Al Jazirah NewsPaper Sunday  24/02/2008 G Issue 12932
الأحد 17 صفر 1429   العدد  12932
صفات الخوارج
ثامر بن قاسم القاسم- الرياض

أخرج الترمذي في كتاب الفتن، باب صفة المارقة، عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (يَخْرُجُ فِي آخِرِ الزَّمَانِ قَوْمٌ أَحْدَاثُ الْأَسْنَانِ، سُفَهَاءُ الْأَحْلَامِ، يَقْرَءونَ الْقُرْآنَ لَا يُجَاوِزُ تَرَاقِيَهُم،ْ يَقُولُونَ مِنْ قَوْلِ خَيْرِ الْبَرِيَّة،ِ يَمْرُقُونَ مِنَ الدِّينِ كَمَا يَمْرُقُ السَّهْمُ مِنَ الرَّمِيَّةِ).

وفي صحيح مسلم عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في ذي الخويصرة: (إن من ضئضئ هذا قوماً يقرؤون القرآن لا يجاوز حناجرهم، يقتلون أهل الإسلام ويدعون أهل الأوثان، يمرقون من الإسلام كما يمرق السهم من الرمية، لئن أدركتهم لأقتلنهم قتل عاد).

الخوارج: هم من يكفرون المسلمين بالكبائر، فيستحلون دماءهم وأموالهم، ويخرجون على أئمة المسلمين وجماعتهم.

وهي أول بدعة حدثت في الإسلام، وهم أول من كفّر المسلمين بالذنوب، ويكفرون كل من خالفهم في بدعتهم، وهي أول فرقة فارقت جماعة المسلمين وخرجت عن الصراط المستقيم، وأما أهل السنة والجماعة فيتبعون الكتاب والسنة، ويطيعون الله ورسوله؛ فيتبعون الحق ويرحمون الخلق.

والخوارج المارقون ثبت ضلالهم بالنص والإجماع؛ فقد تكاثرت الأدلة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وصحابته رضي الله عنهم بالتحذير منهم والنكير الشديد عليهم، كما قال صلى الله عليه وسلم فيهم: (كلاب النار) وقال عنهم: (أبغض خلق الله إليه)، وقال: (شرُّ قتلى تحت أديم السماء)، قال الإمام أحمد: (صح الحديث في الخوارج من عشرة أوجه).

ولقد تتابع علماء السنة قرناً بعد قرن على التحذير منهم ومن فتنتهم، حتى صار ذلك من أصول عقيدة أهل السنة والجماعة.

قال الإمام الآجري: (لم يختلف العلماء قديماً وحديثاً أن الخوارج قوم سوء، عصاة لله عز وجل ولرسوله صلى الله عليه وسلم، وإن صلوا وصاموا واجتهدوا في العبادة، فليس ذلك بنافع لهم، وإن أظهروا الأمر بالمعروف والنهي والمنكر، وليس ذلك بنافع لهم؛ لأنهم قوم يتأولون القرآن على ما يهوون.. والخوارج الشُّراةُ الأنجاسُ الأرجاس، ومن كان على مذهبهم، وسائر الخوارج يتوارثون هذا المذهب قديماً وحديثاً، ويخرجون على الأئمة والأمراء، ويستحلون قتل المسلمين).

ولعلك أيها القارئ الكريم تسأل وتقول: وما صفات هؤلاء القوم الذي حذرنا منهم نبينا صلوات الله وسلامه عليه، لنعرفهم ونحذرهم ونُحذَّر منهم ومن منهجهم؟!

أقول لك: لقد أحسنت السؤال، فأصغ إلى الجواب:

إن لكل فرقة ونحلة أصولاً تقوم عليها، ومنهجاً يسيرون عليه، وعلى المسلم أن يعرف طرق الضلال والشر ليحذرها فلا يقع في شراكها؛ يقول حذيفة بن اليمان رضي الله عنه: (كان الناس يسألون رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الخير وكنت أسأله عن الشر مخافة أن أقع فيه).

