الرياض - هلال القرشي
يلاحظ الكثيرون امتلاء الأسواق التجارية بالإعلان عن التخفيضات التي تقدّمها بعض المراكز التجارية خصوصاً بعد موجات الغلاء التي اجتاحت الأسواق في المملكة بعد ارتفاع التضخم ويستعمل الكثير من المحلات التجارية التخفيضات للإيقاع بالمستهلك من خلال إغرائه بتخفيض بعض المنتجات ورفع أسعار منتجات أخرى لا يشملها التخفيض... وقد كان ل(الجزيرة) جولة ولقاءات مع عدد من الباعة والمستهلكين.
التخفيض مطلب
يرى أحمد الأزوري أن التخفيضات مطلب يطلبه المستهلك لأنه يخفف عنه عبئاً اقتصادياً كان ينهك كاهل ميزانيته العائلية. ويؤكد أن وجود التخفيضات ضروري خصوصاً عندما توجد منافسة بين عدد من المحلات العاملة في نفس المجال، حيث يستطيع المستهلك أن يميز بين المحل الغالي والمحل الرخيص من خلال ما يلفت نظره من التخفيضات الموجودة.
لماذا التخفيضات؟
توقفت (الجزيرة) لدى أحد المحلات التجارية المتخصصة في الملابس النسائية والواقعة في أحد المراكز التجارية بمدينة الرياض، حيث وجدنا إحدى القطع قد بلغت نسبة التخفيض عليها 75% فبعد أن كانت بأكثر من ثمانمائة ريال فهي الآن تعرض بما لا يتجاوز مائتي ريال فقط. وتقول سحر سرحان إن ما تقوم به محال الأزياء النسائية من تخفيضات خيالية ما هي إلا لجذب المتسوقات، ونحن معشر النساء لا نصدّق أن نرى أي تخفيضات حتى لو كانت وهمية إلا ونسعى إليها لأننا نرى أننا انتصرنا على هذا المحل عندما نشتري منه بسعر منخفضٍ عما كان عليه.
أما مصطفى بكري الموظف بإحدى وكالات الأزياء النسائية العالمية فإنه يبرر ل(الجزيرة) هذه التخفيضات في أمرين أولهما رغبة المحل في جذب عدد من الزبائن لكسبهم كعملاء للمحل بعد اقتناعهم بما يقدّمه المحل ومن ثم يقوم المحل بإعادة الأسعار لما كانت عليه، وثانياً لكي يقوم الوكيل بتصريف ما لديه من قطع لكي لا يتكلف عملية شحنها مرةً أخرى لبلد المنشأ.
التخفيضات تغري الأغلبية
وفي استطلاع أجرته (الجزيرة) شمل أكثر من 400 شخص من مرتادي المراكز التجارية أكّد أكثر من 70% من العينة التي أجري عليها الاستطلاع أنهم لا يتجهون للأسواق إلا عندما يتم الإعلان عن تخفيضات موسمية فيما أكّد الـ30% الآخرين أنهم يرتادون الأسواق والمراكز والمحال التجارية عندما يحتاجون لها بغض النظر عن وجود التخفيضات من عدمها. ويرى خبير التسويق والإعلان وليد الشهري أن ما يحصل في عدد من المحال والمراكز التجارية في المملكة وفي غالبية دول العالم يعد استخفافاً بالمستهلك البسيط الذي يأتي للعديد من المحلات التجارية التي تعلن عن تخفيضاتها ثم لا يلبث إلا أن يفاجأ بالتضليل الإعلاني الذي مارسه المحل من خلال الفرق بين الإعلان والواقع.
نواعم الVIP يعارضن!
لم نتوقع خلال جولتنا أن نخرج بعدد من الآراء النسائية المعارضة للتخفيضات إلا أننا وبعد التحقق من ذلك اعترفت لنا منى الرويلي بأنها ممن يعارضن التخفيضات وهي من أصحاب الدخل العالي وذلك بسبب أنها في إحدى المناسبات الاجتماعية كانت قد اشترت فستان سهرة من إحدى الماركات العالمية المشهورة بمبلغ سبعة آلاف ريال إلا أنها فوجئت بإحدى الحاضرات في المناسبة قد لبست نفس لباسها مع عدم قدرتها المالية على شرائه وقالت بالتأكيد هذا من التخفيضات!!
الهايبر ماركت... حدّث ولا حرج
توقفنا عند أحد الهايبر ماركت الموجودة في مدينة الرياض، حيث أعلن عن تخفيض سلعة بنسبة تتعدى الـ80% إلا أننا وبعد وصولنا إلى المحاسب فوجئنا بأن سعر السلعة هو سعرها الطبيعي الذي يزيد عن سعر الإعلان 80% وعندما سألنا المحاسب - الذي فضّل عدم الكشف عن اسمه - أخبرنا بأن هذه الحركة تقوم بها إدارة السوق لجذب المستهلكين لأنهم عندما يرون سلعة مخفضة بشكل رهيب كهذا يتبادر إلى أذهانهم أن الهايبر ماركت يتمتع بأسعار مخفضة ويضيف: من أراد معرفة الهايبر ماركت ذي الأسعار الطبيعية فإنه الذي لا يقوم بالإعلان بكثافة عن تخفيضاته.
ويقول محمد أبانمي أحد العاملين في أحد الهايبر ماركت إنهم يتفننون في تخفيض عدد من السلع تخفيضاً خيالياً بطرح كمية منها ستنتهي قريباً لجذب المستهلك فهو لن يأتي إلى هنا لشراء هذا المنتج فقط، بل لديه العديد من المنتجات التي يريدها ونحن بدورنا نعوض التخفيض الذي قمنا به في هذه المنتجات الأخرى وهذا عمل غالبية الهايبر ماركت حول العالم.
برمجة الربح
(أجهزة التجار تحب لهم الربح ولنا الخسارة)، هكذا يقول وليد الحربي الذي وجدناه في اشتباك مع مدير أحد الهايبر ماركت بعدما قام بشراء مسحوق تنظيف بقيمة 17 ريالاً بعد أن كان عليه تخفيض كما يقول الإعلان بـ10 ريالات فقط ويستغرب الحربي بقوله إن سعره الأصلي 13 ريالاً!! لكن مدير الهايبرماركت كان جوابه جاهزاً بأن ذلك يتم عن طريق برمجة الجهاز التي لا يستطيع التدخل فيها. ويضيف الحربي أنا واحد من مئات المستهلكين تنبهت لارتفاع السلعة فهل سيتنبه غيري للتضليل الممارس من هؤلاء؟!!
الرقابة... نائمة
يستغرب المواطن هشام الزهراني من عدم وجود رقابة على من يمارسون مثل هذه الممارسات الخاطئة في التخفيضات والتي يقع ضحيتها المواطن البسيط الذي يأتي لاهثاً يبحث عن توفير مبالغ من هذه التخفيضات وتأتي هذه المحلات لتسيطر بغلائها في المنتجات غير المخفضة على عشرات الريالات، وقال: أين هم موظفو الرقابة المسؤولون عن مراقبة الأسواق وحماية المستهلك، وأضاف: هم أنفسهم قد يكونون بحاجة لمن يراقبهم.