Al Jazirah NewsPaper Thursday  21/02/2008 G Issue 12929
الخميس 14 صفر 1429   العدد  12929

وسنينُه إذ.. تحدثني
سعود اليوسف

 

حين أخذ يناديني أستاذي عبدالله بن عبدالرحمن الشهري بقوله: (يا ولدي) كانت هذه القصيدة:

مثلما يحمل الغريبُ شجونهْ

مُطرِقاً من مدينةٍ لمدينةْ

امتطت بي خيولَ ذاكرتي (يا

ولدي) والزمان مغضٍ جفونه

وتبدي لي الزمان شحوباً

ما استطاعت طفولتي تلوينه

وتراءى هناك وجه أبي رمزَ

كفاحٍ، وذكرياتٍ دفينة

وتوغلتُ في ملامحه أقرأ

ما أودع الزمانُ غضونه

في زوايا بيتٍ من الطين، ما زالت

حكايا سعيدةٌ وحزينة

صوته ذلك الأجشُّ إذا فاح

بعطر الذكرى أشم حنينه

واسأل القرية التي هو رباها

على الحُسْن: يا ترى تذكرينه؟

والعصافيرَ حين يوقظها مواله

العذب: يا ترى تعرفينه؟

يا لهذا التناغمِ الفذِّ ما بين

أهازيجه وصوت (المكينة)

مغدقاً بالنشاط يملأ دلو

الزهو، يسقى حقوله تلحينه

مترفٌ، في تشققات يديه

من جفاف تألقت ياسمينة

فالشذا، هل يكون إلا شعوراً

كلما مارس النسيم فنونه؟

مبحر في شواطئ الرمل، والصحراءُ

أنثى بشخصه مفتونة

يا تجاعيدَ الرمل، يا بوحَ أسرار

خُطاه، هناك تحكينه؟

واسأل الليل حين يحتطب الأضواءَ

كي يوقد الظلامُ سكونه

قائماً في محرابه يرسم الصوتَ

تسابيحَ في إطار السكينة

ينحت الضوءَ في صخور الليالي

والمساءات راعفاتٌ رعونة

يا لقلبٍ بنبضه يترِف الدنيا

جَمالاً معْ أنه محض طينة!

من شموخ النخيل، من حرفة الضوء

وفِكرِ الندى اجتبى تكوينه

(ولدي)!! أي مقطع من صبا قد

رجّعته لك الحروف الثمينة؟

أي ريح تثير فتنتها الموج

فيُغوي مراهَقاتِ السفينة

كنتُ طفلا، كقرية ما غفَتْ إلا

على حلمِ أن تكون مدينة

أنسج الضوء من صدى صوته، حتى

تدثّرت بالحروف الرصينة

وحنان ما زلتُ أغرف منه

كلما قبّلت شفاهي جبينه

إنه عذق ذكرياتي، فماذا

سوف تجنيه لو خرفتَ سنينه؟

هل رأت مقلتاك لون جفافٍ

حينما أوحش الجفاف عيونه؟

جُنَّ بالحقل، إذ تماهى مع البستان،

هل يا ترى عرفتَ جنونه؟

هل يناديك حقله مستجيراً

حينما تهتك الرياح غصونه؟

هل بعثتَ الدلاء تطلب ود البئر

يوماً، وهل تجيد لحونه؟

ومساحيه، هل حملتَ مساحيه

بيمنى مفتولة ميمونة؟

ومتى قد حجبت لفحة حر القيظ

عني طفلاً بكفٍّ حنونة؟

لو تكون الأبوة الحبَّ والأخلاقَ

أصبحتَ ممكناً أن تكونه


 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد