كان بودي وسواي خاصة من الشباب كطالبات وطلاب الجامعات وطلاب العمل وغيرهم من طلاب الجمال والحق أننا دعينا ولو من باب التلويح بوجود مجلس الشورى مع الناس وليس بعيدا عنهم لحضور لقاء المجلس مع وزير العمل ليس فقط لأن الرجل يتمتع بشخصية خلافية...
.. تزيد من كارزميتها على مستوى خاص وعام معا كما تتمتع بتنوع معنوي في حياته تتدرج أطيافه من شعلة الشعر إلى مواجع العمل مما يفترض أن الحوار معه قد يجمع بين متعة العقل وفسحة الروح للأطراف التي تتوق للتورط في حوار وإن تجنب شجون القصيدة فلا بد أن لا يغضي عن شؤون المعيشة أو هكذا يفترض، بل وأيضا لأنه كان بودي مثل سواي من المواطنين أن أطرح عليه بعض الأسئلة التي تكشف التواشج بين أخيلة الشعر وبين معاناة العمل.
إذ لا أعتقد أننا في أوضاعنا المعقدة فيما يخص حالة العمل القائمة في مجتمعنا اليوم وما يلاحق شبابنا وشاباتنا من أشباح البطالة بتجسدها المقنع والسافر وما يختلط ويغيب من حقوقه وواجباته بما يكاد يُضيع معه معنى العمل الإنتاجي مستبدلا بمفهوم ارتزاقي إن لم يكن مرتزقي يستهجن فيه العمل المنتج فيما يجري الاحتفاء فيه بمواقعه الروتينية المعيقة، يمكن أن نحل أو نربط في مثل هذا الواقع دون تفعيل جانب الخيال الاجتماعي في طلب الحل كشرط للبحث عن حلول إبداعية للأوضاع الاجتماعية المتردية والمعقدة معا.
وأجد أنني بهذه المقدمة أعطي مجلس الشورى العذر إن كان حقا يملك حاسة الحرج لاستبعادي وربما سواي من المواطنين عن ما مضى من جلساته الجادة التي لا بد أن تتسم بالتجهم لتبرهن على وقارها وربما يستمر الاستبعاد أو الحظر إلى أجل آخر غير مسمى على المواطنين عموما وعلى النساء خاصة مادمت كما يبدو من حديثي أعلاه لا أريد التمييز بين شخصية الوزير وبين شخصية الشاعر وأرى أنهما يمكن أن يتبادلا التأثير في إيجاد الحلول لأوضاع الوزارة المستعصية بشيء من الخيال والكثير من الإرادة والتخطيط من العمل.
وبعض الأسئلة التي يمكن بنوع من التسلل الذي يشبه التسلل الكروي أن أمررها هنا بعيدا عن قبة مجلس الشورى دون أن أنتظر جواباً لأن مجلس اللقاء قد فض وبالتالي فإن طرحها لن يتعدى وضع من يتحدث إلى نفسه بصوت عال هي:
- هل تقر وزراة العمل بوجود انفصام مريع بين مفهوم العمل ومفهوم الإنتاج بالمجتمع؟ وهل عندها أرقام إحصائية على حجمه وكيفيات وجوده وإن عشعش وتنعكب بشكل مستتر وهل ترى الوزارة هذا الانفصام معيق لطبيعة عملها أو تراه عامل مساعد للتخفيف من المعضلات اليومية التي تواجه بوجود مايشبه طواحين عمل وإن لم تعمل؟
هل يشغل الوزارة إصلاح هذا الانفصام بين مفهوم العمل المنتج ومفهوم العمل الترزقي المحض؟ أي هل لمعالجة خلل الموقف الاجتماعي من العمل برنامج على أجندتها أو أنها لا ترى أن حله مسؤوليتها وتلقي مسؤولية إصلاحه على مؤسسات أخرى كالمؤسسسات التربوية أو يشتركان معا في ترك حله للصدفة والأيام؟
هل هناك إحصاء دقيق بحجم بطالة النساء والرجال في الأطراف كما في المدن الرئيسة ومعرفة نوع هذه البطالة مقابل إحصاء دقيق بطلب السوق الرسمي والأهلي للعاملين لتحديد أو على الأقل معرفة مسارات ومجالات وكفاءات العمل الذي يجب توفيرها والتأهيل لشغلها.
