- المحاكاة والتقليد ليسا عيباً في حد ذاته، بل الأمم والشعوب والمجتمعات يستفيد بعضها من بعض على مر التاريخ، وكل مراحل التقدم والتطور تمر من هذه البوابة، لكن الملحوظ للأسف أن التقليد بين شعوب دول الخليج العربي أكثر من غيره، وهي جميعاً تسير على وتيرة واحدة أو متقاربة، لأنها تحكمها سياسة اقتصادية تتشابه ظروفها، ولو تجاوزنا التقليد في نمط وأسلوب الحياة الاجتماعية إلى ما هو أبعد من ذلك، إلى الحياة الاقتصادية ودراسة مظاهر النمو والتطور والمنافسة للحظنا أن دول الخليج بدأت المساهمات بالأراضي، فردمت لهذا الغرض مساحات شاسعة من مياه البحار وشرعت في بيعها، وكأنه لا تُوجد أراضٍ يابسة، وسارت معها موجة تقليد أخرى شملت إنشاء الأسواق وإقامة المجمعات التجارية المتعددة، وبناء ناطحات السحاب الشاهقة التي تنتظر من يسكنها من الوافدين بعد سنين عديدة، وبعد تفعيل كامل لأنظمة التجارة العالمية، وتنفيذ بنودها ولوائحها وشروطها التي طالما سمعنا بها، وسعدنا بالانضمام إليها .
* ومهما كان لهذه المناشط من سلبيات فإنها لا تقارن بظاهرة التقليد الأخرى التي امتدت بين شعوب المنطقة حين أخذت الشركات الصغيرة، والمؤسسات التجارية المحدودة تطرح نشاطها على شكل مساهمات في سوق الأسهم وبعلاوة إصدار مبالغ فيها، وغير مدروسة من جميع الجوانب، والنتيجة كما لاحظ البعض، وكما سيتبين ربما فيما بعد، حيث تم تداول بعضها بأسعار خالفت التوقعات .
* اعتقد أن كل مواطن خليجي يطمح أن نسعى إلى إنشاء شركات صناعية جديدة ومتطورة تدعم السوق المحلي وتنهض باقتصاد البلد على المدى البعيد، فالصناعة هي المعوّل عليها في نهضة هذه البلدان بحكم الثروات الموجودة فيها، كي نحقق آمال وتطلعات آمال الأجيال القادمة، ونضمن لهم - بإذن الله - حياة ملؤها الاستقرار والرفاهية، ويكفي لنا من النماذج الرائعة شركة (سابك) التي يرتكز نشاطها على صناعة البتروكيماويات، وهي المادة الأساسية في الصناعات المتطورة ولها ثقلها في المحيط العالمي، كما لا يمنع من التفكير جدياً في إنشاء شركات أخرى لصناعة السيارات، والمعدات، والأجهزة الإلكترونية المتقدمة، وبالذات في هذه المدن الصناعية التي وضع حجر أساسها باني النهضة الحديثة في هذه البلاد العزيزة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز - سدد الله خطاه على طريق الخير .