لقد فقدت مؤسسة جريدة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر منذ أسابيع عَلَمَاً من أعلامها المميزين والمخلصين، وممن لهم بصمة ودور فيما وصل إليه هذا الصرح الإعلامي، إنه شيخنا الفقيد الغالي (صالح بن علي العجروش) المدير العام للمؤسسة، الذي عاشبين أروقتها سنوات عديدة عامرة بالإخلاص والتضحية والوفاء، وممن شارك في إرساء قاعدة هذا الصرح في بداية خطواته التطويرية، يداً بيد مع رئيس تحريرها الحالي الأستاذ (خالد بن حمد المالك) - حفظه الله - الذي يعتبر علامة بارزة في تطور هذه الجريدة في مسيرتها التطويرية وإضافة كل جديد لها منذ أن عمل بها في سنواتها الأول حتى وقتنا الحاضر، ويلاحظ ذلك على مر السنوات من حيث الإخراج والمادة الصحفية وفي كافة صفحاتها؛ ليتحقق لها الكثير من الإنجازات والأوليات في مناسبات متعددة محلياً وخارجياً، وهذا واضح للجميع في أداء رسالتها الإعلامية، وهي لا تزال تخطو خطواتها التطويرية بجانب الصحف الأخرى في خدمة هذا الوطن. (وجريدة الجزيرة) تواصل مسيرتها الإعلامية مع مديري المؤسسة السابقين حتى وقتنا الحاضر بمديرها العام الحالي الأستاذ (عبدالرحمن الراشد) الذي هو الآخر يسعى إلى تطوير هذه الجريدة. لقد فجع الجميع بوفاة الشيخ (العجروش) الذي نحمل معه أجمل الذكريات، وخصوصاً علاقته مع مديري المكاتب السابقين من واقع ما سطرته أقلامهم عن هذا الفقيد وما يحملون معه من ذكريات ومواقف.. خصوصاً مَن عاصره في بداية عمله في سنواته الأولى في هذه المؤسسة، سواء من الزملاء في داخل الجريدة أو الزملاء المديرين ومنسوبي مكاتب المؤسسة الذين لا بد أن يلتقوا به أثناء زيارتهم إلى الرياض من أجل ما يهم المكاتب وما ينقصها من مطالب.. ومع تكرار هذه المطالب التي ترد عليه وبصفة مستمرة إلا أنه يقابل ذلك بابتسامته المعهودة وبكل الحب والترحيب، حتى أن جميع ما يطلب منه للمكاتب يتحقق بكل يُسر وسهولة في كل ما يهم المصلحة العامة في تسهيل مهمة مديري المكاتب في تواصلهم مع المركز الرئيسي. واستمر على هذه المهمة حتى تقاعد من عمله - يرحمه الله - ولكنه ظل متواصلاً مع معارفه دون انقطاع. ولعل من المواقف التي حصلت لي شخصياً معه عندما التقيت به عن طريق المصادفة قبل أشهر من وفاته في مناسبة زواج بالرياض لأحد أقاربي، وكانت مفاجأة لي أن ألتقي به بعد فراق سنوات مضت بعد تقاعده، وتم تبادل السلام وأطراف الحديث معه، وكانت ابتسامته المعهودة وترحيبه الذي لم يتغير، بل إنها من أسعد اللحظات أن ألتقي به، وبعدها بأشهر تلقيت خبر وفاته الذي كان له وقع مؤثر في نفسي عندما هاتفني أحد أقاربه بواسطة جهاز الجوال ليخبرني بذلك؛ ما أحزنني وأحزن الجميع من معارفه لفراقه هذه الدنيا الفانية، وكان لوداعه وفراقه أثر كبير من الحزن والأسى في قلوبنا رغم إيماننا بأن الموت باب لا بد لنا جميعا العبور منه إلى الحياة الآخرة؛ لقوله تعالى: {كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ * وَيَبْقَى وَجْه رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ}.
إنني في هذه العجالة التي أعبر فيها عما في خاطري من كلمات متواضعة أحاول بمشاركتي أن أفصح عن مدى ما أحمله لهذا الشخص من حب وتقدير، الذي لن أنسى مواقفه معي ومع الزملاء، وهي مشاعر حب صادق سطرها الجميع في مقالاتهم عن هذا الرجل الذي ترك فراغاً كبيراً في قلوب الكثير؛ لأنه من الرجال المخلصين الذين قدموا الكثير لهذا الوطن، ولكن هكذا (ابن آدم مسير وليس مخيراً)، فإن لكل أجل كتاباً وهذه سُنة الحياة، والموت مصير كل كائن في هذه الدنيا، ولكن فراق مثل هؤلاء مؤلم ومحزن، وقد ترك لنا (أبو خالد) في قلوبنا حزناً عميقاً عند نبأ سماع رحيله إلى الدار الآخرة؛ حيث كان له في قلوبنا مودة ومحبة خاصة، والكثير يشهدون له بأعمال الخير والتقى وإخلاصه بعمله وخدمة هذا الوطن في مجالات متعددة من خلال هذه المؤسسة الإعلامية التي عمل فيها بإخلاص وتفانٍ في ترسيخ رسالتها الإعلامية، وما زال الكثير يذكر لهذا الفقيد - رحمه الله - مواقفه الإنسانية. فرحمك الله يا فقيدنا الغالي، وأسكنك الله فسيح جناته، وجعل قبرك روضة من رياض الجنة، وما قدمته في موازين حسناتك، وألهم أهلك وذويك الصبر والسلوان.. {إِنَّا لِلّه وَإِنَّا إِلَيْه رَاجِعونَ}.