المعلم يؤدي دوراً عظيماً في تربية الأجيال، وتنمية العقول، بل هو المحرك الأساسي لتنمية المجتمع وقوته وتقدمه، وهذا لا يكون إلا من المعلم الذي يتصف بأهم صفتين وهما: القوة، والأمانة قال تعالى: {إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ }القصص 26. فالقوة والأمانة للمعلم بمثابة الأساس له، والركن المتين لأدائه وقيامه بمهمته ورسالته السامية، فمتى كان المعلم قوياً في علميته، وفي بدنه، وأميناً مخلصاً يتقي الله عز وجل ويخشاه قبل خشيته من الناس استطاع أن ينشئ جيلاً يعتمد عليه في البناء. فما يقوم به المعلم من خلال تعامله مع الطلاب بمختلف مراحلهم من جهد ذهني وبدني، وعطاء متصل ومثابرة في المتابعة وصبر وتحمل يتطلب القوة البدنية، وتوفر الصحة والعافية، وسلامة الأعضاء من الأمراض والإعاقات، وأي خلل لدى المعلم في صحته يؤثر سلباً على عطائه، وإنتاجه، وتطويره، وإبداعه، ومن ثم على مستوى الطلاب ومخرجات التعليم بشكل عام. فالمعلم الذي أمضى أكثر من ربع قرن بين الطلاب داخل أسوار المدرسة يكون قد استنفذ ما لديه من طاقة، وإمكانات، وقدرات، وبدأ عطاؤه وحماسه يقل، وصحته تضعف، وتسري فيه أمراض العصر من السكري، والضغط، وثقل الحركة، وضعف المتابعة - إلا من رحم ربي وقليل ما هم - والواقع يؤيد ذلك، وهذه سنة الله في خلقه فمن بعد القوة يأتي الضعف، قال تعالى: {اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن ضَعْفٍ ثُمَّ جَعَلَ مِن بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً ثُمَّ جَعَلَ مِن بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفاً وَشَيْبَةً يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَهُوَ الْعَلِيمُ الْقَدِيرُ}الروم 54. فالملاحظ أن أنظمة ولوائح التعليم تتعامل مع من هم في الميدان التعليمي والتربوي سواسية، من حيث نصاب الحصص، والتكاليف، والمهام، والتحضير وهذا مكمن الخلل، فمن أمضى خمسة وعشرين عاماً في التعليم يطالب بما يطالب به حديث التعيين، لا فرق بينهما، وهذا ليس من العدل في شيء، فلا يوجد هناك نظام يكافئ ويقدر أصحاب السنوات الطويلة في التعليم، والاستفادة من خبراتهم التعليمية والتربوية بتخفيف بعض التكاليف عنهم، ولهذا ضعف عطاء بعض المعلمين وقلت إنتاجيتهم لطول بقائهم في التعليم، وأصبح من الضروري إيجاد الحلول المناسبة لمن تجاوزت خدماتهم ربع قرن في التعليم، وذلك بمكافأتهم بالشيك الذهبي تقديراً لجهودهم وعطائهم وعرفاناً لهم بما قدموه في خدمة أبناء هذا الوطن الغالي -وليس ذلك بكثير عليهم- فمن تجاوزت خدمته التعليمية خمسة وعشرين عاماً شريطة أن تكون آخر عشر سنوات منها قد أمضاها داخل أسوار المدرسة، يعطى ثلث الراتب من آخر مربوط له عن كل شهر متبقٍ لإتمام سنوات الخدمة النظامية أربعين سنة. إن الشيك الذهبي يعتبر من أكبر المحفزات المشجعة للمعلمين القدامى بترك المجال أمام الخريجين الجدد من الشباب المتحمس، والقابل للتطوير والعطاء والإبداع، (فتجديد الدماء في التعليم مطلب ملح لتطويره والتجديد فيه) وما نؤمله من القائمين على مشروع خادم الحرمين الشريفين - وفقه الله وسدد خطاه- لتطوير التعليم أن يكون الشيك الذهبي للمعلمين من أولى قراراتهم التطويرية لبث روح التجديد، وللبدء في عملية التطوير بشكل جاد وفعال.
malqwehes@gmail.com