صدر العدد الجديد من مجلة (الفيصل) الثقافية الشهرية الذي جاء مغايراً في شكله ومضمونه، وذلك في خطوة تطويرية في مستهل العام الهجري الجديد.
بدأت المجلة ب(ملف العدد)، وهو الموضوع الرئيس، وجاء بعنوان (كولومبس.. الوجه الآخر)، أعده الدكتور سمير عطا، وأجاب فيه عن كثير من الأسئلة التي تثار حول الدوافع الحقيقية لكشف أمريكا على يد كريستوفر كولومبس.. فهل كان كولومبس رجلاً نزيهاً له صفات الفضائل الأوروبية أم كان متعصباً وانتهازياً ومنافقاً وتاجر عبيد؟ وهل كان يهودياً تسانده عصبة من اليهود سبقت بآمالها الصهيونية بعدة قرون أم كان مسيحياً مؤمناً يسعى إلى نشر المسيحية بين الوثنيين المتوحشين؟ وغير ذلك من الأسئلة التي تلقي الضوء على هذا الحدث المهم (اكتشاف أمريكا) الذي تزامن مع حدث آخر لا يقل أهمية عنه، وهو سقوط غرناطة، وزوال الأندلس سنة 897 ه - 1492م.
وجاء تحقيق العدد بعنوان (المستطيلات الغامضة في منطقة حائل)، أعدّه الدكتور عبدالله بن محمد الشايع، تعرض فيه لمستطيلات أثرية عثر عليها الباحث في أثناء بحثه عن الشواهد الأثرية على مسارات الطرق القديمة المتمثلة بالصوى، والمذيلات، والدوائر الحجرية، وغيرها، وذلك ضمن مشروع تحقيق مسارات طرق القوافل القديمة الذي تحتضنه (دارة الملك عبدالعزيز)، وكتب حينها في الصحف دعوة للآخرين إلى المشاركة لإيجاد تعليل لوجود هذه المستطيلات المحيرة، ولكنه لم يجد إجابة من الآخرين.
وذكر أن هذه الأشكال الغريبة أطلق عليها علماء الآثار في مناطق أخرى اسم (المصايد)؛ أي أنها مصايد للوحوش النافرة. واختلف الباحث معهم في هذه التسمية، ودعا متخصصي الآثار في المملكة إلى إعادة النظر في تلك المقولة، والبحث الأثري المكثف، وتسليط الضوء على هذه المستطيلات الغامضة لمعرفة الهدف من إنشائها، والفترة الزمنية التي نفذت فيها.
وتناول د. محمود أحمد شاهين علاقة الخط العربي بالفن في مقال بعنوان (الحروفية سجال مفتوح بين الخطاط والتشكيلي)، معرفاً مصطلح (الحروفية) الذي يغطي حالياً جميع الحيوات التشكيلية المعاصرة، شارحاً وجهات النظر حول هذا الاتجاه عند الخطاطين والفنانين التشكيليين العرب، وتناول (الحروفية العربية وتجاربها) في التشكيل العربي المعاصر، وتحدث عن الاستشراق ودفعه للفنانين التشكيليين العرب المعاصرين إلى البحث عن التفرد والتمايز، كما تناول (غربة الخط العربي)، و(اندثار الخطوط العربية)، و(أهم عناصر التشكيل)، و(البحث عن الهوية)، وعدّد العوامل التي لا بدّ من توافرها لنجاح التجارب الحروفية العربية المعاصرة بمحاولاتها التجديدية التحديثية من أجل مفهوم استخدام الحروف العربية في التشكيل المعاصر.
واستعرض د. حسين حاجي إبراهيم تيكايف (ملامح الثقافة العربية الإسلامية في داغستان)، هادفاً إلى تقديم صورة حقيقية عن واقع الثقافة الإسلامية في روسيا التي يبلغ عدد المسلمين فيها أكثر من 20 مليون شخص، وتناول عدد الجماعات الإسلامية في روسيا الاتحادية، وعدد المساجد، والمؤسسات الإسلامية، وعدد الحجاج السنوي، والصحف والمجلات الإسلامية التي تصدر فيها، وقدم نبذة مختصرة عن جمهورية داغستان، شملت: معنى كلمة داغستان، وسكانها، ومساحتها، وقومياتها، ولغاتها، وتناول العلاقات التاريخية والثقافية بين داغستان والبلدان العربية، والمخطوطات العربية في داغستان.
وكتب رجب سعد السيد موضوعاً بعنوان (الاستدامة مبدأ حق.. فهل يراد به حق؟!)، شارحاً معنى مصطلح (الاستدامة) الذي يعني ترشيد استغلال الموارد الطبيعية، حتى لا تنهك، وأشار إلى التصادم الأيديولوجي العميق بين حتمية الأخذ بهذا المبدأ، وأولويات الحكومات والشركات، التي يهمها تنشيط النمو الاقتصادي، خصوصاً في أمريكا، التي ربما تكون قد أصبحت في الوقت الراهن أول دولة في التاريخ لا يهم إلا أن تعيش حاضرها، متجاهلة إلى حد كبير تبعات أنماط الاستهلاك السائدة بها، التي ستورث المعاناة - إذا استمرت الأمور على المنوال ذاته - لأجيال المستقبل، وأكد في ختام بحثه أن ظاهر المبدأ أخلاقي براق، ولكن حقيقته تنكشف على أرض الواقع، حين تزورّ عنه الإدارات الحاكمة في الدول الغنية.
وقدّم فهد مطلق العتيبي قراءة في كتاب (دليل تطوير هيئة التدريس) الذي حرره كاي هيرجيلسباي، وليندا هيلسين، وإميلي وادمورث، ويتحدث الكتاب عن كيفية تطوير مهارات الأساتذة، ورؤساء الأقسام، والإداريين في مؤسسات التعليم العالي، وقامت وزارة التعليم العالي بترجمة الكتاب، بالتعاون مع مكتبة العبيكان. وضم العدد مجموعة من القصائد والقصص القصيرة، فمن قصائد العدد: (الفارس العربي) للدكتور كمال نشأت، و(أمتي) لسالم المساهلي، و(بين الحب والحزن) لسعود بن سليمان اليوسف. ومن قصص العدد: (كأس الشاي) لوفيق كريشات، و(كاريو بن سارية) لأحمد فطاني. واشتمل العدد على الأخبار الثقافية التي ترصد حركة الثقافة داخل المملكة وخارجها، وأحدث إصدارات الكتب، والمسابقة التي تم رفع قيمة جوائزها، وجاءت خاتمة المطاف بعنوان (المرأة والمرآة في الأمثال والأقوال المأثورة) لعبدالمجيد الإسداوي.