كتب - عبدالعزيز العبيد
أصدرت لجنة الاحتراف قرارها في ما يخص قضيتي اللاعبين يوسف السالم وأسامة هوساوي، وكان هناك عدد من النقاط اللافتة والتي لا أسلط عليها الضوء إلا طمعاً في التقدم في فهم الاحتراف ولوائحه للمشجع والإعلامي والاستفادة من آراء منسوبي لجنة الاحتراف حول عدد من النقاط التي سيكون طرحها مفيداً للجميع للحوار في لوائح الاحتراف.
إن الأمر اللافت للنظر في قرار اللجنة قبل الخوض في أي تفاصيل أخرى في كل قضية هو طريقة تقديم البيان للرأي العام، حيث لفت النظر نقطة أعتقد أنها من الأهمية بمكان ويجب أن أتوقف عندها وإيضاحها، وهي أن هذا البيان الذي صدر يوم الأحد الماضي أوضح في حالة انتقال يوسف السالم إلى نادي الشباب المرجعية القانونية التي بني عليها القرار الصادر مقتبسة من لائحة الاحتراف حسب المادة الحادية عشرة وهو أمر رائع أن تتم إعادة القرار إلى اللائحة لإحداث الإقناع لدى المتلقي بتبرير القرار قانونياً وبشكل واضح وحتى لا يكون هناك أي لبس وهو احترام للرأي العام ورفع لمستوى الوعي أن تتم طرح الأمور المشابهة لهذا الشكل، ولكن في المقابل تم عرض قضية أسامة هوساوي بشكل مبهم تماما وغير مستند إلى نواحٍ قانونية كما هي الحالة الأولى الخاصة بيوسف السالم وخصوصا أن هذا هو القرار النهائي في القضية وهنا أجد تضاربا في التوجه حيث (قصد) في قضية السالم الإيضاح والإقناع فيما كانت قضية الهوساوي مبهمة وغير واضحة وخصوصا وأن القضية قابلة للتكرار وسيصبح مثل هذا الحكم مرجعا يستند إليه ولم يتم شرحه حاليا بشكل واضح للمتلقي وأعتقد أن هذا سيشكل مشكلة مستقبلية في فهم الحالات المشابهة والاختلاف بين الحالات والقضايا ذات الصلة.
*****
قضية السالم
وهي القضية الأوضح وتمت بين ناديي الشباب والقادسية وتم الحكم فيه لصالح فريق الشباب في أحقيته بتوقيع اللاعب استناداً إلى الفقرة الأولى من المادة الحادية عشرة وما يخصه من تفاصيل ويحق للشباب الفوز بالقضية ولا جدال في ذلك استناداً إلى الفقرة 6-4 من المادة السابعة ثم خطأ نادي القادسية (حسب اللائحة) في المادة الحادية عشرة وأيضا قوانين الاتحاد الدولي التي توضح بأن اللاعب يستطيع توقيع عقد مع نادٍ جديد بتاريخ لاحق لتاريخ انتهاء عقده إذا تبقى من عقده مع ناديه الحالي أقل من ستة أشهر.. ولكن المر اللافت للانتباه كثيرا في هذه القضية هي المبالغ المالية المترتبة على هذا الانتقال، حيث سيدفع نادي الشباب خمسمائة ألف ريال بدل تدريب (لا يدفعها الشباب إلا إذا كان اللاعب أقل من ثلاث وعشرين سنه أما إذا تجاوز السن المحدد فلا يستلم ناديه بدل التدريب) وهو مبلغ وفق مسطرة محددة مسبقا ولن أتناوله في هذا الموضوع ولكني أرغب في الحديث عن المبلغ الآخر وهو المليون وخمسمائة ألف ريال وهي قيمة الـ 75 بالمائة من بدل الانتقال وهنا يصبح الأمر غير مفهوم بالفعل فاللجنة (حسب ما فهمت) استندت في تحديد هذا المبلغ إلى البند الحادي عشر من الفقرة الخامسة (ضوابط الانتقال) من المادة الثانية عشرة من اللائحة (انتقال اللاعبين) والتي تنص على الآتي (يستحق النادي السابق بدل انتقال من النادي الجديد يتم الاتفاق عليه بين الناديين على أن تكون حصة اللاعب 25% وحصة النادي السابق 75%).
