الفانية ويتلقون التهاني والتبريكات بقدومنا.يصفقون لنا في أول يوم نخطوه بأقدامنا على الأرض من نقطة انطلاق بين يدي والدينا مرتمين في أحضان والدتنا، وسط عاصفة من التصفيق والتشجيع يخالطها الكثير من دموع الفرح.. نرى ابتسامتهما العريضتين ونحن نستعد للذهات في أول يوم دراسي في حياتنا.. ونستمع إلى نصائحهم وإرشاداتهم في حسن اختيار المكان الوظيفي المناسب في يوم تخرجنا حاملين الشهادات العليا.. نرى دموعهم الغالية ويشاركوننا الصور التي ستبقى في أرشيف الذكريات في ليلة العمر ليلة زواجنا.. وتعمق الدنيا أفراحها في أعماق قلوبنا وقلوبهم في يوم ما يكرمونا الله - عز وجل - بفلذات أكبادنا ويحمل اباؤنا بأيدايهم أطفالنا.. نتبادل الضحكات التي تخالطها الكثير من الغمزات واللمزات بيننا إذ بدأ الشيب يخطو أولى خطواته في رؤوسنا معلنا بداية نهاية أيام العمر...!تعود أعينهم لتغرق في شواطئ الدموع من جديد ونتراشق النظرات الذابلة والهدوء يخيم على المكان وألم الفراق في ركن من أركان البيت ينتظر ولادته...؟ نعم ينتظر يوم رحيل والدينا عنا ونحن على مشارف السبعين حتى يأتي ذلك اليوم المر من أيام العمر الذي نحمل على أكتافنا من كانوا معنا في كل محطات العمر الفانية وشاركونا الجلوس في انتظار كل محطة ووقفوا معنا أمام شباك العمر لقطع تذكرة للدخول والوصول لمحطة متقدمة وجديدة محطات الأيام.كل هذا فصل من فصول العمر يمر علينا في عهد ابائنا وأمهاتنا، وسيأتي فصل آخر يعايشه أبناؤنا في عهدنا وتتكرر حلقات الفصل السابق حيث تأتي حلقات جديدة ولكن في مشهد مختلف وتحت كاميرات مخرج يحمل عدسات أعوام مختلفة لسيناريو مؤلف يوجد في أعلى سطور تأليفه عنوان باسم (أيااااام العمر).