- فأما أصول الخوارج وصفاتهم وسماتهم العامة، فمنها:

أولاً: تكفير المسلمين بالكبائر وتخليدهم في النار وعدم الاستغفار لهم؛ ويدل عليه قصة يزيد الفقير مع الصحابي الجليل جابر بن عبد الله، وهي مُخرجة في صحيح الإمام مسلم، قال يزيد: كنت قد شغفني رأيٌ من رأي الخوارج، فخرجنا في عصابة ذوي عدد نريد أن نحج، ثم نخرج على الناس، قال: فمررنا على المدينة، فإذا جابر بن عبد الله - رضي الله عنه- يُحدِّث القوم، جالس إلى سارية، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال يزيد: فإذا هو قد ذكر الجهنميين، قال: فقلت له: يا صاحب رسول الله، ما هذا الذي تحدثون به؟! والله يقول (إِنَّكَ مَن تُدْخِلِ النَّارَ فَقَدْ أَخْزَيْتَهُ)، ويقول (كُلَّمَا أَرَادُوا أَن يَخْرُجُوا مِنْهَا أُعِيدُوا فِيهَا); فما هذا الذي تقولون؟! فقال جابر: أتقرأ القرآن؟! قلت: نعم. قال: فهل سمعت بمقام محمد صلى الله عليه وسلم; (يعني الذي يبعثه الله فيه؟) قلت: نعم. قال: فإنه مقام محمد صلى الله عليه وسلم المحمود، الذي يُخرج الله به من يخرج. قال يزيد: ثم نعتَ وضع الصراط ومرَّ الناس عليه. قال: وأخاف أن لا أكون أحفظ ذلك. قال: غير أنه قد زعم أن قوماً يخرجون من النار بعد أن يكونوا فيها. قال: يعني فيخرجون كأنهم عيدان السماسم. قال: فيدخلون نهراً من أنهار الجنة، فيغتسلون فيه فيخرجون كأنهم القراطيس. قال يزيد: فرجعنا فقلنا: ويحكم! أتُرون الشيخ يكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم؟!. قال: فرجعنا، فلا والله ما خرج منا غير رجل واحد.

وأما عدم استغفارهم لأهل الإسلام فدليله؛ قول ذي خولان - وكان خارجياً- لوهب بن منبه: (إنهم يأمرونني أن لا أتصدق إلا على من رأى رأيهم وأن لا أستغفر إلا له).

ثانياً: الخروج على أئمة المسلمين؛ لأنهم إذا كفَّروا ولاة الأمر حاربوهم وخرجوا عليهم، كما خرج أوائلهم على الخليفة الراشد المبشَّر بالجنة علي بن أبي طالب رضي الله عنه ومن معه من الصحابة؛ فإنهم لما كفَّروا علياً في قضية التحكيم وأخذوا بظاهر الآية (وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ) فقالوا: لا حكم إلا لله، وأنت حكَّمت الرجال!!. خرجوا عليه وقاتلوه. وعلى هذا سار الخوارج إلى يومنا الحاضر؛ فإنهم لما كفَّروا ولاة الأمر والعلماء خرجوا عليهم، فشقوا عصا الطاعة، وفارقوا الجماعة، فأثاروا الفتن على أهل الإسلام، فأفسدوا الدين والدنيا، وخربوا البلاد وروَّعوا العباد، فما أشبه الليلة بالبارحة!.

واعلم أخي - وفقني الله وإياك- أن الخروج على الأئمة والأمراء يكون بالقول وبالفعل؛ قال العلامة ابن عثيمين رحمه الله: (ونحن نعلم بطبيعة الحال أنه لا يمكن خروج بالسيف إلا وقد سبقه خروج بالقول واللسان، فالناس لا يمكن أن يأخذوا سيوفهم ليقاتلوا الإمام بدون شيء يثيرهم، لا بد أن يكون هناك شيء يثيرهم وهو الكلام، فيكون الخروج بالكلام خروجاً حقيقياً دلت عليه السنة ودل عليه الواقع). انتهى.

