«الجزيرة» - عبدالله الباتلي*
لا شك أن الكل ينتظر مواجهات الفرق الإيطالية الثلاث المتأهلة إلى دور الـ(16) في دوري الأبطال الأوروبي، ولا عجب فهي أقوى وأشرس مواجهات القرعة من جميع النواحي كما اتفق كل النقاد الرياضيين في الصحف الرياضية الأوروبية وإن اختلفوا في الأقوى بينها، فكل مباراة وظروفها وجاهزية كل فريق ستبين لنا الأقوى. ولكن الجميل في الأمر أنه لا يستطيع أحد التنبؤ بنتيجة هذه المباراة أو تلك، فالظروف متفقة والعزم واحد.
حامل اللقب وبطل أندية العالم إيه سي ميلان سيواجه المدفعجية متصدري البريمير ليق الأرسنال، وبطل إيطاليا ومتصدر الكالتشيو الإنتر سيواجه وصيف بطل الأبطال وصاحب الصولات الأوروبية ليفربول، والذئاب أبطال كأس إيطاليا ووصفاء بطل الكالتشيو روما سيواجهون بطل اللا ليقا ومتصدر الدوري الحالي الفريق الملكي ريال مدريد.
(الأبطال الجرحى ضد المواهب الشابة)
ميلان - أرسنال
لا شك أن عشاق كرة القدم ينتظرون هذه المواجهة لما تملكه من مقومات تجعلها محط أنظار الكثير من العشاق, فهي تجمع الخبرة والتمرس من جانب الميلان, والحيوية والشباب من جانب الأرسنال, فالميلان يحمل على كاهله إرث عرش كرة القدم بحكم فوزه بالبطولة الأوروبية الماضية ومن ثم كأس العالم للأندية, لكن الميلان يبدو في عيون المدفعجية لقمة سائغة وليس في أفضل حالاته فالإصابات تآكلته بسيناريو كان أشد المتشائمين بعيداً عن توقعه, فبعد ابتعاد ديدا عن مستواه في التصفيات وتكاثر أخطائه التي كان آخرها كانت في ديربي ميلانو قبل أن يتنفس الجمهور الصعداء ببروز الاحتياطي الأسترالي كالاتش ونجاحه في سد الثغرة تدريجياً, وفي الدفاع يبرز يانكلوفيسكي كأبرز العائدين من الإصابة رغم عدم جاهزيته التامة حتى اللحظة، كما أن خط الدفاع يعيبه البطء على الرغم من تألق نيستا واجتهادات أودو ولكن الجهة اليسرى متاحة تماماً نظراً لكبر سن مالديني وتواضع كالادزه وعدم جاهزية يانكلوفيسكي, وتكمن عظمة ميلان وقوته في خط وسطه لما يمتلكه من ثقل في الفريق إلا أن الإصابات الأخيرة حالت دون الإغراق في التفاؤل بين أنصاره, فبيرلو جاهز ولكن قاتوزو مصاب وبديله الحالي في الروسونيري والمنتخب الإيطالي هو أمبروسيني الذي قد يغطي غياب قاتوزو من الناحية الدفاعية فقط, أما جوهرة ميلان البيضاء وجالب الانتصارات مؤخراً والذي متى ما كان حاضرا تصعب هزيمة الميلان ريكاردو كاكا فهو للأسف ضمن ركب المصابين أيضاً، وبالنسبة لسيدورف فعلى الرغم من إمكانياته التي لا يختلف عليها اثنان إلا أن المزاجية تغلب عليه فلا أحد يستطيع أن يتنبأ بما سيصنع, ولكنه إذا حضر فسيكون فيصلاً في المنتصف كما فعل في السان سيرو أمام المان يونايتد العام الفائت، ويظل خط هجوم الميلان - من وجهة نظري - أضعف الخطوط بوجود الكم الهائل من الإصابات فيه فبعد بروز باتو ومن ثم إصابته، وعودة رونالدو ومن ثم إصابته، أصبحت المهمة أشق وأكدى على الرغم من تواجد أسماء لامعة مثل بيبو إنزاغي والموسيقار جيلاردينو إلا أنهما كثيرا ما يغيبان وكان كاكا دائماً يتحمل أعباء إنهاء المباراة، ولكن من سيتحملها الآن؟.
أما من ناحية الأرسنال فهو يمتلك فريقاً ممتعاً وشاباً لكن يعاب عليه قلة الخبرة وخصوصاً في حراسة المرمى, فألمونيا رغم إبداعاته الأخيرة في الدوري تظل له أخطاؤه التي تمحوها قلة خبرته كما أشرنا, أما خط الدفاع فيمتلك جداراً دفاعياً على أعلى طراز ابتداءً بجالاس ومروراً بحبيب كولو توريه, وانتهاء بإيبوي وسانديروس، وتعتبر الجهة اليسرى من أفضل خطوط الفريق بتواجد كلتشي الذي حاز على أعلى الدرجات في تقييم الصحف الإنجليزية, ويعتبر فابريقاس العقل المفكر في الفريق, كما أن تطور سونج الصغير الذي كان قنبلة الكاميرون في البطولة الإفريقية الماضية, وسيعاني ميلان كثيرا من سرعة روزسكي وأليكساندر هليب فهما سريعان أكثر مما يطيق محاور الميلان, أما خط الهجوم فسيجد فينجر مشاكل كثيرة من ناحية اختيار الأفضل فجاهزية فان بيرسي وتألق دودو مؤخرا وعودة أديبايور للتسجيل ستكون محيرة للمدرب, أعتقد أن الكثير من المتابعين يجهل أن هذه المواجهة هي الأولى بين فينجر وأنشلوتي.