ولا أستطيع في هذا السياق أن أغض الطرف عن سؤال: هل ستظل مجالات عمل المرأة تدور في فلك التعليم والصحة والخدمة الاجتماعية وعلى استحياء التجارة وبعض قطاعات الإعلام أم أن هناك خطة أو لنتواضع ونقول تصوراً بمجالات ملحة تحتاج لانخراط قوى عاملة فيها من النساء.
هل حقا إذا كنت قد فهمت ما كتبته الصحافة عن لقاء مجلس الشورى بوزير العمل أن ليس هناك نية ولا خطة ولا حاجة لصرف مبلغ شهري للعاطلين عن العمل أي من لا تستطيع الوزارة لا عبر مؤسسات الدولة ولا عبر القطاع الخاص توفير فرص عمل لهم بحجة ألا يتواكل الشباب.
أليس بالإمكان أن توضع ضوابط لذلك بحيث فعلا تصرف معونة (بدل بطالة وإحباط) لمن لا يجد عمل بدل من سد باب الذرائع المنقوص الذي قد يقود شبابنا من الجنسيين إلى توسل أو تسول بدل (شحاذة)، إن لم يقدهم إلى بدائل أفدح.
أعرف أن الوزراة لا يمكن أن تنجح في توفير عمل لكل مواطن قادر على العمل دون تأهيل كما أنها لا يمكن أن تتوصل لحل معضلة البطالة لو أن وضع العمل استمر مربوطا (بأبوية الدولة) ولم يساهم القطاع الخاص كله وخاصة الهوامير والحيتان في فتح باب رزق جميل وباب رزق حلال للشابات والشباب وأن ذلك لن يحدث بدون وجود التأهيل المطلوب من ناحية مهنية ومن ناحية التزام بثقافة العمل ولكني لا أذكر على الإطلاق أن أحدا من وزارة العمل على سبيل المثال ليس إلا، قد زار قسما كبير الحجم بالطالبات كقسم الدراسات الاجتماعية مما يُعنى بعدد من مجالات العمل بما فيها أدبيات وثقافة وحقوق العمل بجامعة الملك سعود لا بشكل فردي ولا بشكل فريق ولا على مستوى وزراي أو مستوى أرشيفي ليتحاور في شأن من الشؤون المشتركة، كما لا أعرف أنه تجري اسشارات (للخبرات المتخصصة) من النساء في هذا الصدد إلا بقدر ضيق غالبا غير مستثمر.
فكيف تحل معضلات متشابكة مثل معضلة العمل والبطالة والتأهيل وثقافة العمل وكل جهة من جهاتها ذات العلاقة تعمل لوحدها في صندوق مغلق.
أما الأسئلة المتعلقة بالعمالة الوافدة حيث كأن بطالة مواطنينا لا تكفينا فنضم إليها بطالة العمالة الوافدة وسواها مما يتعلق بحقوق العمل للمواطن والمقيم وواجباته والإصلاح والتجديد المطلوب وضماناته لمجمل مجالات العمل وكذلك أسئلة الممانعة المجتمعية خاصة للمستفيدين من إعادة تنظيم أوضاع العمل المحلي والوافد بشكل أكثر فعالية وإن اقتضى الأمر بعض صرامة فإنني مضطرة لتركها لسلسلة مقالات أخرى.
وليس أسئلتي المسالمة هذه إلا من قبيل التطمين لمجلس الشورى بمدى مسايرتنا لسقفه.
ولله الأمر من قبل ومن بعد.
Fowziyah@maktoob.com