حينما نقرأ أو نسمع ادعاءات منظمات حقوق الإنسان العالمية حول أحكام الشريعة الإسلامية نجزم بجهلها للحقيقة وانحيازها ضد الإسلام، لكن أن تأتي تلك المغالطات والاتهامات من (عقر دارنا) فتلك هي الصاعقة الحارقة.
وحينما نطالع كتابات باسم الحرية المنحرفة من بعض الأشخاص الذين تنقصهم المعرفة أو الحكمة نقول ربما هي رياح هوجاء وستهدأ عما قريب لأنه لا يصح إلا الصحيح.
لكن أن نفاجأ بكتابة مطولة مسهبة يقدمها لنا أحد حملة الشهادات العليا المتخصصين في مجال (حقوق الإنسان) من أبناء هذا الوطن الطيب، يتناول فيها الدفاع المستميت عن (مهربي المخدرات إلى بلادنا)، ويعلن بدءاً من عنوانها المطول ضرورة إلغاء عقوبة الإعدام عن هؤلاء المجرمين! فهذا هو المذهل في الأمر!
بداية أتوقع أن هذا المتخصص الفاضل لم يعانِ من عزيز أو قريب أو فلذة كبد، دمرته المخدرات بسمومها القاتلة، ولم يطلع على إحصائيات مستشفيات الإدمان والتقارير الأمنية حول الأعداد الكبيرة من شبابنا وبيوتنا الذين دمرهم هؤلاء الطامعون المغرضون، أو المغرقون في أنانيتهم وسعيهم نحو الثراء الفاحش المحرم.
وليس أغرب من هذه المطالبة العجيبة إلا مبرراتها التي (تعسف) لها الكاتب الآيات الكريمة و(لوى) الأحكام الفقهية؛ كي يبرهن أن قتل المسلم حرام (دون وجه حق)؟ لأنه يرى أن مرتكب هذا الجرم الرهيب ليس بقاتل؟!
ولو كان دفاع الكاتب عن (المدمن) لقلنا بأنه فعلاً مبتلى يستحق العلاج والشفقة والاحتراس من نتائج إدمانه، أو لو كان هذا الكاتب ركز على وجوب (إثبات البينة) والدلائل الحقيقية على المهرب، وعدم التسرع بظلم بريء، لالتمسنا له المعاذير؛ لأن هناك مَن يبتلي بريئاً بكيد شيطاني فيدس له المخدرات في خصوصياته دون أن يعلم.
لكن أن يتبنى الكاتب الدفاع عن المجرمين الحقيقيين الذين تثبت إدانتهم، بل يطالب هيئتي حقوق الإنسان الحكومية والوطنية بأن تتبنى هذه القضية فهذا هو الغريب، بل والأغرب من ذلك أنه يطالب البقية الباقية من هيئة كبار العلماء بأن تتراجع عن فتواها الظالمة المتسرعة التي سيعاقبون عليها يوم القيامة لأنها (سفكت دماً بريئاً محرماً).
بقي أن ننوه على أمر في غاية الخطورة، وهو أنه إن كانت هذه وجهة نظر الكاتب الشخصية فهو حر فيها مسؤول عنها في الدنيا والآخرة، لكن الأمر الذي يخشى منه هو أن يكون هذا الرأي ممثلاً لهيئات حقوق الإنسان الداخلية، التي كان الناس يأملون منها خيراً كثيراً في ظل الشريعة الإسلامية الرحيمة العادلة.
حيث إن أبناء مجتمعنا كانوا يتوقعون أن تصدر اقتراحات وتشريعات لصالح المطلقات والأرامل والمعلقات، والشرائح الاجتماعية التي يقع عليها جور أو غبن لا يرضاه الله تعالى ولا رسوله.
كما كان المواطنون يأملون أن تسعى هذه الهيئات المحلية لتوضيح وجهة نظر الإسلام الحكيم في إقامة الأحكام الشرعية من خلال الآية الكريمة: {وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَاْ أُولِيْ الأَلْبَابِ}.
ولم يتوقع أحد أن تصطدم أسماعنا بسماع مثل هذه الآراء، وغيرها التي تقاضي الدين أو العلماء أو الصالحين، مما يتنافى مع الأهداف البناءة المنشودة المعلقة على هذه الهيئة.
g-al-alshehk@hotmail.com