ومما يدل على أن الكلام في الأمراء وولاة الأمر ذريعة وطريق للخروج العملي؛ ما ذكره عبد الله بن سبأ - رأس الفتنة زمن أمير المؤمنين عثمان - لأتباعه: (انهضوا في هذا الأمر بالطعن في أمرائكم).

وها قد طبَّق كلام ابن سبأ خوارج العصر اليوم، فسلكوا سبيل قادتهم واتبعوا طرائقهم؛ قال العلامة ابن باز: (وهذه الأشياء التي سلكها المسعري وأشباهه هي من جنس ما سلكه عبد الله بن سبأ وأشباهه). ا.هـ

ثالثاً: الخروج على جماعة المسلمين واستباحة دمائهم وأموالهم؛ ففي صحيح مسلم أن علياً رضي الله عنه حرض المسلمين على قتال الخوارج وقال: (يا أيها الناس تتركون هؤلاء يخلفونكم في ذراريكم وأموالكم؟ والله إني لأرجو أن يكونوا هؤلاء القوم - يعني الخوارج - فإنهم قد سفكوا الدم الحرام، وأغاروا في سرح الإسلام فسيروا على اسم الله).

وقالت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها لشداد بن أوس: وهل قتلهم علي تعني الخوارج-؟ فقال: (والله ما بعث إليهم حتى قطعوا السبيل وسفكوا الدم الحرام واستحلوا أهل الذمة).

وهذا ظاهر في فعل خوارج العصر؛ كيف أنهم أرادوا أن يفجروا آبار النفط التي هي من مصادر رزق المسلمين؟! وما سينتج عن ذلك من قتل للمسلين الموحدين؟! وما فعلوه قبل ذلك من تدمير المنشآت الاقتصادية والسكنية؟! وما ارتكبوه فيها من قتل للأنفس المسلمة والمعصومة؟! أليس هذا استباحة لدماء المسلمين وأموالهم؟! يقول الله عز وجل: (وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُّتَعَمِّداً فَجَزَآؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا وَغَضِبَ اللّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَاباً عَظِيماً) وقال صلى الله عليه وسلم: (لزوالُ الدنيا أَهْوَنُ عِنْدَ الله من قتلِ رجلٍ مُسْلِم)، وقال عليه السلام: (كل المسلم على المسلم حرام: دمه وماله وعرضه)، قال سعيد بن جبير: (من استحل دم مسلم فكأنما استحل دماء الناس جميعاً).

واعلم أن النفس المعصومة من القتل أربع أنفس؛ قال العلامة ابن عثيمين: (إن من أعظم الغدر: قتل النفس التي حرم الله إلا بالحق، وليست النفس المحرمة هي نفس المؤمن فقط، بل النفوس التي حرمها الله وحرم قتلها أربع أنفس: نفس المؤمن، ونفس الكافر الذمي، ونفس الكافر المعاهد، ونفس الكافر المستأمن).ا.هـ

فهذه الصفات الثلاث المتقدمة هي أساس منهج الخوارج؛ قال شيخنا العلامة صالح الفوزان عن منهج الخوارج: (وهو يتكون من ثلاثة أشياء:

أولاً : تكفير المسلمين.

ثانياً: الخروج عن طاعة ولي الأمر.

ثالثاً : استباحة دماء المسلمين ، هذه من مذهب الخوارج حتى لو اعتقد بقلبه ولا تكلم ولا عمل شيئاً، صار خارجياً في عقيدته ورأيه الذي ما أفصح عنه.اهـ

رابعاً: عدم الإقرار والالتزام بمعاهدة أهل الذمة واستباحة أموالهم وأعراضهم؛ كما قال شداد بن أوس في الأثر المتقدم: (والله ما بعث إليهم حتى قطعوا السبيل وسفكوا الدم الحرام واستحلوا أهل الذمة). فإن علياً رضي الله عنه أنذرهم وحذرهم من الاعتداء على الأنفس المعصومة ومنها نفس الكافر المعاهد؛ فقال رضي الله عنه: (بيننا وبينكم أن لا تسفكوا دماً حراماً ولا تقطعوا سبيلاً أو تظلموا ذمة).

