Al Jazirah NewsPaper Thursday  21/02/2008 G Issue 12929
الخميس 14 صفر 1429   العدد  12929
المنشود
المسكوت عنه!!
رقية سليمان الهويريني

تعرضت طفلة مصرية عمرها إحدى عشرة سنة للاغتصاب، وحملت وأنجبت طفلة. وكانت قد شكت لوالديها شعورها بآلام في المعدة بعد 5 أشهر من الحادث، إلا أنها أخفت عن والديها ما حصل لها خوفاً من تهديد الشاب المغتصب لها!

وكان مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر قد أوصى مَنْ تتعرض للاغتصاب بالتخلص من حملها فور علمها به، ما لم يرَ الطبيب الثقة ضرورة يقدرها لإرجاء الإجهاض. وتوصل المجمع لهذا الرأي بعد استعراض الرؤى الشرعية والعلمية التي عرضها أعضاء المجمع بما يحقق الاستقرار الاجتماعي والشرعي، وبذلك حسم الجدل الدائر حول هذه القضية.

ولست أعلم متى يصدر لدينا مثل هذا القرار الذي يعد من الأمور المسكوت عنها في المجتمع، ويرفض الجميع التحدث عنه بحجة الخصوصية، ومَنْ يزر إحدى دور الحضانة الاجتماعية يشعر بالألم والقهر والحنق!!

إن حالات الاغتصاب التي تتعرض لها الفتاة لهي من الأمور المؤلمة حقاً، ولعلنا قد قرأنا ما يتعرض له بعض الذكور الأطفال أو الشباب من اغتصاب، وحين يتم التبليغ يُقبض على الجاني ويأخذ عقابه! ولكن من النادر أن نسمع عن القبض على ذئاب تعرضوا لفتاة ليأخذ القانون مجراه! فلماذا التكتم رغم أن قسوة الاغتصاب على الفتاة أكثر من الفتى؟ وكلاهما مؤلم.

والأشد ألماً حرمان الفتيات من الإنصاف والعدالة عقب تعرضهن للاعتداء وعدم تلقيهن الدعم الكافي، فيلجأن إلى العزلة والانطواء إلى حد التفكير في الانتحار أو الإقدام عليه؛ بسبب غياب خدمات الدعم الحكومية فضلاً عن قصور نظام القضاء الجنائي، وبذلك تظل مشكلة الاغتصاب مستحيلة الحل، بفضل التحامل من قبل المجتمع والأسرة ضد المرأة التي تغتصب، حيث يسود الافتراض بأن المرأة هي المسؤولة عن ذلك! والحقيقة أن الأزمة ستلازمها ردحاً من الزمن. وفي غياب المعايير الاجتماعية العادلة ستتزايد مثل هذه الحوادث.

إن الخوف الاجتماعي مما يعد (فضيحة) هو السبب وراء لجوء المتعرضات للاغتصاب أو التحرش للصمت المطبق، كما أن فقد الثقة وعدم الشعور بالأمان من أسرتها يجعلها تعاني وحدها من تبعات هذا الهم الثقيل. ويعمد الأهل إلى التغافل عن الحادثة لمحاولة نسيانها، وما نلبث أن نسمع أو نقرأ الإبلاغ عن طفل رضيع وجد ملفوفاً بقطعة قماش أمام باب مسجد أو مستشفى أو قرب مرمى للنفايات!! ويعيش وهو صغير طفلاً بائساً فاقداً حضن أمه التي ابتليت به دون ذنب، وحين يكبر يعيش تعيساً حاقداً على مجتمع لن يستطيع استيعابه أو تقبله بدون سياج الأسرة ليكون مصيره أقرب للضياع من الاستقرار!!





rogaia143@hotmail.com
لإبداء الرأي حول هذا المقال أرسل رسالة قصيرة SMS  تبدأ برقم الكاتب 6840 ثم إلى الكود 82244

 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد