يتبادر لعقلي سؤال: بم حثت الرسالة المحمدية؟ ويتبادر لذهني بأحكام الإسلام، ولن اختلف في هذا. ولكن هناك صفة لابد أن يتحلى بها المسلم ومن المؤسف باتت غائبة عن الكُثر.
وقد وصف الله سبحانه وتعالى سيدنا محمد عليه السلام في كتابه العزيز (وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ).
النهج الرباني لم يمتدح نسب ولا حسب سيد المرسلين ولكن وصف خلقه الكريم عليه السلام.
ونحيا ونرى صورا ونماذج ابتعدت عن فضيلة الأخلاق رغم ادعائها.. وكل ما يأتي به فهو العكس!
ويذكر الحديث المرأة التي كانت تصلي وتتعبد ولكنها كانت تؤذي جيرانها بلسانها فقال عليه السلام هي من أهل النار.
هكذا جاء ديننا، فالخلق نعمة من الله وحس، ولكن هل استطعنا أن نزرعها في نفوس صغارنا كي يعتادوا عليها؟
الحياة تأتي كل يوم بصور شتى ولازلت اقرأ مفردات أصحاب، أدعياء الفضيلة، مما دفعني أجعلها إحدى وقفاتي.
وأذكر في حوارٍ عابر مع أبي حفظه الله، مر كسرعةِ البرق فذكرني أن أقرب الناس إلى سيدنا محمد عليه السلام في الجنة أحسنهم خلقاً.
ولكن حملت إليّ الأيام الماضية قتامة كالشتاء القارس. وربما كان دكاناً كالقهوة شاربيها بدرت من أصحاب أدعياء الفضيلة!
حاولت النصح ولكنه لم يجد نفعاً فقلت في خُلدي: دعيهم فالأيام كفيلة بتعليمهم وصفعات الدهر لهي خير مؤدب لهم.
والصورة التالية الواضحة في بروازها أنني منذ أكثر من ثلاثة أشهر أتعامل مع مدرسات من الغرب كأوروبا وأستراليا، وفي كل مرة ألمس دماثة الخلق الرفيع في حوارهن معي واحترامهن لي، والمصداقية في العطاء فأقف مأخوذة بما أرى!
ويتبادر لذهني الصورتان الأولى المغبشة لبني البشر والثانية كاملة الوضوح لهؤلاء الذين يحملون في حناياهم الصدق والفضائل الجمة والتي كان لابد أن نكون عليها نحن.
وأعود مرددة: الخلقُ سلوك ونهج يعتاد عليه الفرد منذ الصغر.
ومن يقرأ سيرة الرسول يجد جلياً خلقه الكريم عليه الصلاة والسلام.
وأقف مذكرة للسطور التي خطها الشيخ عائض القرني أنه كان في رحلة علاج إلى باريس قبل أشهر فعالجه طبيب يهودي وبعد جلسات العلاج سأل الطبيب الشيخ عائض عن سبب التطرف والإرهاب في بلادنا؟ فرد الشيخ: عند المسلمين واليهود والنصارى متطرفون، وشرح له.
ثم أعاد الكرة الطبيب سائلاً: هل هناك فرصة للحوار بين المسلمين واليهود؟ فذكر له بعض الآيات والمواقف وقال له قصة جار الرسول اليهودي عليه السلام في سكرات الموت فعرض عليه الإسلام فأسلم اليهودي فقال عليه السلام: الحمد لله الذي أنقذه بي من النار.
ويختم الموضوع القرني أنه في آخر لقاء للطبيب حدثه أنه هو وأهله من يهود المغرب وأن له جيراناً من المسلمين أحب إليهم من جيرانهم اليهود لما وجدوا منهم من حسن التعامل.
فقال له الشيخ: كيف لو قرأت سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم وحسن تعامله وجميل أخلاقه، وودعه وهو يسأل الله له أن يهديه للإسلام.