هذا القرار يوضح بأن القادسية ستحصل على مبلغ مالي ولكن في مقابل ماذا فعليا؟ فعقد اللاعب سيكون منته والشباب سيدفع هذا المبلغ لمدة مبهمة فهو لم يشتر مدة عقد في القادسية! ودفع بدل الانتقال يعني بأن اللاعب الحر ليس من حقه الانتقال مجانا لأن عقده منته! وهو أمر ضد القوانين الدولية! إذ بدل الانتقال سيكون حسب ماذا؟ الحالة تقول بأن اللاعب سينتهي عقده وهو لن ينتقل فعليا من ناد إلى آخر بالاتفاق بين ناديين بل سيوقع عقدا جديدا لانتهاء عقده السابق.
الواضح لي بأن الشباب - وأي ناد سيقع في نفس الوضع مستقبلا - متضرر من هذا البند فهو لم يتفق مع القادسية على شراء عقد لاعب بل وقع مع لاعب بتاريخ لاحق لانتهاء عقده وهو -أي اللاعب- سيكون وقتها لاعباً حراً ليس مملوك العقد لأي ناد، فلماذا التعويض إذا؟ يبدو أن البند المتعلق ببدل الانتقال يخص نقطة أخرى وهي مبهمة وغير موضحة في الضوابط لأن اللاعب حر في التوقيع للنادي الذي سيرغب به وحتى لو قيل بأن الشباب اتفق بعد ذلك من القادسية فالمهم لدينا هنا هو الحالة وليس اسم الناديين والحالة هي انتقال لاعب بعد انتهاء عقده وليس اتفاق ناديين على الانتقال.
واللافت للنظر هنا هو أن البدل 75% هو من ضوابط الانتقال الفقرة الخامسة من المادة الثانية عشرة الخاصة بانتقالات اللاعبين والمادة الثانية عشرة لا تتضمن الوضع القانوني للاعب الذي سينتهي عقده في المدة أقل من ستة أشهر إن هذا يدل بوضوح على أن الضوابط تطبق على المادة الثانية عشرة وليس على الأمور التي لا تتضمنها مثل حالة السلم.
** أمر أخير متعلق بهذه الصفقة وهو التماس القادسية حسب ما نشر في الصحف حول انتقال اللاعب فالقادسية تتمسك بالمادة الثانية عشرة (الفقرة الأولى: النادي الراغب في انتقال لاعب إليه مازال عقده ساريا مع ناديه: على النادي الذي يرغب في انتقال لاعب إليه مازال عقده ساريا مع ناد آخر.
أ) أن يحصل على موافقة هذا النادي كتابيا...الخ).
ومن الواضح بأن هذه الفقرة خاصة برغبة الانتقال بالاتفاق بين ناديين وليست للاعب منته عقده ولكن في رأيي الخاص لو تمت الإشارة إلى استثناء اللاعب المتبقي على عقده أقل من ستة أشهر أو استثناء الفقرة 6-4 من المادة السابعة لكان الأمر واضحا للجميع ولا لبس فيه فالقادسية يرتكز على أن اللاعب مازال عقده ساريا ولكنه لم يفهم الفقرة المشار إليها مسبقا والإشارة لهذه الفقرة ستعمق الفهم للائحة أكثر في طرح المادة الثانية عشرة.
قضية الهوساوي
كما أشرت سابقا اللجنة لم توضح عبر بيانها أي أمر قانوني بالتفصيل كما في القضية السابقة ولكنها أشارت بأنه حسب دراستها لخطاب الاتحاد الدولي وأن التسجيل سيكون بدءاً من شهر يونيو القادم وأن على الهلال إصدار خطاب الضمان البنكي لنادي الوحدة خلال مدة عشر أيام كحد أقصى.
لا جديد في هذا الأمر فالهلال سيدفع مبلغ التسعة ملايين ريال لنادي الوحدة لموسم كامل لن يستفيد منها سوى أربعة أشهر (بدءاً بالتحاقه بالهلال حتى نهاية عقده) وسيضيع على الهلال مدة ثمانية أشهر سابقة (إذا كانت الثمانية أشهر لاحقة لتاريخ نهاية العقد فهو يعني بيع مدة من العقد ليست مملوكة في الأساس للوحدة) وسبق لي وتحدثت في هذا الموضوع في وقت سابق وأشير إلى التالي:
** تقول الفقرة 6 من ضوابط الانتقال للمادة الثانية عشرة (إذا رغب النادي الحالي الاحتفاظ باللاعب وعجز عن سداد ما نسبته 30% من قيمة أعلى عرض خلال عشرة أيام عمل ينتقل اللاعب للنادي صاحب العرض الأعلى).. ثم تقول الفقرة 8 (تمنح اللجنة النادي واللاعب مهلة سبعة أيام عمل لدراسة العروض والرفع لها بنتيجة هذه الدراسة على أن تقوم اللجنة بإنهاء إجراءات انتقال اللاعب خلال خمسة أيام عمل من تاريخ نهاية الفترة الممنوحة للنادي واللاعب لدراسة العرض.