الخلاصة: نتفق أن نقاط التفوق
للأرسنال تكمن في وسطه الهجومي بينما على العكس تماماً في الميلان فتفوقه في وسطه الدفاعي مما يعني أننا سنشاهد مباراة خاصة بين لاعبي الوسط، والجامع بين الفريقين كما قلنا ضعف أو شح الخطورة الهجومية، فكلا الفريقين يعتمدان على وسطهما لإنهاء الهجمات ويعتمدان على مهاجم (صوري واحد).
(اللعنة ضد الخبرة)
إنتر ميلان - ليفربول
لا أحد ينكر أن هذا اللقاء هو(مباراة الحلم في هذا الدور) لما تحمله من ثقل في صفوف الفريقين, فالريدز بقيادة (الداهية) بينيتيز - الذي يعشق هذه البطولة منذ توليه تدريب فالنسيا وصولا إلى الليفر- لم يكن صيدا سهلا للفرق التي يواجهها, وتعتبر هذه البطولة هي الميدان المناسب لإظهار إبداعات بينيتيز من الناحية الفنية, لذلك سيجد الإنتر صعوبة بالغة في إيجاد طريق للظفر بالتأهل, فرافا يمتلك خامات من اللاعبين التكتيكيين على أعلى طراز, والتكتيك يمثل أداته الأولى كما عرف عنه في مشواره الأوروبي، نظرة سريعة على الريدز تخبرنا عن وجود حارس ممتاز هو رينا في العرين الأحمر، وأمامه الخبير سامي هيبيا وزير الدفاع وجيمي كاراغر أو دانيال آغر إلى جانبه وبينان والمدفعية جون آرن ريسا، فهؤلاء يملكون من الخبرة والخبث الكروي الشيء الكثير, ويعتبر تشابي ألونسو وخافيير ماسكرانو وبين آيون والقائد الكبير جيرارد مفاتيح وسط جوهرية لا يمكن لرافا أن يستغني عنها، ومن ثم يكون أمام هذه الكتيبة عادة ديرك كويت والماتادور توريس وقد يستعين بالجناح الطائر بابل كعادته عندما يريد فك تكدسات المنافس، من خلال أداء الليفر مؤخراً يظهر جلياً اعتماده على الأطراف أكثر من العمق كما كان يفعل سابقاً وإذا ما استطاع الإنتر أن يغلق الأطراف جيدا سيكون قريبا من حصد بطاقة التأهل، تجدر الإشارة إلى أن رافا يمتلك دكة ممتازة تنقذه وقت الأزمات.
أما الإنتر فالفريق الإيطالي متذبذب القوة في مختلف الصفوف فحراسة المرمى مأمونة الجانب بوجود المبدع سيزار, وخط الدفاع بقيادة الماتركس ماتيراتزي وكوردوبا وتشيفو وبوجود مايكون وماكسويل كأظهرة يعتبر مطمئناً لعشاقه كثيراً متى ما كان الوسط في أحسن حالاته وتحمل بعض العبء، وذلك أن معاناة الإنتر الحقيقية تكمن في شح المحاور مع الإصابات فبعد إصابة كل من فييرا وداكور وستانكوفيتش ومن ثم عودة فييرا - غير الكاملة بعد- أصبح الحمل كله ملقى على عاتق كامبياسو وزانيتي الذي أصبح المنقذ الأول لروبرتو مانشيني بحيث يضعه في أي خانة شاغرة أو متى ما أصيب صاحبها، واعتماد مانشيني على هذين النجمين في الوسط يسانده وجود القادم بقوة خيمينيز, أما خط الهجوم فهو أفضل خطوط النيراتزوري بقيادة السويدي إبراهيموفيتش وتألق الأرجنتيني كروز، بالإضافة إلى الخبير كريسبو والقادم الجديد سوازو كبدلاء يفون بالغرض, أكثر ما يخيف الإنتريستا هو تخبطات المدرب مانشيني فهو دائما ذو قناعات غريبة تكون سببا في حدوث كثير من المشكلات للفريق.
الخلاصة: تميز الإنتر الهجومي يقابله
دفاع ليس في أحسن حالاته في الريدز، بينما نقطة القوة الأولى لليفر تكمن في وسطه الذهبي القادر على الاختراق من الأطراف أو العمق أو حتى عن طريق التصويبات بعيدة المدى عن طريق القاذفات (جيرارد وريسا) يقابلها وسط معقول دفاعياً قد يسانده الثقل الذي يمثله قلبا الدفاع في النيرازوري.
