التصق اسم قائد اتفاق الثمانينيات ومدربه الكبير (سابقاً) خليل الزياني بالإنجازات الذهبية التي حققها مع فارس الدهناء في تلك الأيام الخوالي.. فقد نجح في حمل شارة الكابتنية صغيراً وسط كوكبة من النجوم والأسماء اللامعة التي كانت تعج بها الخارطة الحمراء.. آنذاك يتقدمهم أبناء الفصمة وغدرة وعبد الله يحيى.. وبقية الأسماء الرنانة.
قاد فريقه للصعود لمنصات التتويج والذهب.. غير مرة واشتهر بسماته القيادية البارعة وموهبته الفنية العالية وسط الملعب فحاز على لقب الأفضلية ليتوج نجوميته باختياره لتمثيل منتخب الشرقية ومنتخب المملكة آنذاك.
استمر في الملاعب حتى عام 1393هـ وودع الكرة بعد سنوات طويلة قضاها في الملاعب.. ليدلف عالم التدريب بطموح الكبار ويبدع كمدرب فذ كان يملك فكراً نيراً وفلسفة تدريبية منحته لقب الأبرز محلياً وعربياً وآسيوياً.. خصوصاً بعد قيادته منتخب المملكة الأول للفوز ببطولة كأس الأمم الآسيوية عام 1984م وهو أول إنجاز سعودي بنكهة (وطنية) يُسجل لصالح الكرة السعودية بقيادة المدرب الكبير خليل الزياني.
«الجزيرة» تسلط الضوء على جانب من تاريخ هذا النجم العملاق نتناولها عبر الأحداث التالية:
****
ضربة البداية
* بدايته الرياضية كانت في الحواري والمدارس مثله مثل أي لاعب، ففي حي الغربي أحد الأحياء المعروفة بالدمام بدأ ممارسة معشوقته (كرة القدم) وهو الشاب اليافع ذو الـ 15 عاماً وبعد أن لمحه رئيس نادي الاتفاق ناصر القلاف عام 1383هـ طالبه بالتسجيل وبالفعل سجل بالاتفاق شبلاً بتأثير قوي ومباشر من والده (رحمه الله) الذي كان يُعد من كبار مشجعي الاتفاق النادي وانضم لفارس الدهناء وهو صغير في السن.
* مثَّل الزياني الاتفاق شبلاً موسمين متتاليين ثم رُشح لتمثيل الفريق الأول عام 1385هـ رغم صغر سنه وحداثة تجربته لكنه كان كبيراً بعطائه وروحه العالية فقد نجح للوهلة الأولى التي ارتدى فيها شعار الفريق الأول في كسب أنظار المدرب والإدارة فقد مثَّله في خط الوسط رغم أن الفريق كان يضم آنذاك نجوماً كباراً في خارطة الفريق الاتفاقي لكنه بإصرار وعزيمة وإرادة تمكن من فرض اسمه بقوة في خارطة الفريق.
قيادة وسط الملعب!
* مثَّل الاتفاق في وسط الملعب رغم وجود أسماء لامعة ونجوم بارزة أمثال سعود الفصمة وحبشي وحبيب خميس وغدرة غير أنه نجح في حمل شارة القيادة وسط الملعب ورغم صغر سنه ووجود لاعبين يسبقونه خبرة وتجربة في الفريق الاتفاقي لكنه نجح بسماته القيادية وقوة شخصيته في الملعب في كسب الرهان وتولي المسؤولية بكل قدرة وكفاءة.
* أشرف على تدريبه العديد من المدربين.. يقول الكابتن خليل الزياني إنه يعتز بعدد من المدربين الجيدين الذين أشرفوا على تدريبه في مشواره الرياضي ومنهم السوداني (النور الطيب) والتونسي ابن عمار فقد كان لهما أثر في مسيرته الرياضية خصوصاً السوداني الطيب الذي استعان به لتمثيل الفريق الأول وهو صغير (17 عاماً) واكتشف موهبته الفطرية ودعمه فنياً في بداياته.