ومعاهدة المسلم للكافر جاء الشرع بجوازها وتقريرها؛ يقول تعالى: (وَإِن جَنَحُواْ لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا وَتَوَكَّلْ عَلَى اللّهِ)، وقال:( وَأَوْفُواْ بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْؤُولاً). وقد صالح النبي صلى الله عليه وسلم كفار قريش كما في صلح الحديبية المشهور، وصالح يهود المدينة، وأجار النبي صلى الله عليه وسلم من أجاره المؤمنون من الكفار؛ كما قال لأم هانئ: (قد أجرنا من أجرت يا أم هانئ).

وقد توعد الشارع الحكيم على من نقض المعاهدة وغدر بها بالعقاب الأليم؛ ففي صحيح مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إن الغادر ينصب الله له لواء يوم القيامة، فيقال: ألا هذه غدرة فلان)، وثبت عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال: (من قتل معاهداً لم يرح رائحة الجنة).

ولقد حذر النبي صلى الله عليه وسلم من إيذاء المعاهدين أو ظلمهم فقال: (ألا من ظلم معاهداً، أو انتقصه، أو كلفه فوق طاقته، أو أخذ منه شيئا بغير طيب نفس، فأنا حجيجه يوم القيامة).

وقد يقول بعض الناس: إن بعض الكفار اليوم نقضوا عهدهم بقتلهم للمسلمين في أماكن شتى، فليس لهم عهد ولا ذمة، والله عز وجل يقول: (وَإِنِ اسْتَنصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ).

نقول: وهلاَّ أتممت الآية لتعرف شرط النصر المذكور في الآية، فإن الله عز وجل قال: (إِلاَّ عَلَى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُم مِّيثَاقٌ) أي: مهادنة إلى مدة، فلا تخفروا ذمتكم، ولا تنقضوا أيمانكم مع الذين عاهدتم، كما قال ابن عباس رضي الله عنهما.

ولنا في رسول الله أسوة حسنة؛ فإنه لما صالحه الكفار في صلح الحديبية على أن من جاء مسلماً من الكفار يرد، فجاء أبو جندل فرده النبي صلى الله عليه وسلم ولم ينصره؛ لأن بينه وبين كفار قريش عهداً وميثاقاً، والله عز وجل يقول: (وَأَوْفُواْ بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْؤُولاً)، فتبين لك بطلان قولهم وتهافت حجتهم، وأنها مبنية على العاطفة غير المنضبطة بالشرع، وقلة الفقه بالسنة.

خامساً: الجرأة والتعالي على علماء السنة والطعن فيهم، فعندهم جرأة على كل من خالفهم، وهذه الصفة سيما أهل البدع عموماً؛ وليس أظهر في ذلك من جرأة زعيمهم ذي الخويصرة حينما قال لأعدل البشر وأصدقهم صلى الله عليه وسلم : (اعدل يا محمد فإنك لم تعدل!)، وكذلك جرأة أسلافه من الخوارج على صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فهذا ابن الكوَّاء حينما قام خطيباً في الخوارج يحذرهم من ترجمان القرآن ابن عباس فقال: (يا حملة القرآن! إن هذا عبد الله بن عباس، فمن لم يعرفه فأنا أعرفه! هذا ممن نزل فيه وفي قومه (بل هم قوم خصمون) فردوه إلى صاحبه ولا تواضعوه كتاب الله!). قال شيخ الإسلام ابن تيمية: (فهؤلاء أصل ضلالهم باعتقادهم في أئمة الهدى وجماعة المسلمين أنهم خارجون عن الهدى).

