إن الحديث عن حقوق الإنسان ليست وليدة الساعة وليس حديث القرن العشرين وليس من أصول غربية، إن حقوق الإنسان الاقتصادية والاجتماعية والثقافية قد تناولتها النصوص الشرعية من ديننا الإسلامي الحنيف من آفاقها الإنسانية العليا منذ نزول الوحي على نبينا محمد صلى الله عليه وسلم. وسوف ألقي الضوء على حقوقه مبتدئاً من حقوق المرأة التي أصبحت فاكهة المجالس وحديث القوم المتصل بعضه ببعض حتى وصلت من الغرب إلى مستقبليها من الغوغاء والدهماء ومتعلمة زماننا.
ونظرة الإسلام إلى المرأة كإنسان منطلقين من قوله صلى الله عليه وسلم: (إنما النساء شقائق الرجال)، وفي هذا القول الوجيز منتهى الوضوح في وحدة بني الإنسان بنوعيه من ذكور وإناث في حقوق الإنسان. ولولا الشبهات حول حقوق المرأة في الإسلام التي لا تقوم على أساس من العلم بحقائق الإسلام لكان من الواجب علينا أن نكتفي بما نقلناه من السر النبوي الصريح السابق ولكن نذكر ما يلي:
1- وحدة خلق الإنسان بنوعيه من نفس واحدة كما جاء في مطلع سورة النساء بقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاء}
2- وحدة ما على النساء من حقوق نحو الرجال وما على الرجال من حقوق نحو النساء إلا ما جعل للرجال من حق في رئاسة الأسرة وتحمل مسؤولياتها في الإنفاق لما بني عليه تكوين الرجال من خصائص تجعلهم في الأصل أرجح في حمل هذه المسؤولية الاجتماعية الثقيلة عملاً بقوله تعالى: {وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ}أي من الحقوق، {وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ}، وبقوله تعالى: {الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاء بِمَا فَضَّلَ اللّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُواْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ}
ثم لنستعرض شيئاً من التاريخ المتعلق بالمرأة فقد كانت المرأة في شريعة الرومان غير معترف بأي أهلية حقوقية لها وكانت تحت وصاية الأب أولاً والزوج ثانياً ولا تملك أي حرية في تصرفاتها وهي في تلك الجملة موروثة لا وارث فبالجملة فإن المرأة في شريعة الرومان من الأشياء التابعة للرجل وهي لذلك فاقدة لكل شخصية لها محرومة من كل اعتبار لحرية تصرفاتها.
وكان في التاريخ مما وصل إليه حال المرأة أنه عقدت مؤتمرات في روما للبحث حول روحها وهل هي تتمتع بروح كروح الرجل أو أن روحها كروح الحيوانات والكلاب بل إن أحد هذه الاجتماعات في روما قرر أنه لا روح لها على الإطلاق وأنها لن تبعث في الحياة الأخرى. ولا ننسى العهد القريب في جزيرة العرب مما كانت عليه من وأد البنات والتخلص منها. فجاء الإسلام فجعل للمرأة كامل إنسانيتها إلى جانب الرجل فيقول الرسول صلى الله عليه وسلم: (النساء شقائق الرجال) كما جعل لها كامل أهليتها في جميع حقوقها وتصرفاتها تملكاً وبيعاً وشراءً خلافاً لكثير من أوضاع المرأة التي لا تزال قائمة في بعض قوانين العالم الحديث، بل ذهب الرسول صلى الله عليه وسلم في رفع شأن المرأة إلى أبعد من ذلك فقدم الأم في الكرامة والبر على الأب. فعزة المرأة وعنوان كرامتها وسر جوهرها وغايته ومبدأه ومنتهاه في تمسكها بالوحيين وعدم الالتفات إلى دعاة المضلين. وإلى حديث قادم عن شبهات حول المرأة والرد عليها بإذن الله تعالى.
* عضو هيئة الأمر بالمعروف بالمدينة المنورة
Al-HARBI6@maktoob.com