(الطموح ضد الكبرياء)
روما - ريال مدريد
يقف الضيف العتيد الفريق الملكي ريال مدريد حجر عثرة أمام طموح ذئاب العاصمة الإيطالية روما؛ حيث يريد الجياللوروسي تحسين الصورة القاتمة التي رسمها أبناؤه العام المنصرم في المباراة الكابوس التي أجهز فيها مانشستر يونايتد على أحلام الرومانيستا في الأولد ترافورد بسباعية لن تمحى من التاريخ الروماوي بسهولة.
على الطرف الآخر يسعى الفريق الملكي إلى إعادة الأمجاد وإحياء الذكريات الجميلة بكونه سيد أبطال أوروبا بألقابه التسعة.
على الورق وبالنظر إلى حال الفريقين في الدوريات المحلية فإن الريال يمتلك كاسياس والذي يعد في قمة تألقه هذا الموسم، وأمامه دفاع متأثر بالغيابات الكثيرة أبرزها القادمان بيبي وميتزلدر واللذان انضما لركب مصابي الفريق الملكي أيضاً، ليتيقى في دفاعه كل من كانافارو وراموس وهاينزه وميشيل سلقادو، أما وسط الريال ففيه تكمن المشكلة، فعلى الرغم من وجود عدد من النجوم كمامادو ديارا وقاقو وقوتي في منطقة المحور الدفاعي إلا أن التخبطات في تلك المنطقة هي سبب الضعف العام للدفاع الملكي، ولكن ما يعوض الأمر ويخفف العبء بروز الوسط الهجومي بدءاً من العائد للتألق خوليو بابتيستا إلا أن شريكه في الجنسية والنجومية روبينهو أصيب مؤخراً واحتمال مشاركته في ذهاب الأبطال ضعيف ولكن وجود القاذفة الهولندية ويزلي شنايدر يهون الأمر نوعاً ما، كما أن الهجوم قوي بوجود الهداف الرفيع فان نيستلروي والرمز المدريدي راؤول.
خطورة مدريد في تعدد منطلقاتهم الهجومية، فالفريق الملكي يغزو من عدة جبهات، وسياسة الهجوم خير وسيلة للدفاع هي المعتمدة عند شوستر باستغلال سرعة بابتيستا وشنايدر وروبن ودرينثي، والأخير الذي من المحتمل أن يزج به شوستر من البداية لتعويض الغيابات، ومما يطمئن شوستر جاهزية نستلروي لإنهاء أي هجمة وبأي طريقة في مرمى الخصوم.
أما الذئاب فإن وضعهم الحالي لا يسر، والأصلع سباليتي في حيرة من أمره بسبب الإصابات التي داهمت نجومه منذ بداية الدوري، وحتى العائدون مازال مستوى اندماجهم غير مرضٍ، وخواء الدكة أكثر ما يشغل بال الجمهور الروماوي.
وبإلقاء نظرة سريعة على الذئاب نجد المرمى محمياً بحارس متذبذب المستوى، فدوني -الذي كان سبباً في إحراز البرازيل لكوبا أميركا- يكون في القمة تارة وفي القاع تارة أخرى، أمامه دفاع يعتبر أسوأ الخطوط حيث إن مكسيس - العائد من الإصابة - يفتقد للتفاهم مع جوان -نجم البرازيل-، كما أن الأظهرة في روما دون المأمول دفاعياً وهجومياً قياساً بأظهرة الريال النارية، ولكن الأمل الرومانيستي معقود على وسط الفريق الذي قد يكون العلامة الفارقة بين الفريقين؛ فوسط روما فيه دي روسي وبيتزارو وأكويلاني -العائد من الإصابة أيضاً- في الجانب الدفاعي المساند للهجوم، ولديه أجنحة برازيلية على أعلى طراز بوجود تادي وسيسينهو - المنتقل من الريال- في الجهة اليمنى، والمزاجي مانسيني في الجهة اليسرى، وفي المقدمة يوجد هداف أوروبا فرانشيسكو توتي بالإضافة إلى المهاجم المتألق مؤخراً ميركو فوزينيتش والمتألق مؤخراً جولي.
الخلاصة: الفريقان متكافئان من
ناحية الوسط، ولكن كفة الريال تميل هجومياً في ظل التخبط الدفاعي الذي يعاني منه قلبا دفاع روما، وهذه النقطة بالذات هي التي سيحذر منها سباليتي كل الحذر وسيحاول شوستر استغلالها أيما استغلال، أما خطورة روما فهي من ناحية الأطراف الهجومية في ظل نزعة أظهرة الريال للتقدم بشكل مستمر، كما تمثل التصويبات بعيدة المدى والتي يجيدها كابيتانو روما توتي هاجساً مخيفاً لأسد عرين الريال كاسياس، والغلبة في النهاية ستكون لمن يحكم سيطرته على وسط الملعب.
*al-batli@hotmail.com