وعلى هذا سار خوارج العصر في هذا الزمان، فتجدهم يتجرؤون على الفتيا في دماء الناس، ويطعنون في العلماء الربانيين بالتصريح والتلميح والهمز واللمز، فانتبهوا يا معاشر المؤمنين، فكم سمعنا من يقول عن علمائنا الأجلاء: مشايخ الحكومة! وعلماء السلطة! وكبار العملاء! ومشايخ الحيض والنفاس! ومنهم من يقول: إنهم في أبراج عاجية! ولا يفقهون الواقع! ولا يحملون همَّ الأمة! بل بعضهم صرَّح وقال: لا يوجد مرجعية علمية عندنا! فلا حول ولا قوة إلا بالله! ما يقول هذا المفتون؟! ألا يعدُّ الإمام ابن باز والعلامة ابن عثيمين وإخوانهم من العلماء الأبرار مرجعية علمية؟! (كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ إِن يَقُولُونَ إِلَّا كَذِباً) هل تريد من علمائنا أن يقولوا: (إنه لا يوجد على الأرض دولة مسلمة ولا مجتمع مسلم)؟! أم تريدهم أن يطعنوا في صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم بطعن قبيح ويقولوا: (وحين يركن معاوية وزميله (يعني عمرو بن العاص) إلى الكذب! والغش! والخديعة! والنفاق! والرشوة وشراء الذمم؟! كما يقوله منظِّر خوارج العصر سيد قطب (انظر: الظلال (4-2122) وكتب وشخصيات ص242) الذي قال عنه بعضهم وللأسف: إنه (من أئمة الهدى والدين ، ومن دعاة الإصلاح، ومن رواد الفكر الإسلامي)!! (انظر مقال: سيد قطب في الميزان) بل هو والله: من رواد الفكر الخارجي التكفيري!

ولنقارن - أيها القارئ الكريم- بين ميزان علمائنا الأكابر وميزان صاحب المقال:

قال الإمام ابن باز - غفر الله له - في قول سيد قطب المتقدم عن معاوية وعمرو رضي الله عنهما قال: (هذا كلام قبيح!، سبٌ لمعاوية وسبٌ لعمرو بن العاص ؛ كل هذا كلام قبيح، وكلام منكر). وقال عن هذه الكتب: (ينبغي أن تمزق).

وقال عن قول سيد قطب في تفسير استواء الله على عرشه، بأنه كناية عن الهيمنة! قال: (هذا كله كلامٌ فاسد، هذا معناه الهيمنة، ما أثبت الاستواء: معناه إنكار الاستواء المعروف، وهو العلو على العرش، وهذا باطلٌ يدل على أنه مسكين ضايع في التفسير).

ولما قرئ على الشيخ وصف سيد قطب لكليم الله موسى عليه السلام بأنه: (نموذج للزعيم المندفع العصبي المزاج) قال: (الاستهزاء بالأنبياء ردة مستقلة).

وقال العلامة ابن عثيمين عن تفسير سيد قطب (في ظلال القرآن): أما تفسير سيد قطب - رحمه الله - ففيه طوام - لكن نرجو الله أن يعفو عنه - فيه طوام: كتفسيره للاستواء، وتفسيره سورة {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ}، وكذلك وصفه لبعض الرسل بما لا ينبغي أن يصفه به.

ولقد أدرك مشايخنا الأعلام خطر فكر سيد قطب على شباب الإسلام، ولذلك حذروا من قراءة كتبه؛ قال العلامة صالح الفوزان: (وقراءة الظلال فيها نظر؛ لأن الظلال يشتمل على أشياء فيها نظر كثير، وكوننا نربط الشباب بالظلال ويأخذون ما فيه من أفكار هي محل نظر، هذا قد يكون له مردود سيئ على أفكار الشباب).

وما خاف منه شيخنا وقع؛ فكم سمعنا ممن وقع في شراك هذه الخلايا والتنظيمات والأفكار الضالة بأن قادته يحثونه على قراءة كتب سيد قطب - وأمثاله من قادة الإخوان المسلمين-، وأنهم تأثروا بما فيها من فكر تكفيري خارجي، وأنهم يعدون كتبه بمثابة دستور لخوارج العصر، فما بالك يا صاحب (الميزان) لم تعدل في القسمة؟!

