وسط خضم المؤثرات التربوية ينبثق نور الأسرة ليرسم معلماً بارزاً في عالم تلك المؤثرات والتي تشكل أكبر نسبة في التأثير على تنشئة الفرد.. وتحديد مساره وطريقة تفكيره..
والمتأمل في الأوساط الاجتماعية يجد أن الأسر المرتبطة ببعضها ويشكل أفرادها يداً واحدة غالباً ما يكونون أبناء بارين بأسرتهم ودينهم ووطنهم.
نتيجة ذلك الترابط الأسري الذي يولد الشعور بالمسؤولية ويعزز دور الفرد ويزيد من فاعليته يحدثني أحد المهتمين برعاية الطلاب الموهوبين (إني لم أجد أي موهوب يعاني من تفكك أسري، بل وجدت أنهم يتمتعون بأسر رائعة في الترابط والشعور الواحد).
وفي الوقت ذاته يقول لي أحد الباحثين الاجتماعيين بدور الملاحظة: (غالبية النزلاء لدينا يعانون من تفكك أسري أدى إلى وصولهم لهذه الدور).
فالأسرة هي الركيزة الأساسية لبناء المجتمعات وتشكيل الشعوب وفي صلاحها صلاح المجتمع وفي فسادها دماره.
وفي الوقت الراهن نجد أن ملهيات الحياة وتكاليفها تهدد كيان الأسرة المترابطة، فعندما تجد أباً مشغولاً بجمع المال وأم تلاحق آخر الموضات فاعلم أن هناك أفراداً بلا أسر تعصف بهم رياح التفكك وتهددهم تيارات المحن.. ولن ننتظر منهم خادماً للدين والوطن مدركاً واعياً. فهل من وعي لحقيقة الأمر؟ ومدى خطورته!!.
إن كل عاقل يدرك أهمية الترابط الأسري عليه أن يشمر ساعده في بناء صرح أسرة مترابطة تجمعها الألفة وتسودها المحبة يحترم فيها الكبير، ويرحم فيها الصغير ويؤخذ بيد المسيء ويجبر فيها الكسير.. ومن أهم عوامل بناء تلك الأسرة؛ الإخلاص لله تعالى في الأمر كله أوله وآخره.
ومن ثم الدعاء الصادق بصلاح هذا الكيان وإيجاد برامج عائلية تسهم من قوة تلاحم الأفراد كرحلات خلوية أو زيارات منزلية أو لقاءات ترفيهية، تخلو من المنكرات لتحل عليها البركات، وقد أثبت الواقع أن الاجتماعات العائلية التي تخلو من المحاذير الشرعية تمتد لسنين طويلة وقد وقفت على لقاء إحدى العائلات السنوي الثاني والثلاثين وبحثت عن أسباب استمراره، فوجدت من أبرزها إخلاص العاملين على دعم قوى هذا اللقاء وتفانيهم في خدمة ذلك وشعورهم بروح الجسد الواحد وبعدهم عن كل ما يغضب الله عز وجل وتوفير أساليب الترفيه والمتعة.
أما اللقاءات التي تضج فيها المنكرات فسرعان ما تزول ولا تسهم في بناء صرح الأسرة الوحدة، بل تكون معول هدم ومصنع دمار ومنبع رذيلة.
وتأملت في سير الأعلام من قادة الأمة ومن حازوا على مناصب علمية وسياسة ووجدت أنهم ينتمون إلى أسر مشهورة بالترابط والألفة كان لها الأثر البارز في حياتهم ونجاحهم.
ومما لا يخفى على الجميع ما للترابط الأسري من أثر بارز ليس على ذات الفرد وحسب بل وعلى ماله وعمره.. فالترابط الأسري صلة رحم ورسول الإنسانية -صلى الله عليه وسلم- يقول: (من أحب أن ينسأ له في أثره ويبسط له في رزقه فليصل رحمه) فبركة العمر وبركة المال من ثمار الأسرة الواحدة.
ويعتبر الترابط الأسري من أعظم صور التكافل الاجتماعي.. فنجد الأسرة المترابطة يعين بعضها البعض في كل الشؤون ولو حقق هذا الترابط على جميع الأسر لوجدنا مجتمعاً متماسكاً تملأه الفضيلة وتسوده المحبة وتجمعه الألفة عندها تموت الرذيلة في مهدها وتنبت الفضيلة من جذورها ويعم المجتمع السلام.. إنها الحقيقة.
الأسرة الواحدة طريق الأمة الواعدة.
Aziz8995@hotmail.com