ماذا يعني أن تقوم مؤسسة «الجزيرة» الصحفية بدعم كراسي البحث في الجامعات السعودية؟

وما الأثر الإيجابي المتوقع من خطوة كهذه؟ للإجابة عن هذين التساؤلين لابد لنا أن نعرف أن كرسي البحث العلمي يهدف إلى دعم الأبحاث والدراسات التي تخدم الغرض الذي أنشئ من أجله هذا الكرسي،

وهو يتيح - أي الكرسي - للممول (فردا كان أم مؤسسة أم شركة) اختيار نوعية البحوث والدراسات وتوجيهها لتخدم مجاله، وطبيعة عمله، كما أنه يتيح للممول صلاحية المتابعة والمراقبة.

وفي البداية يجب أن نشيد بمؤسسة «الجزيرة» الصحفية ومسؤوليها على هذه الخطوة المتميزة، التي كسرت بها نمطية المؤسسات الصحفية، متجاوزة بذلك كثير من البنوك والمؤسسات والشركات الربحية التي من المفترض أن تقوم بدورها تجاه المجتمع، فبالإضافة إلى دور «الجزيرة» الريادي في نشر الثقافة والوعي تأتي هذه الخطوة لتضيف تميزاً إلى تميزها.

إنني أعتقد أن نتائج أبحاث ودراسات هذا الكرسي لن تستفيد منها مؤسسة الجزيرة وحدها، ولن ينحصر أثرها في نطاق ضيق بل ستشمل جميع جوانب العمل الإعلامي في المملكة، حيث ستثري تلك النتائج الوسط الإعلامي، وتثير حراكا إعلاميا واعيا مبنيا على أسس أكاديمية.

إن دعم مؤسسة «الجزيرة» للبحث العلمي يعكس درجة الوعي لدى المسؤولين في الصحيفة بأهمية هذا الجانب الحضاري وهي حقيقة وليست مجاملة، فهذا الجانب أو ما يسمى بالشراكة المجتمعية قلما نجد مؤسسات أو شركات لدينا تعي واجبها تجاه هذا الدور الطليعي، وتدرك أهميته وآثاره على المدى البعيد.

إن دور الصحف وتأثيرها في المجتمع يتجاوز العلاقة التقليدية بين المطبوعة والقراء، ويتجاوز علاقات الربح والخسارة، هو يتنامى تصاعديا مع وعي قياديي المؤسسة الإعلامية بهذا الدور، فعندما نجد بعض الصحف لها إسهام في العمل الاجتماعي أو الخيري، أو في مجال التنمية البشرية فهو مؤشر على وعي القائمين على هذه المطبوعة بأهمية الدور الذي يلعبه الإعلام في قيادة وتوجيه المجتمع نحو تفعيل هذا الجانب الذي يتوازى مع دور المؤسسات الحكومية. إن تمويل الصحف لكراسي البحث هي ظاهرة حضارية وتحسب لصحفنا، وبالذات لصحيفة «الجزيرة» التي أطلقت شرارة هذه التظاهرة الرائعة في تناغم وتكامل بين المؤسسة الإعلامية بما لها من أدوار وبين مراكز البحث بما لها من تأثير.

إن هذه الشراكة المجتمعية هي في أبسط صورها إحساس بالمسؤولية من الجامعة ومن الصحيفة لنشر الفكر الإعلامي وتطوير هذه الصناعة وتقديم كل ما يستجد في هذا المجال من أبحاث ومشروعات ونشرها عبر الصحيفة هي عبارة عن قناة للتواصل بين الجامعة والوسط الإعلامي.. تكامل بين الأكاديمي والمهني..

هي تغير مفصلي في آلية التفكير الذي تسير عليه جامعاتنا ومؤسساتنا الصحفية.. وهي خطوة متميزة تجير لمؤسسة «الجزيرة» باعتبارها صاحبة المبادرة الأولى على مستوى الصحف السعودية.