من منطلق: ماني بمن يأتي ولا يدرى به...
تأتي شركة أنعام بكل ما لها من شعبية وثقل قديم كان يهز أرجاء السوق، وبصفتها قائد مقال من منصبة في قيادة نوعية هامة من الأسهم، تأتي لتضع جواباً لعدد من الاستفسارات وتفك كثيراً من الرموز والاستفهامات، والتي شاءت أقدارها أن تكون منوطة بها.
منذ أن تم تعليق سهم (أنعام) عن التداول دخلت الشركات الصغيرة (الخشاش) في سبات طويل، ومنذ أن تم إعلان آلية تداولها الجديدة مطلع العام الحالي خسرت تلك الأسهم ما يقارب: 50% من قيمها السوقية، والآن الجميع يتساءل، هل ما زالت (أنعام) تملك تلك الساحرية الشفافة التي تكفل بعودة الروح من جديد لتلك الأسهم، ويعود معها نشاطها المعهود وعطاؤها غير المحدود، وتعوض شيئاً من خسائرها، أم يستمر الوضع على ماهو عليه؟.
منذ أن تم الإعلان عن آلية تداول السهم الجديدة، وهاجس السوق (الموازي) أو السوق (الثانوي) لم يفارق مخيلة المتداولين، ويوم الأربعاء القادم مع عودة (أنعام) سوف يتعامل المتداولون لأول مرة مع نسخة تجريبية لما يمكن تسميته بالسوق (الثانوي) أو (الموازي) وسوف يرون تأثيره على شركة وضعت بطريقة أشبه ما تكون بالاختبار لجودة ذلك السوق وفاعليته، والذي قد يزيح عن هيئة سوق المال صداعاً مؤرقاً ينتابها من فترة لأخرى جراء وجود الشركات الخاسرة والمتعثرة داخل السوق الذي به عدد لا يستهان به من الشركات القوية والواعدة.
تبدأ وتنتهي قصة شركة (أنعام) وتعود لتبدأ من جديد، وكلها إثارة ومفاجآت وأخبار مفرحة ومحزنة.
إن كان اكتتاب شركة الاتصالات السعودية في عام 2004 من أهم أسباب اتجاه المواطنين إلى سوق الأسهم، فأجزم أن (أنعام) - المواشي سابقاً - من أهم أسباب انتعاش المضاربة في سوق الأسهم بسعرها العشريني في مطلع 2004، وأنها حظيت بشهرة لم تحظَ بها كبريات شركات العوائد والأرباح، وأنها الشركة الوحيدة التي لم تخل منها محفظة متداول سعودي في يوم من الأيام، وأنها كانت في يوم من الأيام أحد أهم المؤثرات في سوق الأسهم السعودي وفي عموم المتداولين.
كانت بعض قرارات هيئة سوق المال حيال السهم عام 2005، وبالتالي وصولها إلى أقل من قيمتها الاسمية عام 2006 إشارات على ضعف السهم مالياً، وأنه مهدد أكثر من غيره بالإيقاف والإجراءات الصارمة حياله، ولكن شعبية السهم ونشاطه وتأثيره النفسي الكبير على المتداولين وعلى عدد كبير من شركات السوق كانت تحجب كل ذلك وتزيد الإغراء به.
تحمل الشركة كاريزما خاصة بها، وتأثير من الصعوبة الاستهانة به أو تجاهله، وقدرها أن ترتبط بها أحداث مهمة ومفصلية تتعلق بمسيرة السوق وتطوره. كما ارتبطت بها أرزاق عشرات الآلاف من المتداولين.
تحسنت قوائم الشركة المالية بشكل كبير، بعد التعديلات الأخيرة التي قامت بها إدارة الشركة، فهل الظروف هي من أجبر إدارة الشركة على هذا التغيير والتحسن الجذري، أم هي العقليات قد تغيرت وتحسنت؟!!
تبرز أهم متغيرات قوائم الشركة في تخفيض رأس المال إلى 109 ملايين ريال بعد أن كان 1200 مليون. وعدد الأسهم وصل إلى 10.900.00 سهم. وارتفعت نسبة الاحتياطيات لتصل إلى 6.8 % بالنسبة إلى رأس المال. وارتفع صافي الدخل إلى 7.4 ملايين ريال، جميع هذه الأمور تسمى (تحسن) وتسمى (تطور) و (تغير) وإن كانت جاءت مقابل تنازلات باهظة جداً كلفت ملاك السهم الكثير.
ولكن.. قبل ساعات قليلة من إعلان ((تداول) لطريقة وآلية تداول (أنعام)، فاجاءت إدارة الشركة الجميع بهذا الإعلان:
بالإشارة إلى إعلان شركة مجموعة أنعام القابضة بتاريخ 16-1-2008م عن النتائج المالية الأولية المنتهية في 31-12-2007م وحيث ذكر بأن الأرباح التشغيلية من 1-1- 2007م والى 31-12-2007م بلغت مليون ريال، والصحيح هو 499 ألف ريال، كما تغير صافي الربح التشغيلي للفترة من 1-10- 2007م إلى 31-12-2007م من 3.7 ملايين ريال إلى 3.6 ملايين ريال وذلك نتيجة لإعادة تبويب مراجع الحسابات المخصصات ضمن المصروفات الإدارية والعمومية.
تصحيح جديد لقوائمها وأرباحها التشغيلية، بصورة غريبة، وفي توقيت مثير للبلبلة!!.
فهل مازال التلاعب وعدم الشفافية والاستهانة بحقوق المساهمين يضرب بأطنابه في أرجاء الشركة، وهو أحد أهم أسباب إيقافها، أم أن الوضع تغير إلى الأحسن مع الإدارة الجديدة ؟!.
لقد اهتمت هيئة سوق المال بالسوق كثيراً على حساب شركة (أنعام) وقد يلتمس لها العذر في ذلك، ولكن كل ما يرجوه المتداولون وملاك السهم ألا تطول فترة التداول الآلي الجديدة على السهم، وأن يعود سريعا إلى وضعه الطبيعي، فجميع العوامل المحيطة بالسهم من ارتفاع سعره، وقصر فترة التداول، وعودته بعد عام كامل من الحجب، كل هذه العوامل قد تخلق ضغطاً كفيلاً بإرباك السهم وإرباك ملاكه، أكثر مما هم فيه من ضغط وإرباك، وكل الأمل أن يكون ذلك محل اهتمام الهيئة.