عصر ذهبي للإتي!
* جاء التحاق الزياني بصفوف الفريق الأول بنادي الاتفاق المخضرم متزامناً مع عصره الذهبي الذي شهد وصول (فارس الدهناء) لعدد من نهائيات كأس الملك وكأس ولي العهد ففي عام 1385هـ وصل الاتفاق لنهائي كأس الملك وخسر اللقب أما أهلي جدة 3-1 ثم وصل أيضاً لنهائي كأس الملك موسم عام 1386هـ وخسر أيضاً أمام الوحدة 2-0 كما وصل فارس الدهناء بقيادة الزياني ورفاقه لنهائي كأس الملك عام 1388هـ وفاز باللقب على الهلال 4-2 كما فاز ببطولة كأس ولي العهد لموسم عام 1385هـ بعد فوزه على الاتحاد 3-0 في ملعب الصبان بجدة في لقاء حضره جلالة الملك خالد (رحمه الله) وتوّج الفريق الاتفاقي بقيادة خليل الزياني بأول إنجاز ذهبي حققه فارس الدهناء في تاريخه العريق ثم توالت الإنجازات المتعددة التي سجلها جيل خليل الزياني وأبناء الفصمة سعود ومحمد وإبراهيم وغدرة وعبد الله يحيى وعثمان باطوق وبقية الأسماء الذهبية التي صنعت أول إنجازات الاتفاق الدمام.
مقومات النجاح
* امتاز الزياني بمقومات البروز وامتلاكه لأدوات التفوق الميداني فقد كان يتمتع بالطول المناسب والبنية الجسمانية الجيدة وقدرة على صناعة اللعب والقراءة الجيدة لملعب الخصم فضلاً عن سماته القيادية البارعة وكذا أخلاقه العالية التي أكسبته حب واحترام الجميع في داخل وخارج الملعب حتى إنه مثَّل الاتفاق قرابة تسعة أعوام متواصلة دون أن يحصل على البطاقات الملونة لإدراكه أن السلوك الرياضي الحميد هو النبراس الذي يضيء للاعب دروب النجومية.
نجوم رياضة الشرقية
* كان القائد الاتفاقي الكبير في الثمانينيات خليل الزياني ينتمي لفصيلة النجوم الكبار والأبرز في رياضة المنطقة الشرقية وأكثرهم شهرة آنذاك شأنه في ذلك شأن أبناء الفصمة وعبد الله يحيى المدافع العملاق يكفي أنه كانت له بصمة في الإنجازات الذهبية التي حققها فارس الدهناء آنذاك.. وأمام ذلك اختير الكابتن المثالي خليل الزياني لتمثيل منتخب المنطقة الشرقية في النصف الثاني من عقد الثمانينيات في دوري منتخبات المناطق كما رُشح لتمثيل الأخضر في عدد من اللقاءات الحبية باعتبار أن مشاركات المنتخب آنذاك كانت مقتصرة على إقامة لقاءات حبية وودية.
لقب (المفتي)!!
* وعن أشهر الألقاب التي نالها خلال مسيرته الرياضية سواء كان لاعباً أو مدرباً فقد أطلق عليه لقب اللاعب المثالي، لكن الأشهر يقول إن خليل الزياني لُقب ب (المفتي).. وقد أطلق عليه حينما تسلم قيادة الفريق عام 1385ه وأضحت جماهير الاتفاق تطلق عليه لقب (المفتي).. كما لُقب بعميد المدربين الوطنيين بعد دخوله عالم التدريب من عام 1393 حتى عام 1419ه أي أكثر من ربع قرن قضاها في المضمار الفني مدرباً.
عاصر أبرز جيلين
* عايش الزياني جيلين خلال مسيرته الرياضية كلاعب أمضى في الملاعب تسعة أعوام.. فقد لعب مع جيل إبراهيم الفصمة وسعود ومحمد وحبيب خميس والسبيكة وسالم المخيريم ومحمد الدوسري وعثمان باطوق ثم جيل يعقوب يوسف وعبد الله البلوشي وأحمد البلوشي وغدرة ومفتاح غريب وصالح خليفة وعلي القلاف.
