ذوو الاحتياجات الخاصة فئة عزيزة وغالية على قلوب الجميع، وشريحة مهمة وفاعلة في المجتمع، ولها حقوق يكفلها الشرع وكل القوانين، كما لهم إسهامات في الحياة تفوق في كثير من الأحيان إبداعات الأصحاء، مثلما لدى كثير منهم أيضاً كفاءات علمية لا تخفى على كل ذي بصيرة.
هذه الفئة قدر الله لأفرادها أن تكون لديهم بعض الإعاقة التي هي ابتلاء من الله، وهم صابرون عليها ومحتسبون، لا تعاني المجتمعات من أي مشكلات ناجمة عن سلوكهم بل غالبيتهم من المسالمين الخلوقين، بل يرفدون المجتمع بالكثير من القيم والمواقف النبيلة، ولنقف هنيهة عند بعض متطلباتهم، التي تتجاوز التعاطف التقليدي والنظرة المشفقة وما دون ذلك.
حقيقة هذه الفئة تحتاج بالفعل إلى تعزيز النظرة الإيجابية تجاههم، سواء داخل الأسرة أو خارجها ضمن كيانات المجتمع المختلفة، أو في البيئة التعليمية أو العملية أو بيئة السكن وغيرها، بحيث يعاملوا كبقية الناس، ومن حيث الحقوق والواجبات وكذلك بث مفردات وثقافة تسهم في مساعدتهم على تقبل أوضاعهم وتجاوز مشكلاتهم، بما يساعد على أداء دورهم الطبيعي في البناء والتطوير، هذه التوجهات تنطلق من الوعي الاجتماعي الذي يعززه الدور الإعلامي، ومن الثقافة السائدة التي تنطلق من الموروث الفكري والديني والحضاري، وكذلك من التربية التي يستمدها أفراد المجتمع من مؤسساته المختلفة، فضلاً عن القيم الدينية التي تهذب سلوك الفرد وأفكاره ونظرته للحياة.
نحتاج في بيئتنا المحلية توسيع ثقافة أصدقاء ذوي الاحتياجات الخاصة، بحيث تكون لديهم علاقات إخاء وصداقة وسط الطلاب في مختلف المراحل خصوصاً بعد دمج ذوي الاحتياجات الخاصة في كثير من المدارس والمؤسسات التعليمية، وهذا يؤدي لإيجاد رابطة قوية بينهم وبين قرنائهم في كل المجالات، ويعزز الروح المعنوية بداخلهم ويرتقي بمبادراتهم الذاتية، ويستخرج كل مكنوناتهم الإبداعية.
نحن بحاجة إلى تطوير الصورة الإنسانية الاجتماعية الثقافية لذوي الاحتياجات الخاصة لتغيير بعض المفاهيم السلبية السائدة تجاه هذه الشريحة، إذ لا يكفي التعاطف معهم فقط، بل البحث عن المزيد من الأساليب التي تسهم في دمجهم في المجتمع أكثر، صحيح أن المؤسسات الاجتماعية تقوم بجهود مقدرة في هذا الجانب، كذلك الإعلام يقع على عاتقه دور أكبر في تكوين صورة إيجابية عنهم وتطوير النظرة الاجتماعية عن الفئات الخاصة بشكل عام.
فئة ذوي الاحتياجات الخاصة لديها طاقات خلاقة لابد من استثمارها وتعزيز حماسها وتوظيف قدراتها بفاعلية، وذلك من خلال توسيع نطاق تدريبهم وتأهيلهم وإتاحة الفرص أمام قدراتهم وتوجهاتهم وميولهم الدراسية والعملية والإبداعية وغيرها، حيث يوجد بينهم مبدعون في الرسم والفن والخط والطبخ والحياكة والرياضة ويحصل كثير منهم على ميداليات ذهبية في مختلف المسابقات فضلاً عن بروز بعضهم في مجال الاختراع والابتكار.
لا شك أن الجهات المهتمة بهذه الفئة تعمل ما بوسعها للارتقاء بأوضاعهم في مختلف المجالات، وكذلك الذين على مقربة منهم يحسون بكل احتياجاتهم وتطلعاتهم، وبما أن مجتمعنا يستمد ثقافته من روح الشريعة الإسلامية الداعية إلى التكافل والتراحم فلابد أن لديه استعداداً لبذل الكثير من العطاء الذي يصب في خانة دعم ذوي الاحتياجات الخاصة وإحداث التغيير الإيجابي في حياتهم، وهذا يتطلب من مختلف وسائل الإعلام من صحف وإعلام مرئي ومسموع وإعلام منبري ومؤسسات تعليمية وغيرها من الوسائل تكثيف الجهود ومضاعفتها لتبني التوعية والتثقيف بهذا التوجه، فليس الفئات الخاصة وحدها التي تحتاج إلى المجتمع بل أيضاً الدول والمجتمع بحاجة إلى تحريك طاقاتهم الفكرية والإبداعية وتوظيفها بالشكل الذي يشبع رغباتهم ويلبي طموحاتهم، ويخرج تلك الطاقات إلى حيز المصلحة العامة.
إذن لابد من التكاتف من أجل نظرة إيجابية جديدة تجاه هذه الفئة وتجاه قدراتها المتعددة.