تواصلا مع الموضوع ذكرت بالأمس أن هناك من يتصدى بتكافل ذي أسس قويمة لمواجهة حاجات الناس، وحين يكون العزم فعلا قائما تتضافر له الجهود ويسخر له الوقت وتهيأ له الوسائل مع العلم ورحابة الصدر بهدف الإصلاح وبناء الأسر على دعائم توافقية وقبول العناصر فيها بعضهم بعضا.. وخضوعهم لسداد الرأي حين المشورة فإن مصطلح التكافل في سعة مدلولاته يتحول إلى سلوك ينتج عنه مجتمع متعاضدة أطرافه ولا سيما حين يكون منطلقا من توجيه كتاب الله تعالى على هدي المصطفى صلى الله عليه وسلم...
ولعل مشروع (التوفيق الخيري والإصلاح الأسري) الذي أنشئ في العام 1425 بجمعية البر الخيرية في بريدة تحت إشراف فضيلة الشيخ خالد بن إبراهيم الصقعبي هو خير أنموذج لأوجه التكافل بين الناس ولاسيما أنه لم يقتصر على مدينة دون غيرها ولا على رجل دون امرأة ولا على حالة دون سواها..
بل جاء هذا المشروع بهدف تمكين الأفراد ممن تحول دونهم ودون الزواج أمور كثيرة أولها الاختيار، فيضع هذا المشروع في سدة مهامه مساعدة الأفراد للاختيار الصحيح أو التقريب بين المتوافقين وهو أول لبنات الأسرة الناجحة تلك التي ننشدها لتواجه تنشئة النشء في بيئة سليمة..
كما يقوم بإصلاح ذات البين والتصدي بالنصيحة والمشورة على اختلافها لتقويم الكسر, وإيجاد الحلول للمشكلات التي يواجها أفراد الأسر من الجنسين..
يتعاضد في هذا الشأن ذوو وذوات الاختصاص من المتطوعين والراغبين والخبيرين..
تفضل مشكوراً الشيخ خالد بعد زيارتي الأخيرة لبريدة فزودني بالتقرير الأخير عن المشروع وفيه الإحصاءات في مجاله وقد جاء فيه ما ألخصه هنا:
- يراعي هذا المشروع عند التوفيق في اختيار أحد طرفي الأسرة الضوابط الشرعية بالاستعانة بقول الله تعالى: {وَالطَّيِّبَاتُ لِلطَّيِّبِينَ وَالطَّيِّبُونَ لِلطَّيِّبَاتِ} وقول المصطفى صلى الله عليه وسلم: (تنكح المرأة لأربع : لمالها ولحسبها ولجمالها ولدينها فاظفر بذات الدين تربت يداك)..
- يستفيد من هذا المشروع الرجال والنساء..
- تستخدم عند الطلب من الوسائل أحدثها إذ تتم عن طريق إدخال البيانات حاسوبياً ومن ثمة مقابلة الشروط والرغبات بسرية تامة تحفظ الحقوق وتضمن الاطمئنان لكلا الطرفين..
- يحال الطرف المتقدم للأسرة المناسبة بعد الموافقة المبدئية من الطرفين...وتتم بقية الأمور بين الولي والمتقدم أو ولي المتقدمة والطرف الموافق..
- المشروع تطوعي لا يحصل أي مبالغ مالية من المتقدمين للاستفادة منه.. على أن تتوفر المصداقية والجدية في الأطراف المتقدمة له..
- يساعد المشروع في القضاء على العنوسة والتأخر في الزواج, والتعريف بالأكفاء من الطرفين..
- التشجيع على الزواج للحصانة المؤهلة لسلامة المجتمع.. من خلال التوعية بفقهه وأهميته..
- (إحياء سنة التكافل الاجتماعي وتكوين الأسرة المسلمة) كما ورد في نص التقرير..
***
والمشروع لا يقتصر على استقبال طلبات الزواج والعمل على التوفيق بين أصحابها فقط بل يقيم الدورات التدريبية المختصة بالتوعية بالحياة الزوجية وما فيها من الأوشاج والعلائق والتعامل والحقوق والواجبات..
***
والمشروع أيضا له فرع نسائي يقوم بالدور ذاته بين النساء..
***
وينطلق من ذلك بحل مشكلات الأسر ومعالجة تصدعاتها ولم شمل أفرادها بما دعت به سنة رسول الله وجاء في هداه صلى الله عليه وسلم..
***
والتقرير يوضح أن المشروع يخدم جميع مناطق المملكة.. إذ امتد ليشمل جهاتها جميعها..
وقد استفادت منه ثمان وثمانون منطقة ومدينة ومحافظة إذ بلغ عدد من تقدم واستفاد ما يربو على (3256) من الرجال والنساء.. منهم (656) حالة توفيق.. و(204) حالة زواج.. بينهم من هم حديثو الزواج... وفيهم الأرامل والمطلقون... وفاقدو البصر والمعاقون... من الجنسين...
***
صورة مشرقة جدا للتكافل الواعي الجاد المتطلع لخير الدنيا وثواب الآخرة..
***
تحية تقدير..
نتطلع إلى أن تنتشر نماذج التكافل في مشاريع تقابل حاجة الأفراد لتنقشع عنهم غمامة الحزن ويستظلون تحت عرائش السكينة..
بارك الله بارك..
كل التقدير لجهود فضيلة الشيخ خالد الصقعبي المشرف العام على مشروع التوفيق الخيري لراغبي الزواج ورئيس لجنة الاستشارات والإصلاح الأسري ببريدة حيث تقوم أمثل صور التكافل الاجتماعي والإنساني..
بارك الله بارك..