اتفاقي بالوراثة
* أما أبرز العروض التي تلقاها في حياته الرياضية يقول إن العرض الذي تلقاه من الأمير عبدالله الفيصل وكان في تلك الحقبة رئيساً فخرياً لنادي الاتفاق الأبرز خصوصاً أن العرض جاء من رائد الحركة الرياضية الأول لضمه للأهلي كما أن الوحدة عرض عليه مبلغاً من المال مقابل ضمه للفرسان عن طريق رمزه عبد الله المنيعي وكابتن الفريق كريم المسفر ورفض فكرة الانتقال للغربية لأنه اتفاقي بالوراثة.
الإنجاز الأول
* وعن أفضل مباراة لعبها الزياني كانت ضد الاتحاد في نهائي كأس ولي العهد عام 1385هـ في ملعب الصبان بجدة وكسب الاتفاق المواجهة 3-0 على اعتبار أن هذا اللقب هو الأول في تاريخ الاتفاق وفي مسيرة الزياني أيضاً خصوصاً أن هذه المواجهة التاريخية التي حضرها ورعاها جلالة الملك خالد - رحمه الله - ولي العهد آنذاك.. صاحبها تحدٍ كبير باعتبار أن الاتفاق خسر اللقب من الاتحاد عام 1383هـ 6-2 في الملعب ذاته.. ونجح الزياني ورفاقه في رد الاعتبار وتسجيل أول إنجاز في تاريخ ناديهم المخضرم حيث قاد الزياني المجموعة الذهبية لصنع هذا اللقب الأول وهم: عثمان باطوق وعبد الله يحيى والسبيكة والبلوشي وحبشي ومحمد وسعود الفصمة ومحمد عطية والمخيزيم وحبيب المضحي.
كأس آسيا بنكهة زيانية!!
* استمر في الملاعب حتى عام 1393هـ حيث ودع الكرة بعد تسعة أعوام قضاها في ميدان المنافسة كانت حافلة بالإنجازات والبطولات الذهبية التي حققها في مسيرته الكروية مع فارس الدهناء.
وبعد اعتزاله اتجه لخوض تجربة في مجال التدريب وتحديداً عام 93-1394هـ حيث عمل مساعد مدرب بالفريق الأول بنادي الاتفاق ثم رُشح لتدريب الفريق الأول.. وصنع إنجازاته الذهبية التي تحققت للإتي في الثمانينيات الميلادية وأبرزها قيادة فارس الدهناء للفوز ببطولة الدوري الممتاز الموسم عام 1402- 1403هـ دون هزيمة ولا يزال هذا الإنجاز الإعجاز مسجلاً باسم الفريق الاتفاقي المخضرم حتى الآن.. وبعد نجاحاته التدريبية تمَّ ترشيحه لتدريب المنتخب الوطني الأول وقاده للفوز ببطولة كأس الأمم الآسيوية لعام 1984م كأول إنجاز يحقق للكرة السعودية بقيادة مدربه الوطني القدير خليل الزياني، كما قاد الأخضر للتأهل لأولمبياد لوس أنجلوس لأول مرة.
ونظراً لقدراته التدريبية البارعة تلقى عدداً من العروض الخارجية للتدريب خصوصاً في منطقة الخليج.. بعد علو شأنه وارتفاع أسهمه في بورصة المدربين المتميزين.. كما أشرف على تدريب القادسية وحقق معه لقب بطل كأس ولي العهد عام 1412هـ ودرب أيضاً الهلال.. وفي عام 1419هـ أعلن عميد المدربين الوطنيين اعتزاله التدريب لظروفه العملية بعدما أمضى أكثر من ربع قرن في هذا المضمار حقق خلالها الكثير من الإنجازات والألقاب الذهبية في مسيرته الفنية، وقد ترك اسمه يلوح في أفق الذاكرة كنموذج مثالي يُحتذى به في إخلاصه وعطائه وفكره وسلوكه الرياضي الرفيع.