بداية نحن نتمنى من القلب كله أن تكون كل الأيادي والعقول التقنية الماهرة التي تعمل في المملكة هي أياد وعقول سعودية صرفة نستغني بها عن الأيادي والعقول غير السعودية الوافدة. وإن لم تتوفر تلك الأيادي والعقول فإننا نتمنى أن تكون أيادي عربية صرفة. وإن لم تتوفر تلك الأيادي والعقول العربية فإننا نتمنى أن تكون أيادي وعقولاً إسلامية شقيقة، ولكن لأن واقع الحال الذي نتمناه من المحال وأن كل تلك المهارات التي ذكرناها لا تختلف عن بعضها البعض إلا قليلاً فإننا مضطرون والحالة هذه أن نستعين بالأيادي والعقول الأجنبية بغض النظر عن أصولها ودياناتها وهذا ما هو حاصل بالفعل في بلادنا العربية، بل والإسلامية كلها. ولأن العالم قد أصبح قرية صغيرة فقد اقتربت الأجناس البشرية والديانات المختلفة من بعضها البعض (رغماً عن أمانينا) لذلك تجد بين العاملين لدينا من هو يدين بالمسيحية ومن يعتقد بالبوذية ناهيك عن الديانات الأخرى التي يعتنقها من يعملون لدينا والتي لا يعلمها إلا رب العالمين. وبالرغم من ذلك لا نتدخل في دياناتهم إلا من (هداه الله) وأراد (طائعاً حراً) أن يدخل في الإسلام. وكذلك كانت تعمل الدولة الإسلامية التي بسطت سيطرتها يوماً ما على أغلب بقاع الكرة الأرضية إذ إنها لو أجبرت الناس على الدخول إلى الإسلام لم يتبق في عالمنا اليوم - وخصوصاً - العالم العربي، مسيحيٌّ واحد ولا في بلاد الهند والسند والصين هندوسي أو بوذي واحد، ولأزالت الدولة الإسلامية بقوة السلطة والدين كل الكنائس والمعابد والأديرة من على سطح الأرض في كل الديار التي كانت تسيطر عليها الدولة الإسلامية بدءاً من دولة الخلفاء الراشدين فالأمويين فالعباسيين فالأندلسيين أخيراً. ولعلنا لا ننسى أروع الوثائق التي توصي بحقوق الإنسان في التاريخ ونعني بذلك وصايا الخلفاء الراشدين لقادة جيوش الفتوحات والتي تشدد على أن لا يقطع المسلمون الشجر أو يهدموا المعابد وأن يتركوا (دور العبادة) وألا يتعرضوا للنساء والأطفال وذلك كما جاء في وصية أبي بكر الصديق رضي الله عنه وكذلك وصية الفاروق عمر رضي الله عنه، أي بمعنى آخر كما احترم الإسلام أديان الآخرين في أوج قوته فإن الآخرين من خلال دساتيرهم وقوانينهم قد احترموا حرية المسلمين الذين يعيشون بينهم الآن وهم في أوج قوتهم التقنية والعسكرية وتركوهم يقيمون المساجد والمدارس والمعاهد الإسلامية في ديارهم، لذلك أجمع العالم كله في مدونة حقوق الإنسان على حرية الأديان والمعتقدات ووقّعت كل دولنا الإسلامية والعربية بما فيها المملكة على وثيقة حقوق الإنسان وأقامت هيئة وجمعية لتلك الحقوق، واليوم ما الذي يمنع المملكة من تبني (الميثاق العربي لحقوق الإنسان)؟