إن قادتك ظروف الزمان أو المكان - مثل ما قادتني - يوم جمعة قبيل صلاة الظهر، وكان الجامع الأقرب لك في حي أغلب سكانه من الإخوة الوافدين من غير العرب؛ فإن الجمع من المصلين بطبيعة الحال سيكون من هؤلاء المسلمين ممن لا يعرف أكثرهم لغتنا العربية الدارجة، فكيف سيعرف فصيحها؟! وإذا كان خطيب هذا الجامع - كما لاحظت - قد ألقى خطبته الحاشدة بالأحاديث والأمثلة والمواقف المنقولة عن بعض الصحابة - رضوان الله عليهم أجمعين -، وبلغة أو فلنقل: بجمل وعبارات وكلمات بعضها يحتاج إلى تفسير ليفهمه بعض المأمومين العرب من الكبار والشباب؛ إذن كيف سيفهمه غير العربي المسلم، حتى وإن كان يتلو القرآن لتعوده على تلاوته منذ صغره بلغة العرب لغة القرآن؛ فهذا المسلم المتلقي لخطبة الجمعة قد لا يفقه ما يقوله الخطيب، خاصة إذا كان - كما سمعت - يتلو خطبته المكتوبة بأسلوب إلقائي غير مقبول لا بنبرة الصوت ولا التوقف عند ما يحسن الوقوف عنده. والأغرب من كل ذلك أنه يورد في ثنايا الخطبة أبياتاً شعرية وعظية جيدة في مضمونها، ركيكة في نظمها، وأجزم بأن نصف العرب لا يستسيغونها إن فهموها، ناهيك عن مسلم حضر للجامع يريد الأجر وفائدة الخطبة.. قد يكون من المفيد - بعد إجادة اختيار موضوع الخطبة - أن تترجم مسبقاً لعدة لغات تناسب أعداد وتنوع الجاليات الإسلامية في ذاك الحي، وكل جامع في الأحياء المماثلة، وأن يتطوع أحد أبناء الجاليات كل جمعة بعد الصلاة فيشرح مضامين الخطبة مع توزيع الخطبة المترجمة على المصلين الوافدين عند مخارج الجامع، ولعل لدى القارئ أفكاراً أكثر فائدة.