ينكر الأوروبيون على العرب نظرتهم إلى الحروب الصليبية باعتبارها حرب أعداء هدفهم النهب والتدمير ولا شيء غير ذلك.. والحقيقة كما يقولون أن حروب النهب والتدمير عبر التاريخ العربي هي حروب التتار.. وليست الحروب الصليبية. |
ويتساءلون.. كيف ينظر العرب إلى الفتوحات الإسلامية؟.. وكانت الإجابة أن كل عربي يرى في ضم فارس والروم والهند والأسبان والصين فتوحات لله وللخير.. وأنه ليس احتلالاً بل توحيد عقيدة وحكم.. هنا أيضاً تساءل الأوروبيون: إذا كانت هذه نظرتكم لفتوحاتكم فلماذا تنكرون علينا نظرتنا إلى فتوحاتنا ومنها الحروب الصليبية؟. |
وهذا أثار أسئلة أخرى.. العرب دخلوا فارس.. فتبدل حالها وتبدلت هوية مجتمعها بشكل سافر.. حيث تحولت أسماؤهم من نيروز وساسان إلى محمد وعلي وحسين.. وتغير لون شعرهم من الأشقر إلى الأسود.. ولون عيونهم من الأخضر إلى البني.. وفقدوا كثيراً من صفات الجنس الآري الذي ينحدر منه العرق الفارسي.. كما تغير لباسهم وعاداتهم وتقاليدهم ومواعيد أعيادهم وأيام إجازاتهم.. بل وتغير دينهم من عبادة النار إلى عبادة الله.. فهل صنع العرب كل ذلك بالفرس كرهاً لهم أم حباً فيهم؟. |
اعتدنا على أن تدوي صيحات الفضائيات والسياسيين بخطاب الهجاء لإسرائيل وأمريكا.. وتذكرون ترديدهم كيف أن إسرائيل من أجل جنديين هدمت لبنان.. وهنا أيضاً يظهر لنا أننا نرى الأمور بمنظارين.. فلو رجعنا قليلاً لوجدنا أننا لا زلنا نتلمظ بعذوبة استجابة المعتصم لصيحة المرأة (وامعتصماه).. وكيف أنه اجتاح (عمورية) وهدمها على رؤوس أهلها حينما انتهكت حرمة امرأة عربية ووصله استنجادها.. لماذا يحق للعرب ذلك ويحق لهم أن يفتخروا به ولا يحق للآخرين ذلك ولا يحق لهم الفخر به؟. |
سؤال مستفز لا شك في ذلك.. وهو نفس السؤال الذي أثاره شاعرنا الشعبي حينما قال: |
يوم دوركم وحنا صابرينا |
وش مجزعك من دورنا يوم جانا |
وهذا السؤال لا يختلف كثيراً عن موضوع الكيل بمكيالين الذي نال حقه أيضاً من الصياح والنواح والعويل.. فكيف يكيل العالم بمكيالين واحد في صالح العدو والآخر ضد مصالحنا.. وبقدر ما أن هذه الصيحة تبريرية ساذجة تنم عن هزال في القدرات.. بقدر ما هي مهينة لنا نحن العرب.. الكيل كان دائماً ومنذ أن خلق الله الأرض ومن عليها عن طريق مكيال الواقع وليس مكيال المفروض أو الواجب أو الحق أو الأخلاق أو الأصول أو التاريخ أو حتى المستقبل. |
الواقع وحقائق الواقع على الأرض هي المكيال الوحيد والمعترف به.. وهي التي على ضوئها تقسم الحقوق والواجبات. |
|