ولكن اللاعب رغم ذلك لم ينتقل وهو يعني (تبعا لما أقرأه وأتوقعه فلم يتم الإفصاح عن مضمون الرد للاتحاد الدولي في البيان الرسمي) حسب ما يتضح بأن الاتحاد الدولي لكرة القدم رفض انتقال اللاعب إلا في فترة التسجيل المحددة.
إن هذا الأمر يدل على وجود خلل في اللائحة وأن التحديد في الصياغة يجب أن يكون متضمناً فترات التسجيل وهو أمر يقود إلى أمر آخر فكيف يدفع ناد مبلغاً مالياً لمدة سنة كاملة (بشكل نظامي) ولكنه لن يستفيد من لاعبه إلا في جزء من هذه المدة رغم التزامه بالدفع المالي؟
** أعتقد بأن قضيتي الهوساوي والسالم مجتمعتين ستضر كثيراً باللاعب السعودي مستقبلا فوضع اللاعب غير الموافق على تجديد عقده مع ناديه محلي لائحة انتقالات هي منح له من حرية الاختيار وإجباره على تحديد خياراته المستقبلية فيما يفترض بأن تكون للاعب الحرية في التوقيع.
والخلاصة هنا ووجهة النظر الشخصية لي بالموضوع هو أن وضع اللاعب على لائحة الانتقالات هو أمر يظلم اللاعب السعودي.
وهنا أتمنى أن يتم إيضاح هذه الحالة: ماذا إذا كان اللاعب أجنبيا فهل يحق للنادي وضعه على قائمة الانتقال المحلية إذا تبقى على عقده أكثر من ستة أشهر ويصبح بذلك غير قادر على الانتقال إلى أي ناد محلي آخر إلا بعملية مزايدة؟ ثم كيف سيكون الوضع لو كانت الإجابة (بنعم) لو اشتكى (اللاعب الأجنبي) للاتحاد الدولي؟ أما إذا كانت الإجابة (بلا) فهو يؤكد أن هناك ظلماً للاعب السعودي وحجب حقه في العمل لجهة أخرى إذا انتهى عقده.
بالإضافة إلى أن اللاعب إذا وقع إلى جهة خارجية فالقانون الدولي هو الذي سيطبق في النهاية حتى لو كان معروضا على قائمة الانتقال والأولى هو أن نتعامل مع الأمور العامة كالانتقالات كتعامل الدول ذات الباع الطويل التجربة الكبيرة في الاحتراف وقوانين الاتحاد الدولي وأن يكون التخصيص للقوانين المحلية الخاصة بكل اتحاد في الحالات التي من الممكن أن تخلق حالات من اللبس أو تفتح مجالاً للتلاعب مثل ما يحدث في إيطاليا على سبيل المثال في منع اللاعبين من استغلال ما بعد الفترة المحمية بين الأندية الإيطالية مع إمكان استغلالها مع دول أخرى.
خاتمة
أتمنى من لجنة الاحتراف بأن يكون هناك بيان شامل لملابسات كل قضية على حدة لفهم أعمق لما حدث وتطوير العمل بلوائح الاحتراف الجديدة وعرض الأمر للجميع حتى تتم الاستفادة من جميع الآراء والنصائح التي من الممكن أن تفيد الاحتراف ولوائحه وفهم قوانينه جيد للرأي العام.
وأقل الإيمان وهو الأمر الذي أجده من الأهمية بمكان هو أن تجتمع اللجنة بجميع مسؤولي الاحتراف بالأندية السعودية وعرض القضيتين وملابساتهما بشكل واضح وفتح باب المناقشة معهم حتى تتحقق الفائدة للجميع فالمستقبل سيحمل قضايا مشابهة.
في النهاية أود أن أشير إلى أن هذا الطرح وما سبقه لم أرد منه إلا (الفائدة فقط) ومنطلقاً من الاستفادة من لجنة الاحتراف المناط إليها نشر ثقافة الاحتراف للقطاعين العام والخاص وخصوصاً وأن وضوح الرؤية أمر يهم المستثمر في الأندية السعودية.