سادساً: كثرة صغار السن والجهال فيهم، فهؤلاء كما قال صلى الله عليه وسلم: (حدثاء الأسنان سفهاء الأحلام)، وهذا من فضل الله عز وجل أنه لا يخرج معهم عالم من أهل الفقه والدين، وإنما جاهل بفقه الكتاب والسنة؛ وهذا كما قال ابن عباس رضي الله عنهما للخوارج: (ما تنقمون على صهر رسول الله صلى الله عليه وسلم والمهاجرين والأنصار، وعليهم نزل القرآن، وليس فيكم منهم أحد، وهم أعلم بتأويله).

وليس معنى هذا أنه لا يكون معهم من كبار السن، بل قد يخرج معهم من أعمى الله بصيرته، وكذلك فإن قادتهم قد يكونوا من كبار السن ممن يحمل في قلبه فكراً ضالاً، واعتقاداً فاسداً، ولا حول ولا قوة إلا بالله، ونسأل الله حسن الخاتمة.

سابعاً: ظهور سيما الصالحين عليهم، وكثرة العبادة فيهم، والورع من غير فقه وعلم مع تنطع في الدين وتشدد مذموم؛ كما قال صلى الله عليه وسلم:(تحقرون صلاتكم عند صلاتهم وصيامكم عند صيامهم وقراءتكم عند قراءتهم)، ومع ذلك حكم عليهم النبي صلى الله عليه وسلم بأنهم: (يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية) وأنهم: (كلابُ النار) وأنهم: (أبغضُ خَلْقِ الله إليه) بسبب سؤ معتقدهم وضلال منهجهم؛ ولأنهم (يقتلون أهل الإسلام ويدعون أهل الأوثان).

ثامناً: الجهل بالنصوص الشرعية؛ كما قال عليه الصلاة والسلام: (يَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ لَا يُجَاوِزُ حَنَاجِرَهُمْ)، وفي رواية: (يَحسَبُونَ أَنهُ لهمْ وهو عليهم).

تاسعاً: استغلالهم ضعف الناس وافتراقهم؛ كما قال صلى الله عليه وسلم: (يخرجون على حين فرقة من الناس).

عاشراً: أنهم (يحسنون القيل ويسيئون الفعل) كما صحَّ ذلك عنه عليه الصلاة والسلام.

الحادي عشر: أن فكرهم وعقيدتهم باقية في الأمة؛ فهم (كُلَّما خرج قوم قُطع حتى يخرج في أعراضهم الدجال)، وهذا يدل على أن لهم تأثيراً على الناس، وتأمل - رعاك الله - كم أدركنا من أجيال الخوارج في العقود الثلاثة الماضية؟! فاللهم اكفناهم بما تشاء إنك أنت السميع العليم.

الثاني عشر: استهانتهم بحرمات الله تعالى، فتجدهم يستحلون الدم الحرام والمال والبلد الحرام والزمن الحرام؛ كما حصل من خوارج العصر في الأيام الماضية، فكل واحدة من هذه المحرمات كبيرة، فما بالك بها مجتمعة! وهذا يدلك على سوء معتقدهم وضلال فكرهم ومنهجهم.

الثالث عشر: أن الغاية عندهم تبرر الوسيلة!! فأخذوا يتوسعون في هذه القاعدة، حتى أصبح الكذب دينهم، والنفاق سمتهم، واستغفال الناس غايتهم، فاتخذوا تفخيخ المصاحف! وقتل الموحدين والمعصومين! والتشبه بالنساء، والتزوير والتدليس وسيلة لغايتهم الخارجية، وهذه قاعدة كثير من الحركات والأحزاب والجماعات الإسلامية السياسية المعاصرة، فاتخذوا الدين وسيلة لغاية الحكم السياسي، فانتبهوا يا معاشر الموحدين .. فليس كل من رفع شعار الإسلام أو أحدث بدعة أو نحلة أو تنظيماً وسماه إسلامياً، نتبعه وندعمه ونتعاطف معه، بل العبرة بالدعوة إلى التوحيد والسنة، ونبذ الشرك والأهواء والبدع المضلَّة.




 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد