مَنْ مِنْ أبناء المدينة المنورة يذكر هذا الرجل؟ حتى النادي الذي كانت أسرة الوادي المبارك لم تذكره، رغم أنه يعتبر أول رئيس لنادي المدينة الأدبي! صحيح أن هذا النادي أخرج العديد من كتبه في حياته، وصحيح أن هناك - كما أذكر مدرسة باسمه - ولكن عبدالعزيز الربيع الذي رحل بهدوء، كان يستحق أكثر مما قدم له في حياته وبعد مماته، فقد كان هذا المربي الفاضل، الهادئ الطباع، الودود، شعلة لا تكل ولا تمل من النشاط، فهو حالم يأتي من إدارة التربية والتعليم يشرع في نشاط متعدد، النادي الأدبي، الأنشطة المدرسية على كافة الوجوه، المناسبات العامة، كانت خدمة الناس محور حياته، حتى إن بعض ضعاف النفوس وأعداء النجاح كانوا لا يجدون سبيلا لعرقلة عبدالعزيز عن سعيه الدؤوب لخدمة الأهداف التربوية والثقافية، سوى النيل منه الهمس الذي لا ينقطع عن الهدف الذي يسعى إليه عبدالعزيز الربيع من وراء الجري الدؤوب خلف الأضواء، رغم أن الرجل رفض الرحيل عن المدينة إلى العاصمة ليعمل مستشارا في الوزارة، وفضل البقاء في ظل إدارة التربية والتعليم، بعد أن حجبت عنه رعايته الأنشطة التربوية، ليبقى مديرا أو رئيسا لنادي المدينة الأدبي، لكن هذا الظل لم يحجب أضواء عبدالعزيز الربيع، القارئ والناقد والتربوي الكبير، حتى وجد ميتا متكئاً كعادته في صالون منزله، وحيدا إلا من رحمة الله ولطفه، فقد كانت أسرته في سفر، زوجته وأبناؤه، وربما ضن على نفسه بإجازة من عناء النشاط اليومي، رحمه الله.
لقد امتد شريط عبدالعزيز الربيع، أمامي عندما بدأت وبعض الزملاء في نادي الرياض الأدبي، تقليب عشرات الكراتين التي كانت تصب في مستودع النادي، عامرة بالكتب والدوريات، التي تصدرها الأندية الأدبية، وكان من ضمن تلك الكتب منشورات كثيرة، لنادي المدينة، غثها أكثر من سمينها، كما حال النوادي الأدبية في الأيام الخوالي، فقد كانت الفزعة والاخوانيات تلعب دورا كبيرا، في طباعة كتب فلان وحجب كتب علان، في غياب شبه تام عن أنشطة أخرى قد تساهم في رفع خروق الكتب، مثل المحاضرات والندوات الثقافية، التي كانت أندر من الكبريت الأصفر، والموجود فيها كان الخطاب الوعظي والديني سائدا، مع أن هذا النوع المطلوب من الأنشطة أماكنه عديدة، مثل الجوامع والمدارس والجامعات وغيرها من المنابر، أما الأندية الأدبية، فمن الضروري أن يكون لها من اسمها أنصبة وليس نصيب واحد!
كانت كتب عن الربيع التي وجدت له كثيرة ربما نشر بعضها بجهد صديقه وتلميذه محمد صالح البليهشي وربما نشرت في حياته، وكلها للأسف لم تجد طريقها من مستودعات النادي إلى المكتبات، هذه الكتب تعد سجلا لشرح خطاب عبدالعزيز الثقافي والنقدي والتربوي، لكن هذه الكتب المهمة دفنت في مكانها الذي خرجت منه!
أسأل الآن بعد رحيل الرائد التربوي والرائد الثقافي عبدالعزيز الربيع، هل يوجد في المدينة المنورة قاعة محاضرات أو مركز ثقافي باسمه، التي بذل من أجلها كل عمره؟ هو قومت نظرته إلى الأنشطة الطلابية المتعددة التي كان يرعاها كل مساء، أنشطة في الفن التشكيلي والمسرح والرياضة البدنية والرحلات، وهل قوم دوره بطريقة عادلة في قيادة أسرة الوادي المبارك، وبعد ذلك في قيادة النادي الأدبي، هل قوم دوره في رعايته الرياضة عموما بعيدا عن المدرسة؟ لقد قابلت عبدالعزيز الربيع لمرات معدودة وترك في نفسي، انطباعا جيدا، انطباع تلميذ يرى بعينيه وبقلبه، مدى عطاء وتفاني الكبار، رغم كل حبات المطر غير المتناهية التي تتناثر في طريقهم!
إبراهيم الناصر الحميدان
توضيحا لما نشره السيد عبدالله السمطي من تصريح لي، حول طباعة الأعمال الكاملة للأديب الأستاذ إبراهيم الناصر، أحب أن أوضح أن الكلام الذي نشر حول طلب الحميدان تولي الأستاذ عبد المقصود خوجة طباعة أعماله، وموافقة الأستاذ الخوجة على ذلك، غير دقيق، فقد قلت إنه طلب نقودا لطباعة أعماله وهذا حقه، فالكاتب - أي كاتب - يرغب في أن نطبع كتبه تحت نظره وبإشرافه، وهذا لا يقلل من احترامنا وتقديرنا للطرفين، وبخاصة وأن الأستاذ عبدالمقصود خوجة له أياد بيضاء على الساحة الثقافية في بلادنا سواء من خلال (الاثنينية) أم من خلال تبنيه طباعة الأعمال الأدبية والفكرية للكتاب السعوديين والعرب.. إن احترامي وتقديري ومحبتي للأستاذين إبراهيم الناصر وعبدالمقصود خوجة، يجعلني أقدم اعتذاري وأسفي لما نشر، علما بأنني طلبت من كاتب الخبر عدم نشر أي تصريح صحفي على لساني.. فكيف إذا كان هذا التصريح مشوها، وحسبي الله ونعم الوكيل.